فكك المؤسسات الأمريكية التي أغضبت موسكو

ترامب بعد 100 يوم في البيت الأبيض.. قرارات تجاوزت أقصى أمنيات بوتين

ترامب بعد 100 يوم في البيت الأبيض.. قرارات تجاوزت أقصى أمنيات بوتين


لو أتيح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وضع لائحة تسوق بما يريده من واشنطن، فإنه لم يكن ليضع في الحسبان ما عرض عليه في الأيام المئة الأولى من الولاية الثانية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.   
وكتب بيتر بايكر في نيويورك تايمز الأمريكية، أن هناك ضغطاً على أوكرانيا للتنازل عن أراضٍ لمصلحة روسيا، ووعداً برفع العقوبات، والتبرئة من غزو أوكرانيا.   
وبينما كان مبعوث ترامب الخاص ستيف ويتكوف، يزور موسكو الجمعة لمزيد من المفاوضات، بدا أن رؤية الرئيس للسلام أحادية الجانب، بحيث تدع روسيا تحتفظ بالمناطق التي استولت عليها بالقوة، بينما تحظر على أوكرانيا الانضمام إلى ناتو.   
لكن ليس هذا فقط ما حصل عليه بوتين من ترامب منذ عودة الأخير إلى السلطة.،عن قصد أو عن غير قصد، فإن الكثير من أفعال الرئيس على جبهات أخرى تتلاءم مع مصالح موسكو، بما فيها التصدعات التي سببها مع الحلفاء التقليديين لأمريكا، والتغييرات التي أدخلها على الحكومة الأمريكية نفسها.   
فترامب يفكك المؤسسات الأمريكية التي أغضبت موسكو، مثل «صوت أمريكا» والصندوق الوطني للديموقراطية. إنه يجرد الأمة من أسلحة كانت تستخدمها ضد روسيا، بوقف الهجمات السيبرانية، وكبح برامج مكافحة عمليات تشويه السمعة التي تلجأ إليها روسيا، والتدخل في الانتخابات، وانتهاك العقوبات، وارتكاب جرائم حرب.    

استثناء من التعريفات
لقد استثنى ترامب روسيا من التعريفات الجمركية، التي فرضها على كل دول العالم تقريباً، قائلاً إنها تخضع في الأصل للعقوبات. لكنه طبق التعريفات على أوكرانيا، الجانب الآخر الذي يتفاوض معه. وفي تراجع عن مواقف اتخذها في ولايته الأولى، كشفت مجلة «بوليتيكو» الأمريكية، أنه يناقش إذا كان سيرفع العقوبات عن أنبوب الغاز الروسي نورد ستريم 2 ، المشروع الذي لطالما ندد به في الماضي.   
ويقول الرئيس التنفيذي لمجلس شيكاغو للشؤون العالمية إيفو دالدار، الذي كان سفيراً سابقاً لدى الناتو إبان رئاسة باراك أوباما، إن «ترامب يعمل الآن لمصلحة بوتين...ومن الصعب أن نتخيل كيف كان ترامب سيتصرف بشكل مختلف لو كان عميلاً لروسيا مقارنة مع تصرفه في الأيام المئة الأولى من ولايته الثانية».   
ورفضت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفييت في مقابلة، فكرة أن أفعال ترامب تصب في مصلحة روسيا. وقالت إن «الرئيس يعمل فقط في مصلحة الولايات المتحدة». وأضافت أن لا علاقة بين روسيا والتخفيضات في ميزانيات وكالات مختلفة التي قررها المسؤول عن وزارة الكفاءات الحكومية إيلون ماسك، أو جهود مشابهة لتقليص حجم الحكومة.    

رفض للانتقادات
 ورفض ترامب مراراً الانتقادات التي تفيد بأنه يتعاطى بمرونة مع روسيا، حتى في الوقت الذي يعبر فيه عن الإعجاب ببوتين. وأصدر توبيخاً نادراً لبوتين في وقت سابق من الأسبوع عقب ضربة صاروخية لكييف أسفرت عن 12 قتيلاً، قائلاً على وسائل التواصل الاجتماعي: «فلاديمير. توقف!»، وخلال حديث في وقت لاحق مع صحافيين، نفى ترامب ضغطه على أوكرانيا لتقديم تنازلات. وقال: «نمارس الكثير من الضغط على روسيا، وروسيا تدرك ذلك».    
وسئل ما الذي على روسيا أن تتنازل عنه بموجب اتفاق للسلام، فاكتفى بأن روسيا لن تسيطر على أوكرانيا كلها، الأمر الذي لم تنجح فيه عسكرياً بعد ثلاثة أعوام من الغزو الشامل. وقال إن «وقف الحرب، ووقف الاستيلاء على كامل البلاد، هو تنازل كبير».   
 لكن المفاجئ منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، يكمن في حجم الأفعال الأخرى التي أقدم عليها في الأشهر الثلاثة الماضية، واستفادت منها روسيا، مباشرة أو غير مباشرة، وهكذا يشيد المسؤولون الروس بالرئيس الأمريكي، ويحتفون علناً ببعض قراراته.   
ذلك أنه، عقب تفكيك  «صوت أمريكا» وإذاعة «أوروبا الحرة»، وهما مؤسستان إعلاميتان ممولتان من الحكومة الأمريكية كانتا موجهتين إلى الاتحاد السوفياتي السابق ومن بعده إلى روسيا، وصفت مديرة التلفزيون الروسي «آر تي» الحكومي، مارغريتا سيمونيان الحدث بـ «قرار عظيم من ترامب...لم نتمكن من إغلاقهما لسوء الحظ، لكن أمريكا فعلت ذلك بنفسها».   
ورأى ديفيد شيمر، المستشار السابق للرئيس جو بايدن لشؤون روسيا، أن التأثير الناجم عن ميل ترامب نحو روسيا، وتفكيك المؤسسات الأمريكية، التي ضايقت موسكو هو تقويض لموقف أمريكا ضد خصم كبير. وأشار إلى أنه في الشهر الماضي فقط، أعلن مجمع الاستخبارات أن روسيا لا تزال تشكل «تهديداً محتملاً دائماً لقوة الولايات المتحدة ووجودها ومصالحها العالمية».