أحزاب سياسية ترحب بالدستور الجديد
تحليل: قيس سعيّد يعبر بتونس إلى «الضفة الأخرى»
حقق الرئيس التونسي، قيس سعيد، نجاحاً في اختبار الاستفتاء بموافقة غالبية كبيرة من المشاركين فيه على مشروع الدستور الجديد الذي يمنحه صلاحيات واسعة.
وأعلن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فاروق بوعسكر، قبول الهيئة مشروع نص الدستور الجديد للجمهورية التونسية المعروض على الاستفتاء بعد أن أيده 94.6 %.
وقال بوعسكر للصحفيين أن العدد الإجمالي للمشاركين في الاستفتاء بلغ2.756.607 ناخباً من أصل 9.3 مليون يحق لهم التصويت، وقد صوّت 2.607.848 بـ”نعم” على الدستور الجديد.
وكان سعيد تحدث عن “مرحلة جديدة” في خطاب ألقاه ليلاً أمام مؤيديه في وسط تونس العاصمة، قائلاً إن “ما قام به الشعب درس، أبدع التونسيون في توجيهه للعالم».
وأضاف “اليوم عبرنا من ضفة إلى أخرى.. من ضفة اليأس والاحباط إلى ضفة الأمل والعمل وسنحقق هذا بفضل إرادة الشعب والتشريعات التي ستوضع لخدمته».
وتونس التي تواجه أزمة اقتصادية تفاقمت بسبب كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا التي تعتمد عليها في استيراد القمح، تشهد استقطاباً شديداً منذ أن تولى سعيّد، المنتخب ديموقراطياً في 2019، جميع السلطات في 25 يوليو (تموز) 2021.
بعد إعلان هذه التقديرات، نزل بضع مئات من أنصار الرئيس إلى شارع الحبيب بورقيبة ليلاً للاحتفال “بالانتصار” ورددوا “بالروح بالدم نفديك يا قيس” وهم يلوحون بالاعلام التونسية.
وعند قرابة الساعة الأولى بتوقيت غرينتش، ظهر الرئيس أمام الحشد مبتهجاً، وقال “تونس دخلت مرحلة جديدة”، مؤكداً أن نسبة المشاركة “كان يمكن أن تكون أعلى لو جرت عملية التصويت على يومين».
وأشار مدير شركة “سيغما كونساي” إلى أن الناخبين كانوا خصوصاً من “الطبقة الوسطى الأكثر حرماناً ومن البالغين الذين يشعرون بأنهم تعرّضوا للخذلان اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً».
وقال المحلل السياسي عبد اللطيف الحناشي إن النتائج تظهر “ارتفاعاً واضحاً للمشاركة” مقارنة بنسب المشاركة في الاستشارة الالكترونية التي سبقت الاستفتاء وشارك فيها حوالي 600 ألف شخص.
وتابع “ظاهرياً الأرقام ضعيفة ولكنها مهمّة جداً في ما يتعلق بشعبيته وتعطيه دفعاً لمواصلة مساره السياسي».
وقال النادل عماد هزي (57 عاماً) “لدينا أمل كبير في 25 يوليو (تموز). تونس ستزدهر اعتباراً من اليوم».
وأمام الرئيس وضع اقتصادي واجتماعي متأزم في البلاد ومهمّة شاقة لايجاد الحلول لذلك، خصوصاً بعد ارتفاع نسبة البطالة والتضخم وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين التي زادت الأزمة الروسية الأوكرانية من تراجعها.
والثلاثاء، أعلن صندوق النقد الدولي أنّ بعثة من خبرائه اختتمت زيارة إلى تونس في إطار التفاوض على برنامج مساعدات، مشيراً إلى أنّ المحادثات بين الجانبين حقّقت “تقدماً جيّداً”. ويقدّر خبراء أن يبلغ حجم القرض حوالى ملياري يورو.
وبهذه الأفضلية الواضحة يمر الدستور الجديد بسلاسة ليدخل حيز التنفيذ، في وقت يتواصل فيه الجدل داخل الأحزاب السياسية عن فحوى هذا الدستور ومسار عملية الاستفتاء.ورحبت عدة قوى سياسية وأحزاب داعمة لمسار 25 يوليو، بمرور الدستور الجديد بأغلبية مريحة على غرار حزب “تونس إلى الأمام”، و”التيار الشعبي” و”حركة الشعب”، و “حزب البعث” و” الائتلاف من أجل الجمهورية «.
وعلّق القيادي بحزب البعث صهيب المزريقي في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية” أن نجاح الدستور الجديد ونيله ثقة الشعب التونسي تعني أن المواطن يعلق آمالا كبيرة على ما هو آت في ظل نظام جديد يؤسس لدولة وطنية قوية وعادلة وذات حكومة مسؤولة أمام التاريخ و الشعب.
ودعا المزريقي رئيس الجمهورية إلى “وضع مشروع سياسي وطني واجتماعي واستراتيجي يشمل جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لأن الركيزة الأساسية للديمقراطية هي الجانب الاجتماعي الذي أهملته الحكومات السابقة».
ومن جهته، قال الناطق الرسمي باسم حركة الشعب أسامة عويدات، إن الشعب التونسي “تمكن من العبور نحو جمهورية جديدة”، معتبرا أن الأرقام المسجلة عن مشاركة التونسيين في الاستفتاء “مشرّفة وتعبر عن مواقف المواطنين الذين تمسكوا بأهداف الثورة».
ونوّه عويدات في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية”، إلى أن حزبه يعتبر المشاركة في الاستفتاء ناجحة بإقبال ثلاثة ملايين مواطن على إبداء رأيهم في كنف الديمقراطية دون مشاركة أنصار حركة النهضة.
بدوره، أكد رئيس حزب التحالف من أجل تونس سرحان الناصري أن نتائج الاستفتاء على الدستور الجديد “قبرت منظومة الإخوان في البلاد”، مشيرا إلى أن الدستور الجديد رغم ما صدر من مواقف “مخالفة للديمقراطية” من قبل رافضيه سيدخل حيز التنفيذ بعد الإعلان الرسمي للنتائج من قبل هيئة الانتخابات.