المجر وسلوفينيا وصربيا...

بلدان عطلت الحرب الأوكرانية حملتها الانتخابية...!

بلدان عطلت الحرب الأوكرانية حملتها الانتخابية...!

-- ألكسندر فوتشيتش في وضع غير مريح وهو ينتظر معرفة اتجاه الريح لتوجيه حملته
-- الاصطفاف وراء الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي قد ينقذ فيكتور أوربان
-- في ســلوفينيا، علاقــة جانيــز جانســا بســاكن الكرملين قـد تطيـح بـه وبحزبــه


أدى تسلّل الصراع في أوكرانيا إلى زعزعة العديد من التوازنات السياسية الداخلية، كما تدخل في النقاشات الانتخابية للعديد من بلدان أوروبا الوسطى والبلقان.
هل تبادلوا الكلمات؟ عنصر التعبير متشابه ومتداخل. عند نيكولا دوبون آيجنان، المرشح السيادي للانتخابات الرئاسية، تم إعداد الرد منذ الأزمة الصحية: “ما يحزنني هو أنه كان هناك خوف من كوفيد-19 وأكاذيب وتلاعب واعتداء على الحريات في بلدنا، والآن هناك استغلال للدراما الأوكرانية بحيث ينظر الفرنسيون بعيدًا عن حصاد إيمانويل ماكرون، وعن مقترحات المترشحين”، أكد في فرانس 2، الأربعاء 2 فبراير.

من جانب إريك زمور، برفقة مربي المواشي في ممرات صالون الزراعة الباريسي يوم الجمعة، يعاد تأكيد ما قاله رئيس حزب انهضي فرنسا. فحسب المرشح اليميني المتطرف، إن الحرب في أوكرانيا “تصرف الانتباه عن القضايا الرئيسية لفرنسا في السنوات الخمس المقبلة».

يوضح موقف المرشّحين اضطراب الحملة الانتخابية بسبب الحرب في أوكرانيا، والتي تربك الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية.
بدلة رئيس الدولة على كتفيه، يحلّق إيمانويل ماكرون في استطلاعات الراي، بينما يتعرض جان لوك ميلينشون أو مارين لوبان لانتقادات بسبب تعاطفهما مع نظام موسكو، وتجد فاليري بيكريس صعوبة في التّموقع بين الوحدة الوطنية والمعارضة المتشددة. لكن فرنسا أبعد ما تكون عن كونها الدولة الأوروبية الوحيدة التي ترى موعدها الانتخابي الأعلى يهتزّ بسبب الشؤون الخارجية... نظرة عامة:

*في المجر، حملة
 تشريعية في المجهول
   يدور المشهد في قلب العاصمة المجرية بودابست، عند سفح مبنى مهيب نمساوي مجري على ضفاف نهر الدانوب، مقر بنك الاستثمار الدولي، المملوك لروســــيا بمعظمه.
صاح آلاف المتظاهرين “بوتين، أوربان، ارحلا!” ، كانت الحرب في أوكرانيا قد اقتربت حينها من سبعة أيام من المواجهات، واجتمع مرشحو المعارضة لحكومة فيكتور أوربان لانتقاد التقارب الدبلوماسي والاقتصادي الذي كان رئيس الوزراء يديره منذ عقد مع الكرملين.

    إن خصمه الرئيسي والوحيد، بيتر ماركي زاي، موجود هناك لانتقاد المدارية الروسية لخصمه. كان المرشح المحافظ المستقل قد أحدث مفاجأة في الخريف عندما وضع يديه على مبنى بلدية هودمزوفاسارهلي، معقل فيدس، الحزب الحاكم.
ومنذئذ تم تعيينـــــــه من قبل المنصة المشتركة لتمثيــــــل المعارضة التي تتحـــــد لإســـــقاط فيكتور أوربان.
    منذ عودته إلى السلطة عام 2010، يشيد الزعيم المحافظ المتشدد باستمرار بمزايا نظام بوتين السلطوي، وذهب إلى حد طلب الحكم الذاتي لشبه جزيرة القرم عام 2014، بينما كانت موسكو قد ضمت لتوها المنطقة الجنوبية-الشرقية لأوكرانيا.

   مع البقاء داخل الناتو والاتحاد الأوروبي، سعى رئيس الدولة إلى تعهّد موقف غامض طوال الرد الدبلوماسي الأوروبي على غزو الجيش الروسي لجارته الأوكرانية.
    أظهر أولاً أنه منسجم تمامًا مع الاتحاد الأوروبي من خلال إدانته للهجوم دون تحفظ، ومن خلال دعم العقوبات المالية، والدعوة إلى استقبال اللاجئين، هو الذي بنى سياسته الداخلية على المقاومة الصارمة للهجرة.

   تلاحظ كاثرين هوريل، مؤرخة ومتخصصة في أوروبا الوسطى، “ان الاصطفاف وراء الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، أتاح له مرة أخرى استقطاب ناخبين أوروبيين. وان فيكتور أوربان الاستراتيجي الكبير، سيبذل قصارى جهده للاستفادة من الحرب في أوكرانيا”. لقد رفض تسليم أسلحة إلى الشعب الأوكراني، وخصوصا، إن معظم وسائل الإعلام العامة والخاصة، التي تخضع لسيطرة الدولة، تغذي قراءة للصراع قريبة من خطاب الكرملين.
   بالتأكيد يذكّره خصومه اليوم بموقفه الملتبس تجاه حلفاء دول وسط أوروبا، فيما من المقرر إجراء الانتخابات التشريعية التي ستجدد البرلمان في 3 أبريل. “المعارضة متحدة، لكن مرشحها يعاني من خلل: لا خبرة دولية له، وليس متعدد اللغات. وسيلعب فيكتور أوربان ورقة الخبرة الدولية ضد خصم يركز بشدة على السياسة الداخلية”، تضيف كاثرين هوريل.  ورغم مواقفه المؤيدة لروسيا، يمكن لرئيس الوزراء الاستفادة من الأزمة من خلال تأكيد مكانته كرئيس للدولة. ومهما كانت نتيجة الانتخابات، فإن الصراع في أوكرانيا قد أعاد إحياء سؤال لم يعد موضع نقاش حقيقي: ما الذي يجب أن تفعله المجر، المحاصرة بين الشرق والغرب؟

*في سلوفينيا، رئيس
وزراء أكثر هشاشة
   في سلوفينيا، من المقرر إجراء الانتخابات العامة في 24 أبريل. وكان الرئيس بوروت باهور قد أعلن عن ذلك  مطلع فبراير: “بعد التشاور مع قادة الكتل البرلمانية، سأعطي الأمر بتشكيل حكومة لمرشح يحظى بالدعم

اللازم أي 46 صوتا فأكثر»
   يُظهر رئيس الوزراء المثير للجدل، جانيز جانسا، بعد عامين من وصوله الى الحكم، عدم شعبية متزايدة. ويُتّهم الزعيم المحافظ، 63 عامًا، ومن المعجبين بدونالد ترامب، وفقًا للمعارضة، بتقليد المجري فيكتور أوربان بأسلوبه السلطوي وتصريحاته المناهضة للمهاجرين. تموقع يمكن أن يطيح بالزعيم في وقت تشتعل فيه الحرب على بعد مئات الكيلومترات.     ولئن كانت سلوفينيا من أوائل الدول الأوروبية التي سلكت طريق العقوبات ضد روسيا، فإن النزعة السلطوية لا تخدم رئيس الوزراء حقًا. لا يتأخر خصومه في التذكير بعلاقته بساكن الكرملين. ويفترض ألا تقلب الحرب الرأي العام المعادي لجانيز جانسا، فقد تؤدي بشكل خاص إلى سقوط حزبه في البرلمان، الذي حصل على 15 بالمائة فقط من الأصوات في استطلاعات الرأي منتصف فبراير.

*في صربيا، فوتشيتش
على طريقة ماكرون
   في شوارع بلغراد، تجمّع المتظاهرون يوم السبت لاتخاذ موقف من الحرب التي تضع روسيا الآن في مواجهة أوكرانيا. لكن على عكس كل العواصم الأوروبية، فإن المسيرة لا تهدف إلى إدانة الحرب التي دبرتها القوات الروسية. على النقيض تماما: مجموعة من 2000 ناشط يميني متطرف مؤيد لروسيا تتجول على الأرصفة، وترفع صورًا لفلاديمير بوتين.
   وإذا كان التجمع بعيدًا عن أن يكون كاشفًا للرأي الذي يخترق صربيا، فإنه يشهد على السياق السياسي قبل أقل من شهر من الانتخابات التشريعية والرئاسية، في 3 أبريل. الرئيس المنتهية ولايته، ألكسندر فوتشيتش، لا خيار امامه سوى السير على حبل مشدود.    تتميز صربيا، التي تطل على كل من روسيا والاتحاد الأوروبي، عن جيرانها بموقف وسطي تجاه موسكو منذ الهجوم الذي شنه فلاديمير بوتين. “تعد الدولة من البلدان الأقرب ثقافيًا لروسيا”، تضع المؤرخة كاثرين هوريل في السياق.
   صوتت صربيا لصالح قرار الأمم المتحدة الذي يدين التدخل العسكري، مع عدم فرض عقوبات على نظام الكرملين. وامام السياق الدولي، على غرار إيمانويل ماكرون الذي أرجأ إعلان ترشيحه حتى الأيام الماضية، يماطل الرئيس. “أعتقد أن ألكسندر فوتشيتش في وضع غير مريح أكثر من أوربان، إنه ينتظر معرفة اتجاه الريح لتوجيه حملته”، تحلل كاثرين هوريل.
   منذ عدة أسابيع، وتصاعد التوترات في شرق أوكرانيا التي تثير قلق الساحة الدولية، تعرضت علاقات الرئيس ألكسندر فوتشيتش مع روسيا لانتقادات شديدة من قبل خصومه الاشتراكيين. كما انتقدت الدوائر الاقتصادية بشدة التقارب مع الاقتصادين الصيني والروسي... وهذا التّموقع تعزّز الآن في ظل الحرب.