أكاديميون بمعرض الشارقة للكتاب : للعرب في الأندلس بصمات لا تمحى في الهندسة والزراعة والكيمياء والشعر
أكد أكاديميون متخصصون بالشأن الأندلسي أن التأثير العربي في الأندلس لم يقتصر على الجانب الثقافي والأدبي فحسب بل امتد إلى الجانب المعرفي الذي شمل مجالات علمية متنوعة كالهندسة المعمارية وعلوم الزراعة والكيمياء والتي أسهمت في تطور الحضارة الأوروبية .. مشيرين إلى أن العرب تركوا أيضا أثراً أدبياً بارزاً في مختلف أنواع الأدب خاصة الشعر الذي ازدهر بأساليب وموضوعات جديدة ظهرت بصمات العربي عليها بكل وضوح.
جاء ذلك خلال ندوة لمجلة (الناشر الأسبوعي) تحت عنوان: “بصمة الأندلس.. أثر الثقافة العربية في شبه جزيرة إيبيريا” التي نظمتها هيئة الشارقة للكتاب ضمن فعاليات الدورة الـ42 من معرض الشارقة الدولي للكتاب واستضافت كلاً من الدكتور والباحث محمود مقدادي والدكتورة نويمي فيرّو والباحث والشاعر خالد الريسوني .
وفي حديثه حول “الأثر العربي في الزراعة الأندلسية” أكد الدكتور محمد مقدادي أن الوجود العربي في شبه الجزيرة الأيبيرية استطاع أن يشكل مدرسة الفلاحة الأندلسية التي برزت من خلال العلماء العرب الذين أبدعوا علم الفلاحة وأثروا المكتبة العالمية بالعديد من المنجزات في القطاع الزراعي ونقلوا العلم من علم نظري إلى علم تطبيقي مشيراً إلى أن العرب أنشأوا الحدائق النباتية التي استخدموها للتجارب كما أتوا بنباتات جديدة لمواءمتها مع بيئة الأندلس.
وقال مقدادي : “ أبدع العرب كذلك في علم الكيمياء الزراعية التي تضمن حماية المزروعات ومكافحة الآفات التي تصيب المزروعات والحيوانات و ابتكروا المبيدات السائلة والصلبة والغازية وسبقوا العالم في استخدام المكافحة الحيوية التي تقوم على استخدام أعداء حيوية مفيدة تقضي على الكائنات الضارة من ذلك جلبهم النمل الصحراوي من بغداد لمكافحة حشرات كانت تصيب النباتات الزراعية في الأندلس”.
وتحدثت الدكتورة نويمي فيرّو حول أثر اللغة العربية في اللغة الإسبانية وقالت إن علماء اللغة الإسبانية الحديثة يشيرون إلى وجود أربعة آلاف كلمة من أصل عربي وهو ما يمثل 8% من مفردات اللغة بأكملها وأن اللغة العربية لم تزل حية في مختلف أبواب المعرفة الإسبانية وأن الثقافة التي تأثرت بها إسبانيا لها معنى واسع يتجاوز الأدب والفنون والفكر إلى العلوم والاكتشافات.
وبشأن التأثر الإسباني المعماري بالهندسة العربية لفتت فيرو إلى أن عناصر العمارة العربية التي تأثرت بها العمارة الإسبانية ومنها ما يطلق عليها “الفن المدجن” وهو دليل على انفتاح الثقافة الإسبانية على الثقافة العربية رغم ما كانت عليه العلاقات بين الجانبين من توتر في القرن الثالث عشر وهذا ما أثمر بقاء صروح معمارية خالدة تؤرخ للوجود العربي في الأندلس.
وفي ورقته التي حملت عنوان “التأثير العربي الأندلسي في شعر جيل الـ27.. لوركا نموذجاً” أوضح الدكتور والباحث خالد الريسوني أن الشاعر الغرناطي فيديريكو غارسيا لوركا كان يمتلك وعيه المتجذر بالعمق الثقافي العربي والذي ظهر في كتاباته الأولى مثل قصيدة “غرناطة.. مــــرثية متواضعـــــة” لأن الــــــرثاء في الشعـــر الإسباني والغربي عموماً كان مرتبطاً بالأشخاص ولم يكن معروفاً في الأمكنة .
وأضاف :” على الرغم من تأثر لوركا بالشعر العربي في تجاربه الأدبية الأولى إلا أنه تأثر أيضاً كغيره من الشعراء المنتمين إلى جيل الـ27 (شعراء الأدب الإسباني في القرن العشرين الذين ظهروا عام 1927) بالمستعرب الإسباني إيميليو غارسيا غوميث ومن أبرز ثمار هذا التأثر “ديوان التماريت” الذي احتفى فيه لوركا بالشعرية العربية والغرناطية خاصة.