على هامش اجتماع الصين والولايات المتحدة:

يانغ جيتشي ووانغ يي مهندسا الدبلوماسية الصينية

يانغ جيتشي ووانغ يي مهندسا الدبلوماسية الصينية

-- يعتبر يانغ جيه تشي أحد كبار المهندسين المعاصرين للسياسة الخارجية الصينية
-- يعرف الذي يطلق عليه الإعلام الصيني الثعلب الفضي، لحيله الدبلوماسية، كيف يُظهر أنيابه
-- اشتهر وانغ يي بقدرته على سحر محاوريه، وصاغ سمعته كرجل لطيف ولكنه عنيد مع نظرائه الأجانب
-- من خلال أفكاره، يجسد يانغ حقًا الفكرة القومية التي أصبحت تطبع الصين في السنوات الأخيرة


قامت الصين والولايات المتحدة في عهد بايدن بكسر الجليد. وتم عقد الاجتماع الأول أمس الخميس بين مسؤولين دبلوماسيين صينيين ونظرائهم الأمريكان في أنكوريج، ألاسكا.
ولتأمين عملية استعادة التواصل هذه، أرسلت بكين اثنين من أرقى مبعوثيها: وانغ يي، وزير الخارجية الصيني، ويانغ جيه تشي، رئيس مكتب الخارجية في الحزب الشيوعي.

«حقيقة إرسالهما معا، ترسم بوضوح أهمية هذا الاجتماع بالنسبة للصين”، يشير فرانسوا جوديمينت، مستشار آسيا لمعهد مونتين، الذي كانت بالنسبة له الرسالة واضحة. في الواقع، لن يكون الثنائي فائضا عن الحاجة لبدء مناقشات لا تخفى صعوبتها وحدتها مع الإدارة الأمريكية، حيث اختلف البلدان في الأشهر الأخيرة حول جميع الموضوعات تقريبًا: من التجارة، إلى دور بكين في بحر الصين، مرورا بمعاملة الأويغور في شينجيانغ. ولكن من هما ربان السفينة الدبلوماسية الصينية؟ فيما يلي بورتريه موجز للمسؤولين الصينيين:

يانغ جيه تشي، المفكر القومي
يانغ جيه تشي، المخضرم في الدبلوماسية الصينية، يشغل منذ عام 2013 منصب مدير مكتب اللجنة المركزية للشؤون الخارجية للحزب الشيوعي الصيني، وهو أعلى دبلوماسي خلف الأمين العام للحزب شي جين بينغ. ومنذ عام 2017، هو أيضًا واحد من 25 عضوًا في المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني (المكتب السياسي).
على هذا النحو، فهو يعتبر أحد كبار المهندسين المعاصرين للسياسة الخارجية الصينية. قبل ذلك، شغل هو نفسه من 2007 إلى 2013 منصب وزير الخارجية.

 فترة أثبت فيها أنه رائد دبلوماسية هجومية، تُستخدم الآن على نطاق واسع بين المسؤولين الصينيين.
«من خلال أفكاره، يجسد يانغ جيه تشي حقًا القومية المتحررة من أي عقد التي أصبحت تطبع الصين في السنوات الأخيرة. وقد نما نفوذه عندما أصبح رئيسًا لمكتب الشؤون الخارجية للحزب، حيث أصبح هو الذي يوجه السياسة التي تنفذها الجهات المعنية”، يؤكد بارتليمي كورمونت، مدير الأبحاث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية، المتخصص في الصين. عام 2010، كان لوزير الخارجية آنذاك، يانغ جيه تشي، تأثيره في مؤتمر لوزراء الآسيان (رابطة دول جنوب شرق آسيا)، واصفا تصريحات هيلاري كلينتون بشأن حرية الملاحة في جنوب الصين بأنه “هجوم على الصين”. وأضاف “الصين دولة كبرى والدول الأخرى دول صغيرة وهذه مجرد حقيقة”، مدعيًا هيمنة إمبراطورية الوسط على المنطقة.

ودلالة على مزاجه، أطلق عليه جورج دبليو بوش لقب “النمر يانغ”، خلال زيارة إلى التبت في أواخر السبعينات، عندما تم تعيينه في مكتب الترجمة التابع لوزارة الخارجية. إشارة أيضًا إلى سنة ميلاده (1950، سنة النمر). في ثمانينات القرن الماضي، التحق بعد ذلك بالسفارة الصينية في الولايات المتحدة، حيث تولى زمام الأمور بين 2001 و2005، ما يفسر انه من كبار الخبراء في شؤون أمريكا.

وانغ يي، المنفذ المتحمس
يمكن لـ يانغ جيه تشي الاعتماد على دعم وانغ يي، وزير الخارجية الحالي والنجم الصاعد للحزب. اشتهر هذا الملازم المخلص لـ “شي جين بينغ” بقدرته على سحر محاوريه، وقد صاغ سمعته كرجل لطيف ولكنه عنيد مع نظرائه الأجانب.

في السابعة والستين من عمره، يعرف الذي تطلق عليه وسائل الإعلام الحكومية الصينية، “الثعلب الفضي”، لحيله الدبلوماسية، يعرف كيف يُظهر الأنياب. عند سؤاله عن حقوق الإنسان في الصين من قبل صحفي كندي في مؤتمر صحفي عام 2016، لم يخف وانغ يي انزعاجه. “سؤالك مليء بالأحكام المسبقة ضد الصين، وبغطرسة لا نعرف من أين أتت... إنه غير مقبول تمامًا بالنسبة لي”، قال رافضا بصرامة.

عمل وانغ يي في التسعينات في السفارة الصينية في اليابان، قبل أن يصبح عام 2001 أصغر نائب لوزير الخارجية، ثم وزيرًا عام 2013، بعد يانغ جيه تشي. منذئذ، يلعب وانغ يي دور الجندي في خدمة طموحات الرئيس شي جين بينغ الجيوسياسية. أعلن في 7 مارس خلال مؤتمره الصحفي السنوي أن “المائة عام من عمر الحزب الشيوعي (عام 2021) ليست سوى ديباجة لعمل عظيم سيستمر قرونا».

«وانغ يي هو منفذ متحمس للسياسة الخارجية التي يقررها الحزب. لا ينحرف كثيرًا عن الخط الرسمي، على عكس يانغ جيه تشي في عصره”، يشير بارتليمي كورمونت. مزاج سمح له بالانضمام إلى الدوائر العليا في البلاد. عام 2018، عينته بكين كأحد مستشاري الدولة الخمسة، وهو تكريم رفيع المستوى تقديرا لدفاعه القوي عن المصالح الصينية في الخارج.

 في السنوات الأخيرة، ظهر “الثعلب الفضي” على جميع الجبهات: في بعض الأحيان لليّ ذراع إدارة ترامب في الحرب التجارية ضد واشنطن، أو للقيام بجولة في أوروبا -خاصة في فرنسا الصيف الماضي -للدفاع عن الشراكات الاقتصادية مع الصين، أو منددا “بالتدخل الأجنبي” امام الانتقادات الغربية للقمع الصيني في هونغ كونغ وشينجيانغ. ولا شك أنه سيتمكن من الاستفادة من هذه التجربة القتالية في المباراة المصيرية مع الامريكان التي انطلق شوطها الأول أمس الخميس.