رئيس الدولة ونائباه يعزون سلطان عمان بوفاة والدة السيدة الجليلة
الطبيعة المختلفة جذرياً للصراعين تقوض فكرة المقايضة بين البلدين
تقرير: بايدن بين مطرقة أوكرانيا وسندان ردع الصين في تايوان
في ظل اشتداد وطأة الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، ظهرت طائفة ناشئة يمينية الهوى من خبراء السياسة الخارجية، زعمت أن سياسة الرئيس الأمريكي جو بايدن الخاصة بأوكرانيا تضعف أمريكا، وتقوض قدرتها على ردع الغزو الصيني لتايوان. غير أن الحجة التي تدعم تقليص الدعم الأمريكي المقدم لأوكرانيا تستند إلى سياسة مقايضة مفترضة، مفادها أن كل دولار ينفق في سبيل أوكرانيا أو رصاصة تطلق دفاعاً عنها توازي قصوراً مثيلاً في الدفاع عن تايوان، وفق تحليل روبرت نيلسون، الباحث بجامعة ستانفورد، والمتخصص في السياسة الخارجية الأمريكية.
أمن تايوان أهم
من أمن أوكرانيا
وقال نيلسون في مقاله بمجلة “ناشيونال إنترست”: “نظراً لكون أمن تايوان أهم استراتيجياً لواشنطن من أمن أوكرانيا، يزعم النقاد أن الولايات المتحدة لا بد أن تعيد توجيه سياستها الخارجية بما يطابق أولوياتها. ولا يحتاج المرء إلى قبول وجهة النظر التي أعرب عنها التايوانيون، إضافة إلى آخرين، ومفادها أن الولايات المتحدة لا بد أن تدعم أوكرانيا كي تردع الصين».
فحتى لو استبعدت المخاوف المتعلقة بمصداقية الولايات المتحدة أو عزمها، فهناك سبب وجيه يدعونا إلى أن نخلص إلى أن نقاد سياسة واشنطن الحالية المتعلقة بأوكرانيا خاطئون، حسب نيلسون، الذي عمل سابقاً مساعداً للأمن القومي الأمريكي لدى عضو مجلس الشيوخ كريس ميرفي.
أولاً، لا تتكون ميزانية الدفاع وحسب من نفقات على أوكرانيا وتايوان، فهناك برامج كثيرة أخرى يمكن تقليصها أو تعطيلها بالكامل لزيادة تمويل الدفاع عن تايوان.
روسيا هي الشريك الصيني الأقدر عسكرياً، ومن الأرجح أن تكون مستعدة لإمداد الصين بالأسلحة خلال أي صراع على تايوان.
وإمداد أوكرانيا بسبل تدمير القدرات العسكرية الروسية ربما كان برنامج وزارة الدفاع الأكثر فاعلية حالياً، حتى إذا نظر إليه المرء من منظور الوضع الطارئ في تايوان. ولو أفضى الأداء العقيم لروسيا في نهاية المطاف إلى الإطاحة ببوتين ووجود حكومة روسية أرشد محل حكومته، فستكون المكاسب التي ستتحقق للأمن الأمريكي والتايواني أكبر.
تقويض فكرة المقايضة
جدير بالذكر أن الطبيعة المختلفة جذرياً للصراعين تقوض فكرة المقايضة بين تسليح أوكرانيا في مقابل تسليح تايوان. فالصراع الأوكراني حرب برية في غالبه تدور رحاها على مسافات قصيرة، في حين أن الصراع التايواني من الأرجح أن يكون حرباً بحرية، تدور على مسافات طويلة.
ومع أن التقارير الخاصة باستنفاد احتياطات الأسلحة الأمريكية مثيرة للقلق، فإن نظم الأسلحة المعنية ليست الغواصات والطائرات والصواريخ المضادة للسفن والألغام البحرية والطوربيدات الحاسمة للدفاع عن تايوان. وقد كشفت الحرب عن أوجه قصور في القاعدة الصناعية الدفاعية الأمريكية، ومن حسن الحظ أنها ظهرت الآن، لا في خضم الصراع المحتمل مع الصين على تايوان. وتعطي المواجهات في أوكرانيا أيضاً البنتاغون فرصة لاختبار معدات جديدة، واكتساب المهارات اللوجستية الضرورية لعمليات الإمداد على مسافات طويلة. وهذه المعلومات ستثبت الأيام أهميتها البالغة، حسب الكاتب، إذا اضطرت الولايات المتحدة إلى أن تنتفض دفاعاً عن تايوان.
وقد يجادل المرء بأن التزام الولايات المتحدة تجاه أوكرانيا سيغري الصين على ضرب تايوان، أثناء انشغال الولايات المتحدة في أوروبا، خاصة إذا امتد الصراع لسنوات.
لكن، سيكون الهجوم على تايوان في أوج استمرار الصراع في أوكرانيا كارثة استراتيجية للصين، وفق الكاتب. حيث تعقد بكين الآمال على دق إسفين بين أوروبا والولايات المتحدة بسبب تايوان. ويبدو أنها نجحت إلى حد ما استناداً إلى التعليقات الأخيرة التي أدلى بها قادة أمثال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
ورجح الكاتب أن تدعم أوروبا الجهود الأمريكية الرامية إلى الدفاع عن تايوان في مقابل الدعم الأمريكي المستمر في أوكرانيا.
تحالف غربي ضد الصين
وخلاصة القول، سيؤدي الهجوم على تايوان في خضم الحرب الأوكرانية على الأرجح إلى نشأة تحالف غربي شامل لصد الصين.
وأخيراً، هناك اختلاف جوهري بين الصراع الحالي الدائر في أوكرانيا والصراع المفترض على تايوان، يجعل الحجج الخاصة بالمقايضات المحتملة محل نقاش، ألا وهو دور الأسلحة النووية. يقول الكاتب: تحلت الولايات المتحدة بالحكمة، إذ أحجمت عن المشاركة المباشرة في الحرب الأوكرانية لتفادي احتمالات المواجهة النووية مع روسيا. والصراع الجاد على تايوان سيوجب مشاركة عسكرية أمريكية كبيرة قد تنطوي على الأرجح على ضربات صاروخية تستهدف البر الرئيسي للصين.
احتمالات اندلاع حرب نووية
ويضيف الكاتب: في أي صراع على أرض الواقع على تايوان، ستخطر احتمالات اندلاع حرب نووية على بال صناع السياسات في واشنطن وبكين على حد سواء. غير أن التهديد بشن حرب نووية مع الصين ليس سبباً للتخلي عن تايوان. ويرى أن على الولايات المتحدة ببساطة أن تحتفظ بقدرات عسكرية كافية في المنطقة، تجعل من المستحيل على الصين أن تنجح في غزو تايوان، دون أن تشن هجوماً في الوقت عينه على القواعد العسكرية الأمريكية في المحيط الهادئ، ولا سيما في غوام، وربما حتى في اليابان والفلبين.
وخلص إلى أنه بالنظر إلى السياسة الأمريكية المعلنة، لا بد أن تتصرف بكين على افتراض أن واشنطن ستمد يد المساعدة إلى تايوان دفاعاً عنها. وقد تحاول الصين تفادي هذا المأزق بتبني خطط أكثر تحفظاً، كأن تضرب حصاراً على تايوان. وأي محاولة أمريكية للرد على تحرك كهذا ستنطوي في المقام الأول على مساعٍ دبلوماسية وتوظيف قدرات النقل الجوي والبحري، وهي الجوانب التي لا يعرقلها الدعم الأمريكي لأوكرانيا.