الاحتجاجات مصدر قلق كبير وتأخذ منحى أكثر خشونة

أفق مظلم في لبنان.. اقتصاد يتهاوى وحكومة تتخبط

أفق مظلم في لبنان.. اقتصاد يتهاوى وحكومة تتخبط


يعيش لبنان أياماً سوداء مع تردي الأوضاع الاقتصادية إلى مستوى غير مسبوق، واستمرار الاحتجاجات المطالبة برحيل الحكومة التي لم تقدم أي جديد في ظل سيطرة حزب الله المطلقة عليها، ودخول قانون العقوبات الأمريكية “قيصر” حيز التنفيذ، إضافة لاستمرار نزيف الليرة اللبنانية وتدهور سعر صرفها بشكل كبير أمام الدولار الأمريكي.
باتت الاحتجاجات في لبنان مصدر قلق كبير بعد أن أصبحت تأخذ منحى أكثر خشونة يمس النسيج الاجتماعي للبلد الذي عانى مراراً من أزمات طائفية مزقت وحدته لسنين طويلة، ويؤكد تقرير لموقع “دوتشه فيلله” نشر ، أن “الاحتجاجات في لبنان ثارت في بداياتها ضد الفساد وطالبت بتحقيق الشفافية ووقف الهدر لكن عندما تدهور الوضع الاقتصادي أكثر، اختلطت بشكل متزايد قضايا اجتماعية في الاحتجاجات”، ويضيف التقرير، أنه “في هذه الأيام يسود الغضب من أن الحكومة ضيعت فرصة إطلاق إصلاحات. والكثير من اللبنانيين ينظرون إلى الحكومة باعتبارها عاجزة وغير قادرة وبالتالي هم غاضبون».

تدهور الليرة
مع الأيام تعاظم غضب المتظاهرين اللبنانيين أكثر فأكثر، وأصبح على أشد مستوى عندما سجلت الليرة اللبنانية انهياراً دراماتيكياً في قيمتها أمام الدولار الأمريكي. فمنذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي فقدت 60% من قيمتها. وفي الأسبوع الماضي وصلت إلى مستوى متدنٍ جديد لتصبح عند مستوى 5000 ليرة مقابل دولار واحد، وتشير التقارير إلى أن هذا التضخم يسبب للحكومة مشاكل كبيرة. فمنذ مارس (آذار) أعلنت الحكومة اللبنانية أنها غير قادرة على دفع قروض حكومية. وفي نهاية أبريل (نيسان) طلبت الحكومة بعدها من صندوق النقد الدولي المساعدة. والمحادثات ماتزال جارية.
يقول مرجع سياسي لبناني، إن “الأفق مظلم، لم يسبق أن مر علي في حياتي قلق وخوف كمثل ما أشعر به هذه الأيام، مشهد الناس بالأمس الأول وازدحامهم أمام الصرافين والمشاكل التي حصلت بين البعض منهم، هو مشهد مرعب، ليس من الازدحام في حد ذاته، بل بما يُنذر به من تدحرج الأمور اإلى منزلقات خطيرة”، وفقاً لما ذكرته صحيفة “الجمهورية” أمس الخميس.

تهريب حزب الله
وأثرت هيمنة حزب الله على مقدرات لبنان بشكل كبير على اقتصاد البلد، خاصة في ظل استمراره بتهريب ثروات لبنان وأمواله إلى الجانب السوري عبر معابر غير رسمية بلغ تعدادها حسب التقارير، 124 معبراً تمر خلالها عمليات تهريب واسعة بين البلدين.
قدم حزب الله مصالح إيران في سوريا على مصالح الشعب اللبناني، ففتح أبواب التهريب خلال الحرب المستمرة على مصراعيها، فبات يرسل إلى سوريا عبر قنواته غير الشرعية المواد الاستهلاكية المدعومة في لبنان، كالطحين والمازوت والأدوية والدخان.
انتعشت عمليات التهريب خلال الآونة الأخيرة، مستفيدة من سياسات مصرف لبنان الذي يواصل دعم دعم المحروقات والطحين والقمح، والتي تباع في لبنان بأقل من كلفتها ما يسمح للمهربين بتحقيق أرباح أكبر في سوريا منها في لبنان.
وبات القطاع الزراعي المهم في لبنان يشهد تراجعاً ملموساً متأثراً بالوضع الاقتصادي السيء، وعمليات التهريب المستمرة، وأصبح القائمين على الزراعة لا يجدون طريقاً من أجل تصريف بضائعهم في السوق المحلية أو حتى في دول الجوار بسبب إغراق حزب الله الأسواق اللبنانية بالمنتجات السورية.

«قانون قيصر»
شكل قانون قيصر بدوره عبئاً جديداً على اللبنانيين، والاقتصاد بشكل عام، فبحسب أحدث تقارير “معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى” فإن، تأثيرات “قانون قيصر” على لبنان تشمل مروحة واسعة من الخيارات من بينها إخضاع بعض المصارف اللبنانية وشركائها والشركات اللبنانية المرتبطة بها لعقوبات جديدة بسبب المساعدات الماديّة للسلطات السورية، خاصة إذا كانت مرتبطة بأي شكل من الأشكال بالدعم اللوجستي للعمليات العسكرية لحزب الله في سوريا».
ويلقي القانون بظلاله على الشركات اللبنانية التي كانت تأمل في الوصول إلى السوق السورية من خلال مشاريع التجارة أو إعادة الإعمار، إضافة إلى مهربي الوقود عبر الحدود اللبنانية –السورية الذين يشكلون مجموعة مهمة قد تتأثر من جراء تنفيذ هذا القانون.
وتفيد التقارير اللبنانية، أن تداعيات “قانون قيصر” ستترك تأثيرها المباشر على أوضاع لبنان الداخلية، رغم ادعاءات حزب الله حسن نصرالله أن لبنان قادر على المواجهة..
 في حين تجمع مواقف الخبراء الاقتصاديين والمصرفيين، أن “قيصر وجه ضربة قاضية لما تبقى من قدرة للاقتصاد اللبناني على المقاومة، ما يفرض على الحكومة إذا كانت فعلاً جادة في إنقاذ لبنان قبل فوات الأوان، أن تبادر إلى اتخاذ كل الإجراءات الملائمة لحماية البلد من التداعيات المحتملة، من خلال عدم المغامرة بأي تطبيع مع النظام السوري، وقطع كل العلاقات المشبوهة القائمة معه، نظراً لما يمكن أن تجره على لبنان من ويلات ومآس”، وفق ما ذكره موقع “لبنان 24».