منظمة الصحة: لا حاجة لحملات تطعيم جماعية

بعد صدمة كورونا... هل يمكن احتواء جدري القردة؟

بعد صدمة كورونا... هل يمكن احتواء جدري القردة؟


مع ارتفاع أعداد الإصابات بـ “جدري القردة” حول العالم، تتزايد المخاوف من خطورة هذه العدوى ومدى انتشارها، خاصّة وأن حكومات العالم لا تزال تتخبط من تأثيرات جائحة كوفيد 19.
ورأت مجلة “ايكونوميست” البريطانية أن العالم ليس عاجزًا عن مكافحة هذا المرض، إذ إن أسبابه ومتطلبات علاجه تختلف عن فيروس كورونا الذي يمكن أن ينتقل بسهولة من إنسان إلى آخر.

و”جدري القردة” هو مرض نادر متوطن في غرب أفريقيا، وتتمثّل أعراضه في الحمى وآلام العضلات وتضخّم الغدد اللمفاوية وطفح جلدي على اليدين والوجه. وعادة ما يتعافى الأشخاص المصابون في غضون أسابيع قليلة. وكما هو الحال مع فيروسات الجدري الأخرى، يكون المرض أكثر حدة عند الأطفال الصغار والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة.

وأوضحت المجلة أن خطورته تعتمد على نوع السلالة. وهناك سلالتان: الأولى مرتبطة بحالات الانتشار السابقة في حوض الكونغو، وتصل نسبة الوفيات بسببها إلى 10%. أما السلالة الأخرى الواقعة في غرب أفريقيا فهي أقل حدة، بمعدل وفيات 1%.
وأشارت إلى أن هذه التقديرات مستمدة من حالات تفشي المرض في الأماكن النائية في أفريقيا ذات الرعاية الصحية السيئة، أما في البلاد الغربية التي تتمتع بنظام رعاية صحي أفضل، فقد يكون الفيروس أقل فتكًا.

ومع ذلك، أوضحت المجلة أن الفيروس لا ينتشر بقوة، ولا يمكن أن يكون معديًا مثل الحصبة على سبيل المثال. ولكي ينتشر جدري القردة من شخص إلى آخر، يجب أن يكون هناك اتصال وثيق بينهما من خلال قطرات السعال والعطس التي تدخل الأنف أو الحلق أو العينين. كما تنتقل العدوى أيضًا من خلال ملامسة جلد أو ملابس أو فراش الشخص المصاب. وأشارت المجلة إلى أن اللقاحات الموجودة يمكن أن تحمي المعرّضين للخطر.

وحصلت شركة “بافاريان نورديك” الدنماركية على موافقة أميركية للتطعيم ضد “جدري القردة” عام 2019. كما تمت الموافقة على هذا اللقاح ضد الجدري، وتشير البيانات الواردة من أفريقيا إلى أن التطعيم السابق ضد الجدري فعال بنسبة 85% على الأقل في الوقاية من جدري القردة.
وأوضحت “المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها” أن اللقاح قد يكون أكثر فعالية إذا تم إعطاؤه للمريض قبل أو في غضون أربعة أيام من التعرض للفيروس. وحتى إذا تم إعطاؤه لمدة تصل إلى 14 يوماً، فقد يكون مفيدًا من ناحية تخفيف حدة الأعراض.

كما أشارت دراسات أجريت على حيوانات إلى أن بعض الأدوية المضادة للفيروسات المستخدمة لفيروسات الجدري الأخرى قد تكون مفيدة.
وأضافت المجلة أنه يمكن استخدام لقاح الجدري للتطعيم “الدائري”، أي تطعيم المخالطين للأشخاص المصابين والعاملين الصحيين المعرضين لخطر كبير. وبالفعل، نجح “التطعيم الدائري” للمخالطين في الحد من بعض حالات تفشي فيروس “إيبولا” في أفريقيا.
وأشارت المجلة إلى أن احتواء جدري القردة “سهل نسبيًا”، ويمكن القيام بذلك عن طريق عزل الحالات المؤكدة أو المشتبه فيها، وأن تتبع جهات الاتصال المصابة قد يؤدي إلى وقف الانتقال.

وتوقّعت المجلة اكتشاف المزيد من حالات جدري القردة في الأيام والأسابيع القليلة المقبلة، لكن من غير المرجح أن يصبح خارج نطاق السيطرة، منوّهة إلى أنه بينما أصاب فيروس كورونا المستجد العالم بصدمة، لأنه لم يكن مستعدًا له ولم تكن هناك أدوية أو لقاحات متوفرة، فإن جدري القردة في وضع “مختلف تمامًا».

قال مسؤول كبير بمنظمة الصحة العالمية إن المنظمة لا تعتقد أن تفشي مرض جدري القرود خارج قارة أفريقيا يستدعي إطلاق حملات تطعيم جماعية، إذ إن القيام بإجراءات أخرى كالنظافة الشخصية الجيدة والسلوك الجنسي الآمن ستسهم في السيطرة على انتشاره.
وقال ريتشارد بيبودي، الذي يقود فريق مسببات الأمراض عالية التهديد في منظمة الصحة العالمية بأوروبا، في مقابلة مع رويترز إن الإمدادات الفورية من اللقاحات ومضادات الفيروسات محدودة نسبيًا.

وجاءت تصريحات بيبودي بينما أعلنت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها أنها في طور إطلاق جرعات من لقاح (جينيوس) لاستخدامها مع حالات لمرض جدري القرود.
وقالت الحكومة الألمانية يوم الاثنين إنها تدرس الخيارات المتاحة فيما يتعلق بالتطعيمات، ومنحت بريطانيا التطعيمات للعاملين لديها في مجال الرعاية الصحية.

وتدقق سلطات الصحة العامة في أوروبا وأمريكا الشمالية في أكثر من 100 حالة اشتباه أو مؤكدة بالعدوى الفيروسية في أسوأ تفش للفيروس خارج قارة أفريقيا التي يتوطن فيها.
وقال بيبودي إن الإجراءات الأساسية للسيطرة على تفشي المرض تتمثل في تتبع الاتصال وعزله، مشيرا إلى أنه لا ينتشر بسهولة شديدة ولم يتسبب حتى الآن في ظهور مرض خطير. وأضاف أن اللقاحات المستخدمة لمكافحة جدري القرود قد تحمل بعض الآثار الجانبية الخطيرة.

وليس واضحا سبب تفشي المرض، إذ يسعى يحاول العلماء لفهم مصدر الحالات وما إذا كان أي شيء قد تغير في الفيروس.
وكانت روزاموند لويس مديرة إدارة الجدري ببرنامج الطوارئ بمنظمة الصحة العالمية قد قالت يوم الاثنين إن المنظمة ليس لديها دليل على أن فيروس جدري القردة قد تحور.