رئيس الدولة يتلقى دعوة من خادم الحرمين لحضور القمة الخليجية - الأميركية في الرياض
تهدئة أم مراوغة؟.. محادثات جنيف تختبر نوايا واشنطن وبكين
أكد خبراء مختصون في الشؤون الأمريكية والصينية، أن حجم التباين في المطالب المتبادلة بين واشنطن وبكين خلال المحادثات التي تجري بينهما في جنيف بهدف تهدئة الحرب التجارية، تعكس الفارق الكبير لتطلعات الطرفين وأهدافهما.
وأوضحوا في تصريحات لـ»إرم نيوز»، أن النتائج الإيجابية المنتظرة قد تذهب إلى خفض متبادل للرسوم الجمركية، الأمر الذي سيعتبر إشارة إيجابية على تهدئة التوترات، بجانب العمل على بناء آلية اتصال أكثر استقرارا، بهدف تقليل سوء الفهم والتقديرات الخاطئة في الملف الاقتصادي ومجالات المصالح المشتركة؛ ما يتيح فرصة جديدة لتحقيق المصالح المتبادلة.
وكان قال الممثل التجاري الأمريكي جيميسون جرير إن بلاده توصلت إلى «اتفاق» في محادثاتها مع الصين في سويسرا على مدار يومين، بشأن النزاع حول الرسوم الجمركية، مشيرا إلى أن التفاصيل ستعلن يوم الاثنين، وذلك في الوقت الذي لم يدل فيه الوفد الصيني، برئاسة نائب رئيس الوزراء هي ليفنج، بأي تعليق بعد اختتام المحادثات، بحسب وكالة الأنباء الألمانية.
ويقول الخبير في الشؤون الأمريكية، علي شاهين، إن ترامب يتفهم بشكل واضح الانعكاسات التي جاءت سريعا من الحرب التجارية وخوضها دون تجهيز العديد من الملفات، ليس فقط على الأسواق الداخلية بالولايات المتحدة ولكن تعامل الصين التي كانت تعد دروع مواجهة عبر عدة أوجة وأدوات من بينها تحالفات؛ ما جعلها تمضي في التعامل مع هذه الحرب.
ويرجح شاهين في تصريحات لـ»إرم نيوز» ، أن مغزى ما قاله الرئيس الأمريكي مؤخرا بإن الجانبين تفاوضا على «إعادة ضبط كاملة» تحمل دلالة على ذهابه بشكل كبير إلى التفاهم مع النقاط التي ستطرح من جانب بكين على المستوى العلاقات التجارية والاقتصادية بعد أن حملت الرسوم الجمركية عدة ارتدادات لها وقع كبير على الداخل الأمريكي.
وبحسب شاهين فإن الحوافز المحملة بالإغراءات التي يقدمها ترامب لجذب شركات وصناعات والاستثمارات التي يراهن عليها لن تجري في «ليلة وضحاها» وهو ما لم يدركه لاسيما في ظل احتياج ذلك إلى البنية التحتية المناسبة وتأهيل وتجهيز عمالة لصناعات ليست حاضرة في الداخل ويجب توطينها على الأراضي الأمريكية في ظل حسابات التكلفة العالية التي لم يكن لها موقع لدى الرئيس الأمريكي قبل فرض الجمركية.
ويؤكد شاهين بأنه ليس أمام ترامب سوى إعادة النظر بشكل حقيقي في التعريفات الجمركية في وقت يواجه فيه ضغوطا من مؤسسات صناعية وتجارية وتكنولوجية أمريكية كبرى ترى أنها تحقق خسائر يجب تداركها في أقرب وقت في ظل تهديد منتجاتها بشكل أكبر لصالح نظائرها في الصين حتى لو لم تكن بالمستوى ذاته.
ولكن في الوقت ذاته، يرى شاهين أن التعريفات الجمركية من ناحية أخرى تحمل مخاوف في الداخل الصيني لتقويض الاقتصاد، لافتا إلى أن بكين ليست هي فقط من تمتلك أوراق قوة ولكنها تستطيع أن تجد عدة منافذ وحلول أكثر من ترامب المحكوم بعدة اعتبارات من بينها أنه مطلوب منه على الأقل تخفيف الأضرار التي لحقت بالداخل الأمريكي من الحرب التجارية التي هو من قام بشنها في الأساس.
وتقول الخبيرة الصينية المتخصصة في الشؤون الدولية، سعاد ياي شين هوا، إنه انطلاقا من جولات سابقة بين الجانبين، هناك خلافات واضحة بينهما لها عدة مظاهر أبرزها عدم اكتفاء إدارة ترامب بتقليص العجز التجاري مع الصين بل طرحت مطالب تهدف تحمل بكين مسؤوليات مشكلات هيكل الاقتصاد الأمريكي وهو ما ترفضه الصين بشكل قاطع.
وبينت «ياي شين هوا» في تصريحات لـ»إرم نيوز»، أن من بين الصعوبات التي واجهت هذه المفاوضات، أن الولايات المتحدة تنظر إلى الصين باعتبارها أهم منافس استراتيجي وقد اتخذت سياسات وإجراءات للضغط عليها في مجالات التجارة والتكنولوجيا فضلا عن تحالفات دبلوماسية قامت بها؛ الأمر الذي جاء بتدهور مستوى الثقة الاستراتيجية بين البلدين؛ ما جعل من الصعب إجراء مفاوضات تركز على المصالح المشتركة.
وأوضحت «ياي شين هوا» أن واشنطن تسعى لعرقلة التطور التقني والصناعي الصيني في محاولة لضمان استمرار هيمنتها الاقتصادية، إلا أن بكين ترى أن تطوير صناعاتها وتحقيق تقدم تكنولوجي واستقلالي في المجالات التقنية تشكل مصالح وطنية لا يمكن التنازل عنها.
وأشارت «ياي شين هوا» إلى أن تقييم ترامب للمفاوضات ووصفها بالجيدة وحديثه عن أنه تم التوصل إلى العديد من التفاهمات نحو استئناف العلاقات الثنائية بشكل كامل في حين أن ردود الصين كانت أكثر تحفظا بوصف المباحثات بالخطوة الإيجابية والتأكيد على أن إلغاء الرسوم الجمركية المرتفعة هو شرط أساسي لمواصلة التفاوض، يوضح حجم التباين الذي يعكس الفارق الكبير لتطلعات الطرفين وأهدافهما.
وذكرت «ياي شين هوا» أن تصريحات ترامب موجهة بالأساس لطمأنه الأسواق الأمريكية والمستثمرين في بلاده وربما أيضا لكسب إعجاب المواطنين الأمريكيين له ولكن هذا لا يعكس بالضرورة وجود أي تقدم حول التعقد الدائر في ملفات حقوق الملكية الفكرية والنقل التكنولوجي بين الجانبين.
ولفتت إلى أن النتائج المحتملة التي من الممكن أن تكون حاضرة وبارزة في حال ذهاب هذه المباحثات إلى توافق، الخفض المتبادل حتى لو كان محدودا للرسوم الجمركية؛ الأمر الذي سيعتبر إشارة إيجابية على تهدئة التوترات، وقد يعمل الطرفان على بناء آلية اتصال أكثر استقرارا لتقليل سوء الفهم والتقديرات الخاطئة في الملف الاقتصادي ومجالات المصالح المشتركة مثل مكافحة تغير المناخ أو إدارة الاقتصاد العالمي، وقد تتاح فرصة جديدة لتحقيق المصالح المتبادلة.