أوروبيا.. الرئيس الأمريكي ليس شريكاً موثوقاً في المفاوضات

ترامب قد يجبر أوروبا على الاختيار بين أمريكا والصين

ترامب قد يجبر أوروبا على الاختيار بين أمريكا والصين


في وقت تتدهور فيه العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، يواجه الاتحاد الأوروبي خطر التحول إلى هدف. ونقلت كايت بلومر في مجلة نيوزويك الأمريكية عن خبراء، أن من غير المرجح أن تنجح أي محاولة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لإجبار الاتحاد الأوروبي على الاختيار بين البلدين. ومعلوم أن ترامب قرر أول الأمر، فرض زيادة واسعة في الرسوم الجمركية على جميع شركائه التجاريين، وكانت الصين الأكثر تضرراً. وبعد ذلك، علق ترامب معظم التعريفات الجمركية «المتبادلة»، بما فيها رسوم الـ 20% التي تستهدف الاتحاد الأوروبي، مع الحفاظ على خط الأساس بـ10% على كل الدول. أما بالنسبة للصين، ففرض زيادات مماثلة عليها، بلغت ذروتها مع فرض رسوم بـ  145 % على معظم السلع الصينية.
وفيما يبدو أن زيادات التعريفات الجمركية توقفت في الوقت الحاضر، فإن الولايات المتحدة تضرب الصين عبر شركائها التجاريين الآخرين.

أوروبا لا تستجيب
لكن الأستاذ المساعد في قسم العلوم السياسية بجامعة بيردو كايل هاينز، قال لنيوزويك إنه رغم محاولة إدارة ترامب «إجبار أوروبا على الاختيار بين الولايات المتحدة والصين»، فإنه لا يتوقع أن تستجيب .   
ورغم ذلك، وبينما تتساءل أوروبا عن الثقة في شركة ستارلينك لإيلون ماسك، قال رئيس لجنة الاتصالات الفيديرالية بريندان كار، لصحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، إن الحلفاء الأوروبيين في حاجة إلى الاختيار بين تكنولوجيا الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية الأمريكية، والصينية. وقال: «إذا كنت تشعر بالقلق من ستارلينك، فما عليك سوى انتظار الحزب الشيوعي الصيني، وعندها  ستشعر بقلق حقيقي».
وأضاف أن أوروبا «عالقة» بين واشنطن وبكين، ومن الممكن أن يكون هناك «انقسام كبير» بين الذين يتحالفون مع الصين، والذين لا يفعلون.
وأوضح أنه إذا امتلكت أوروبا كوكبة أقمار اصطناعية، فهذا رائع. وأعتقد أنه كلما زاد عددها، كان ذلك أفضل. ولكن على نطاق أوسع، أعتقد أن أوروبا عالقة بين الولايات المتحدة والصين. وقد حان الوقت الاختيار.
وكتبت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية أخيراً، أن واشنطن ستستخدم مفاوضات التعريفات الجمركية مع أكثر من 70 دولة للحد من تجارتها مع الصين.
وقال كايل هاينز إن «حجم تجارة الاتحاد الأوروبي مع الصين يكاد يضاهي حجم تجارته مع الولايات المتحدة، ومن المرجح أن يشير تراجع ترامب عن الرسوم الجمركية الأسبوع الماضي، إلى افتقاره للجرأة لخوض حرب تجارية عالمية حقيقية». وأضاف «تتمتع أوروبا بميزة أنها في موقع محوري هنا. فهي تتمتع حالياً بعلاقات أفضل مع كل من الصين والولايات المتحدة من تلك التي تربط الولايات المتحدة والصين.وهذا يمنح أوروبا نفوذاً أكبر في استغلال الحرب التجارية المستمرة بين الولايات المتحدة والصين، أو على الأقل يسمح لها برعاية مصالحها التجارية بشكل أفضل، بينما تخوض واشنطن وبكين حرب استنزاف بينهما».
لكن كايل هاينز يعتقد أن «الاتحاد الأوروبي يعرف أن ترامب ليس شريكاً موثوقاً في المفاوضات»، وأنه سيحاول «تقليل الضرر الذي قد يُلحقه  بالعلاقات عبر الأطلسي في انتظار انتهاء ولايته».
 وأضاف «قد يكون لحرق الجسور مع شي آثار طويلة الأمد على أوروبا، نظراً للنجاح الذي حققه في ترسيخ سلطته في الصين.فأوروبا مرتبطة بشكلٍ كبير مع كل الولايات المتحدة والصين، ويرى القادة الأوروبيون، حقاً، أن هذا النزاع برمته خيار مقصود من ترامب، وليس من شي».
وأضاف «أتوقع أن ترفض أوروبا الاختيار كما يطالب ترامب. قد يُنفذ ترامب حينها بعض تهديداته. لكن سلوكه حتى الآن يوحي باستعداده للتراجع سريعاً عندما تتضح العواقب الاقتصادية الكارثية».
وقالت الأستاذة والباحثة البارزة في قسم السياسة والعلاقات الدولية بجامعة أكسفورد روزماري فوت للنيوزويك، إن «من الصعب التأكد من أي شيء هذه الأيام في ظل الغموض والطبيعة المتقلبة لصنع السياسة في الولايات المتحدة».
وأضافت أن فكرة إجبار أوروبا على الاختيار بين البلدين «لا تترك مجالاً كبيراً لفكرة أن الاتحاد الأوروبي هو عبارة عن مجرد وكيل، أو الاعتراف بأهميته الكبرى باعتباره تكلاً تجارياً». وأضافت «مع تغير المواقف الأمريكية بشكل يومي تقريباً، سيكون من الحماقة، أن يؤيد أي أوروبي مثل هذا الموقف المستقطب في العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة».
وبينما لا يُرجح أن تعمل الولايات المتحدة على إثارة الخلاف بين الصين والاتحاد الأوروبي، قال مدير برنامج أوروبا وروسيا وأوراسيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ماكس بيرغمان لشبكة سي إن بي سي، إنه يعتقد أن من غير المرجح أن يتحد الاتحاد الأوروبي والصين ضد الولايات المتحدة.