رئيس الدولة ورئيس وزراء اليونان يؤكدان أهمية التسوية السلمية للنزاعات والأزمات في المنطقة والعالم
إسرائيل عند مفترق طرق: هل اقتربت حكومة نتنياهو من الانهيار؟
رصد الكاتب الصحافي الإسرائيلي هيرب كينون تصاعد الأزمة السياسية التي تهدد حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، بعد الجدل المتجدد حول تجنيد الشبان الحريديم، اليهود المتشددين دينياً، في الجيش الإسرائيلي.
وقال الكاتب في مقاله بموقع صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية: «رغم أن هذه الحكومة قد صمدت حتى الآن مدة تجاوزت غالبية الحكومات السابقة، إلا أنها تواجه اليوم أخطر اختبار قد يفضي إلى انهيارها». وأوضح الكاتب أن النزاع الأساسي يتمحور حول إعفاء أكثر من 80 ألف شاب حريديي من الخدمة العسكرية، في وقت تُواجه فيه إسرائيل نقصاً حاداً في الجنود نتيجة اتساع رقعة العمليات العسكرية منذ هجمات 7 أكتوبر -تشرين الأول 2023. هذا الواقع فجّر موجة غضب شعبي من «انعدام العدالة» في تقاسم الأعباء الأمنية، لا سيما بعد أن اضطُر مئات الآلاف من جنود الاحتياط لتعليق حياتهم ومواجهة المخاطر. في المقابل، يتمسك الزعماء السياسيون والدينيون للحريديم بموقفهم التقليدي الرافض للتجنيد، ويضغطون لتمرير تشريعات تعيد تثبيت الإعفاءات السابقة لطلاب المعاهد الدينية (اليشيفوت). ويبدو أن هؤلاء الزعماء يتصرفون كما لو أن حرب أكتوبر (تشرين الأول) لم تحدث، متجاهلين التحولات الجذرية التي طرأت على الرأي العام وعلى عقيدة الأمن القومي الإسرائيلي.
شدّ وجذب داخل الائتلاف الحاكم
وأشار الكاتب إلى أن محاولات التوصل إلى تسوية فشلت حتى الآن، ما دفع بالأزمة إلى ذروتها. وبرز عضو الكنيست يولي إدلشتاين، رئيس لجنة الخارجية والأمن، كأحد أبرز الأصوات المطالبة بقانون تجنيد فاعل يتضمن فرض عقوبات شخصية على المتخلفين عن الخدمة، إضافة إلى تحديد حصص مرتفعة لتجنيد الحريديم. هذا الموقف الصارم جلب لإدلشتاين انتقادات شديدة من الأحزاب الحريدية، وحتى من داخل حزب الليكود نفسه، وسط تلميحات بأن نتانياهو قد يعمد إلى إقالته لاحتواء الأزمة. غير أن إدلشتاين يصر على أن القانون يجب أن يعكس حاجة الدولة الحقيقية للأمن، لا أن يكون مجرد واجهة شكلية. من جانبهم، هدد الحريديم أكثر من مرة بالانسحاب من الحكومة إذا لم تُقرّ صيغة مرضية لهم، رغم أن هذه الحكومة منحتهم نفوذاً غير مسبوق. ومع تكرار التهديدات دون تنفيذ، بدأوا يخسرون مصداقيتهم داخل مجتمعهم، خاصة بعد بدء الحديث عن تقليصات في المخصصات وفرض قيود على السفر.
سيناريوهات انتخابية
وفقاً للدستور، يجب إجراء انتخابات عامة بحلول أكتوبر -تشرين الأول 2026، لكن في حال استقالة الأحزاب الحريديمية، قد تُحل الحكومة قبل ذلك.
وتشير التقديرات إلى أن الانتخابات المقبلة، إذا أقيمت، ستدور حول قضيتين محوريتين، هما إخفاقات 7 أكتوبر (تشرين الأول)، وأزمة تجنيد الحريديين.
على الصعيد السياسي، بدأ الحراك الانتخابي يأخذ زخمه، مع تزايد الحديث عن عودة رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت. وتُظهر معظم استطلاعات الرأي تقدمه على بقية الأحزاب، وإن كانت التجارب السابقة تدعو للتريث في قراءة الأرقام.
كذلك، يُتوقع أن تشهد الساحة دخول وجوه جديدة، من ضمنهم جنود احتياط وآباء ثكالى ومحررون من الأسر، ما يعكس نزعة شعبية نحو تمثيل سياسي يرتكز على التجربة الميدانية، لا على الشعارات.
أما من الناحية الأيديولوجية، فتشير استطلاعات الرأي إلى أن 66% من اليهود الإسرائيليين يميلون إلى اليمين أو اليمين-الوسط، مقابل 14% فقط إلى اليسار. وهو ما سيؤثر في تحالفات الأحزاب وتوجهاتها في أي انتخابات مقبلة.
وخلص الكاتب إلى أن إسرائيل تمرّ بلحظة مصيرية يتقاطع فيها الأمن مع السياسة، وتُطرح فيها أسئلة وجودية حول المساواة والمواطنة والخدمة العسكرية.
وقال الكاتب إن حكومة نتانياهو، رغم عمرها الطويل نسبياً، قد تسقط قريباً إذا لم تُحل أزمة التجنيد. وفي هذه الحالة، ستكون الانتخابات المقبلة، في الخريف المقبل أو في صيف 2026، بمثابة استفتاء على شكل الدولة ومفهوم «الدولة للجميع».