أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي.. عقبات وخيانة

أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي.. عقبات وخيانة

واجهت محاولة أوكرانيا تحقيق انضمام سريع إلى حلف شمال الأطلسي «الناتو» عقبات الأسبوع الماضي، ويبدو أن مسارها إلى عضوية الاتحاد الأوروبي مرشح لمواجهة عقبات مماثلة، على رغم التشجيع الذي تلقته كييف من بروكسل.
وكتب لورنس نورمان، في صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، أن الاتحاد الأوروبي منح أوكرانيا العام الماضي صفة الدولة المرشحة للعضوية رسمياً، فاتحاً الباب أمام عضوية فعلية في نهاية المطاف. ويصف الكثير من المسؤولين والقادة الأوروبيين احتمال انضمام أوكرانيا بأنه ضرورة، وبمثابة أمر حيوي لربط كييف بالمؤسسات الغربية، بصرف النظر عن مستقبلها في حلف شمال الأطلسي.
 
ومع ذلك، يبدو أن انضمام كييف إلى الاتحاد الأوروبي، أمامه سنوات، في أحسن الحالات. وتعلم أوكرانيا أنه من أجل الفوز بعضوية الاتحاد الأوروبي، يتعين عليها تنفيذ إصلاحات واسعة وإصلاحات سياسية صعبة، بهدف ترسيخ التقاليد الديمقراطية، وتأمين استقلالية القضاء وخفض الفساد.
 
وشمل النقاش في الفترة الأخيرة حجم التغير الذي سيحصل في الاتحاد الأوروبي نفسه، في حال أراد دمج أوكرانيا، وربما مولدوفا وجورجيا وحفنة من دول البلقان، في التكتل خلال الأعوام المقبلة. ويحتاج الاتحاد الأوروبي إلى الموافقة على هيكلة نفقاته وتغيير طريقة اتخاذ القرارات في حالة التوسع. وبعض القادة، ولا سيما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يجادلون بأن توسعاً ناجحاً من الممكن أن يتطلب إعادة تنظيم أكبر للتكتل، مع تحقيق الدول الأعضاء مستويات مختلفة من الاندماج الاقتصادي والسياسي.

وبحسب الرئيس التنفيذي لمركز السياسة الأوروبية في بروكسل فابيان زوليغ، فإن ثمة “اعتقاداً عاماً يعتبر انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي ضرورة جيوسياسية، رغم أنه ليس من المؤكد أن يتحقق هذا الأمر». ويضيف الكاتب أن المخاطر بالنسبة لأوكرانيا ضخمة، ذلك أن الإخفاق في ضمها إلى الاتحاد الأوروبي، وخصوصاً إذا ما بقيت على هامش الناتو، سيجعل هذا البلد مجمداً خارج المؤسسات الغربية، وعرضة للنفوذ والاعتداءات الروسية لعقود مقبلة، هذا إذا توقف النزاع الدائر حالياً بين البلدين. ومن المرجح أن يشعر الأوكرانيون بخيانة كبيرة، من شأنها تهديد قيادتهم الموالية للغرب.
 
ومع ذلك، يبقى الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي، حتى لدول ليست في حالة حرب وتتمتع باقتصاد أقوى، عملية شاقة تتطلب سنوات من الجهد كي تتبنى قواعد الاتحاد وقوانينه. وكان التوسيع قد فقد حماسه بين الأوروبيين الغربيين في السنوات التي سبقت الغزو الروسي لأوكرانيا. وفي ظل تسجيل بعض المنضمين الجدد إلى الاتحاد الأوروبي، مثل المجر، تراجعاً على صعيد التقاليد الديمقراطية، صار الكثيرون من الناخبين يشعرون بالمرارة في ما يتعلق بتوسيع التكتل.
 
ولفت الكاتب إلى أن الخطوات المقبلة أمام أوكرانيا واضحة. وكلف الاتحاد الأوروبي كييف 7 مهام من أجل البدء في مفاوضات الانضمام. وأظهر تقرير الشهر الماضي إحراز تقدم في معظم المجالات، بما في ذلك قوانين وسائل الإعلام واستقلالية المحكمة الدستورية. وتعد المفوضية الأوروبية، الهيئة التنفيذية للاتحاد الأوروبي، تقريراً رسمياً عن التقدم المحرز في الخريف. وفي حال كان التقرير إيجابياً، فإن الدبلوماسيين يقولون إنه سيكون ثمة دفع قوي لقادة الاتحاد كي يوافقوا في ديسمبر (كانون الأول)على بدء المفاوضات. كما شرع المسؤولون الأوروبيون في الأسابيع الأخيرة في مناقشاتهم الأولية فيما يتعلق بما يمكن أن يترتب على التكتل في حال التوسيع. وناقش وزراء شؤون الاتحاد في التكتل القضية الشهر الماضي في السويد، التي كانت تتولى وقتها الرئاسة الدورية للاتحاد. وبعد أسبوع، وعلى هامش قمة في بروكسل، ناقش عشرة من قادة الاتحاد، بينهم ماكرون ورئيس الوزراء الدانماركي مارك روته والمستشار الألماني أولاف شولتس، المسألة. ومن المتوقع أن يعود قادة الاتحاد للتداول في القضية في قمة يعقدونها في أكتوبر -تشرين الأول.

ومن شأن قبول عضوية أوكرانيا، التي يبلغ حجم اقتصادها خمس اقتصاد جارتها بولندا، ويعتمد في غالبيته على الزراعة، أن يفرض إعادة تعديل في أكثر مجالات الاتحاد الأوروبي إنفاقاً، وهي المساعدة الزراعية والمنح للدول الأفقر في الاتحاد، وينفق التكتل نحو ثلثي موازنته التي تمتد على 7 أعوام والبالغة 1.35 تريليون دولار، على هذه المجالات.
 
الدول الفقيرة
ويفترض بعض المسؤولين في الاتحاد الأوروبي أن عضوية أوكرانيا، وفق القواعد المعمول بها حالياً، ستحول أية دولة عضو أخرى في الاتحاد إلى مُساهِمة صافية في الموازنة. وفي الوضع الحالي، يساهم الأعضاء في الموازنة، لكن الدول الفقيرة تتلقى عوائد بمليارات اليورو أكثر من مساهماتها في الموازنة. وتملك كل دول عضو حق الفيتو على التوسيع، وعلى الموازنة المقبلة للاتحاد.
ويقول ستيفان ميستر من المجلس الألماني للعلاقات الخارجية إنه “يتعين تغيير كامل في هيكلية الاتحاد الأوروبي، عندما تضم بلداً كبيراً مثل أوكرانيا، وسيتعين عليك تغيير نظام المساعدات بكامله، الذي يعتبر القسم الأكثر جاذبية في الاتحاد».