الانتخابات الرئاسية الفرنسية:
توحيد اليمين لعام 2022، المهمة مستحيلة...؟
-- في غياب خط واضح، وزعيم، سيكتفي اليمين بأن يكون متفرجًا على انفجار جديد وإدامة لعنة انقساماته
-- حتى يفوز بالرئاسية، على اليمين- بكل اتجاهاته- تلبية ثلاثة شروط
-- موضوع اتحاد اليمين يتعارض مع استراتيجية «لا يمين ولا يسار» لمارين لوبان
-- سيكون التحدي الرئيسي لمرشح اليمين هـــو الوصـــول إلى الجولـــة الثانيــة
-- منذ برنامج القطيعة الذي اقترحه ساركوزي، يبدو أن اليمين البرلماني نسي تحديث برمجيته الأيديولوجية
في عمل نُشر عام 1982، أظهر رينيه ريمون تعددية اليمين، مميزًا بين ثلاثة اتجاهات يمينية: الشرعية، والأورليانية، والبونابارتية.
وتنزّلت شبكة القراءة هذه، التي تتميز بمقاربة جينيالوجية، على المدى الطويل، حيث أن اليمين اليوم لا يزال يتقاطع مع ثلاثة مكونات: محافظة وليبرالية وسلطوية. ومع ذلك، فإن حالة التمركز الأيديولوجي للتجمع الوطني في “النظام الريموندي” لا تزال معقدة.
وإذا كان حزب مارين لوبان جزءًا من تقليد سلطوي لليمين القومي، فإن الحلول التي يقترحها في المسائل الاقتصادية تبدو أحيانًا غير مألوفة.
ونتيجة لذلك، سمح انعطاف “الشيطنة” للجبهة الوطنية، ثم التجمع الوطني، بإغراء الطبقات العاملة -التي كانت تصوت حتى ذلك الحين لليسار -خاصة في المناطق التي شعر فيها الناخبون بالإهمال بسبب العولمة، مثل غراند ايست أو اوت -دي فرنس، على سبيل المثال، ولجذب الطبقات الوسطى إليها الذين شعروا بخيبة أمل من حزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية، أنصار القانون والنظام.
وهكذا، فإن موضوع وحدة اليمين يتعارض مع استراتيجية “لا يمين ولا يسار” لمارين لوبان، التي اقتنعت -خطأً وفقًا لمؤلف هذا المقال -بأنها ستصل إلى الاليزيه دون الدخول في تحالف مع التيارات اليمينية الأخرى، الأمر الذي يثير بالنسبة إلى الجمهوريين مسألة الاتجاه الذي يجب أن تحدث فيه الدينامية الاتحادية.
حساسيات مجزأة
في خراب سياسي
الاتجاهات الثلاثة لليمين الريموندي هي منذ التسعينات -الاستفتاء على معاهدة ماستريخت عام 1992 يمكن اعتباره نوعًا من مسرّع لعملية تفكك الحزب الديغولي الجديد -تم تجاوزها من خلال الانقسامات المتعددة التي ساهمت في انشقاقه وجعلت الوضع أكثر تعقيدًا: أوروبيون / سياديون؛ جيروندان / يعاقبة؛ ليبراليون / دولتيون ... بمعنى آخر، قوى الطرد أقوى من قوى الجاذبية.
وفي ظل هذه الظروف، فإن تحقيق وحدة تيارات اليمين هو بمثابة تربيع دوائر، وليس نهرًا طويلًا هادئًا. ولكي يأمل اليمين بكل اتجاهاته، الفوز بالانتخابات الرئاسية لعام 2022، يجب تلبية ثلاثة شروط: برنامج، زعيم، وسياق ملائم. في الوقت الحالي، لم يتم استيفاء هذه الشروط الثلاثة، بل لم يتم استيفاء أي منها، حتى لو تم أخذها فرادى.
برمجية أيديولوجية قديمة
منذ برنامج القطيعة الذي اقترحه نيكولا ساركوزي عام 2007، يبدو أن اليمين البرلماني قد نسى تحديث برمجيته الأيديولوجية.
وما كان ينبغي القيام به بعد هزيمة رئيس الدولة، إجراء تقييم واضح لفترة الخمس سنوات 2007-2012، وهو نوع من جرد النجاحات والإخفاقات، لم يتم القيام به ربما حتى لا تندلع حرب الخنادق بين بعض الورثاء المستعجلين بدرجة او بأخرى.
وهكذا، سرعان ما أفسحت عملية إعادة التأسيس الطريق للتحلل، مع حرب داخلية على رئاسة الاتحاد من أجل الحركة الشعبية في خريف عام 2012 بين جان فرانسوا كوبي وفرانسوا فيون، ثم رحيل عدد معين من الشخصيات بعد صعود لوران واكيز على راس الجمهوريين في ديسمبر 2017.
بالإضافة إلى ذلك، إذا كان الطامحون يتدافعون لتسلّم المشعل، وفي مقدمتهم كزافييه بيرتراند، وفاليري بيكريس، وبرونو ريتايو، فلا يبدو أن أحدًا في السياق الحالي يظهر كزعيم كاريزمي، في حين أن الجسم الانتخابي اليميني يحتاج دائمًا إلى التجسد -جاك شيراك عام 1995 ، وبأسلوب أكثر إثارة للانقسام، نيكولا ساركوزي عام 2007 -والعثور على رجل العناية الإلهية.
مرشحون «خارج الأسوار»؟
علاوة على ذلك، في تاريخ اليمين، يمر الترشح للرئاسة بالسيطرة على حزب سياسي أو على الأقل أنه منبثق من جهاز حزبي واضح المعالم.
في ديسمبر 1976، أسس جاك شيراك التجمع من أجل الجمهورية على أنقاض اتحاد الديمقراطيين من أجل الجمهورية، وهي منظمة كانت أداة ترشّحه للإليزيه (1981، 1988، 1995)، قبل أن يتم تنقيح برنامجه الأصلي في الاتحاد من اجل الحركة الشعبية لعام 2002، كثمن للاتحاد مع الوسطية.
ومنذ حملة إيمانويل ماكرون عام 2017، الذي استند ترشّحه إلى مشاة بدلاً من منزل قديم، مثل منزل شارع سولفيرينو (الحزب الاشتراكي)، شقت فكرة الترشح خارج الجدران طريقها على اليمين.
غادر كزافييه برتران الجمهوريين في ديسمبر 2017، وأسس ما وصفه على موقعه بأنه “مختبر أفكار للعالم الحقيقي».
وأعادت فاليري بيكريس إطلاق حركتها احرار! في صيف عام 2019 بعد مغادرة الجمهوريين، وتولى برونو ريتايو مقاليد القوة الجمهورية، وهي مؤسسة فكرية سياسية أنشأها فرنسوا فيون، وأطلق تطبيقة له على الهاتف الذكي، “2022”، حتى لو ظل عضوًا جمهوريًا على عكس منافسيه الاثنين.
وإذا كان كل هذا مقاربة ماكرونيّة إلى حد ما، من حيث التقنيات المستخدمة لتحقيق غاياتها، فإن الاختلافات في مقاربة انتخابات 2022 بين المرشحين عديدة.
بالنسبة لسيناتور فيندي ورئيس مجموعة “الجمهوريون” في مجلس الشيوخ، ينصح بإجراء انتخابات تمهيدية -لأنه مقتنع بأنه سيكون قادرًا على افتكاك الحزب من الداخل كما فعل معلمه فرانسوا فيون في خريف عام 2016 -بينما يعتبر كل من فاليري بيكريس وكزافييه برتران، أن الانتخابات الإقليمية في 13 و20 يونيو 2021، ستكون الانتخابات التمهيدية الحقيقية.
وسيعني فشل فاليري بيكريس في إيل دو فرانس، أو كزافييه برتران في أوت دو فرانس، والذي يبدو غير مرجح وفقًا لاستطلاعات الرأي الأخيرة، سيعني بالنسبة لهما نهاية السباق الرئاسي. من ناحية أخرى، في حالة الفوز، سيستفيدان من التتويج الديمقراطي ومن الديناميكية الإيجابية.
وحدة مستحيلة
بدون برنامج
يبقى بلورة برنامج، حتى لو أظهرت تجربة ماكرون لعام 2017 أن الناخبين كانوا أقل ارتباطًا بالركيزة الأيديولوجية. علاوة على ذلك، ترتبط مسألة البرنامج ارتباطًا وثيقًا بشخصية المتنافسين ومسارهم.
هناك العديد من الاختلافات بين اليمين الاجتماعي الذي يدعي كزافييه برتراند أنه يجسده، واليمين الأخلاقي الذي يدعي برونو ريتايو تمثيله، واليمين التقني الشيراكي لفاليري بيكريس. هنا نجد الحساسيات المختلفة الموروثة من الديغولية الجديدة.
خلال الانتخابات التمهيدية لليمين والوسط لعام 2016، جسَّد المتنافسون الرئيسيون الثلاثة أيضًا حساسيات ملحوظة: الشرعية فرانسوا فيون، والأورليان آلان جوبيه، والبونابرتية نيكولا ساركوزي، حتى وان كانت الحدود في الواقع أكثر تعقيدًا، ولا يمكن اختراقها إلا في الوهلة الاولى.
تجميع المعسكر
علاوة على ذلك، ربما تكون مسألة الأفكار ثانوية بالنسبة لليمين اكثر منها لليسار، لأن هذه العائلة السياسية مرتبطة تقليديا بقدرة الزعيم على الاستقطاب بدلاً من قوة جذب مدونة أيديولوجية.
وبمجرد تعيين المرشح، يستحسن “تجميع معسكرك أولاً، ثم جمع الفرنسيين بعد ذلك” (فرانسوا ميتران). ومع ذلك، فإن ديناميكية الوحدة مع الوسطيين الذين تذرروا إلى عدة مجموعات برلمانية في الجمعية الوطنية (مجموعة أجير أنسامبل “العمل معا”، واتحاد الديمقراطيين والمستقلين، والحريات والأقاليم) تمثل تحديًا كبيرًا، بينما انضمت مجموعة نواب الحركة الديمقراطية إلى إيمانويل ماكرون.
وبالنسبة للمرشح المستقبلي لليمين الموحد -إذا كان التوحد حول مرشح ممكنا -سيكون من الضروري الإجابة على سؤال ملح، يتعلق بالتوضيح الأيديولوجي لخطه السياسي. هل يجب أن تتحقق الوحدة بالتوجه نحو وسط الطيف السياسي، للسماح بعودة عدد معين من ناخبي يمين الوسط الذين انضموا إلى الماكرونية، أم مواصلة مسار الاتجاه يمينا نحو مياه التجمع الوطني (مارين لوبان)؟
لعنة الانقسامات
للإجابة على هذا السؤال، الذي ربما يجعل من الممكن وضع حد لتمزق وتوزع الجمهوريين بين الماكرونية واللوبينية، يجب أولاً قطع العقدة الغوردية للانقسامات المختلفة التي ذكرناها انفا. أخيرًا، سيكون التحدي الرئيسي لمرشح اليمين هو الوصول إلى الجولة الثانية، والتي تبدو في الوقت الحالي مستحيلة، ما لم يصبح السياق أكثر ملاءمة. وفي غياب خط واضح، وزعيم او زعيمة معترف به على هذا النحو، ولديه قدرة متأصلة على التوحيد والتجميع، دون التخلي او إنكار قناعاته، سيكون على اليمين الاكتفاء بان يكون متفرجًا على انفجار جديد يديم لعنة انقساماته.
إلا إذا جاء خلاصه من الخارج، من خلال تبني شخصية كاريزمية وتوافقية إلى حد ما، قادرة على جمع الفرنسيين في مناخ من عدم الثقة تجاه السلطة السياسية التي تضخمها الأزمة الصحية وعواقبها الاجتماعية.
أستاذ محاضر في التاريخ السياسي بجامعة لورين.
-- حتى يفوز بالرئاسية، على اليمين- بكل اتجاهاته- تلبية ثلاثة شروط
-- موضوع اتحاد اليمين يتعارض مع استراتيجية «لا يمين ولا يسار» لمارين لوبان
-- سيكون التحدي الرئيسي لمرشح اليمين هـــو الوصـــول إلى الجولـــة الثانيــة
-- منذ برنامج القطيعة الذي اقترحه ساركوزي، يبدو أن اليمين البرلماني نسي تحديث برمجيته الأيديولوجية
في عمل نُشر عام 1982، أظهر رينيه ريمون تعددية اليمين، مميزًا بين ثلاثة اتجاهات يمينية: الشرعية، والأورليانية، والبونابارتية.
وتنزّلت شبكة القراءة هذه، التي تتميز بمقاربة جينيالوجية، على المدى الطويل، حيث أن اليمين اليوم لا يزال يتقاطع مع ثلاثة مكونات: محافظة وليبرالية وسلطوية. ومع ذلك، فإن حالة التمركز الأيديولوجي للتجمع الوطني في “النظام الريموندي” لا تزال معقدة.
وإذا كان حزب مارين لوبان جزءًا من تقليد سلطوي لليمين القومي، فإن الحلول التي يقترحها في المسائل الاقتصادية تبدو أحيانًا غير مألوفة.
ونتيجة لذلك، سمح انعطاف “الشيطنة” للجبهة الوطنية، ثم التجمع الوطني، بإغراء الطبقات العاملة -التي كانت تصوت حتى ذلك الحين لليسار -خاصة في المناطق التي شعر فيها الناخبون بالإهمال بسبب العولمة، مثل غراند ايست أو اوت -دي فرنس، على سبيل المثال، ولجذب الطبقات الوسطى إليها الذين شعروا بخيبة أمل من حزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية، أنصار القانون والنظام.
وهكذا، فإن موضوع وحدة اليمين يتعارض مع استراتيجية “لا يمين ولا يسار” لمارين لوبان، التي اقتنعت -خطأً وفقًا لمؤلف هذا المقال -بأنها ستصل إلى الاليزيه دون الدخول في تحالف مع التيارات اليمينية الأخرى، الأمر الذي يثير بالنسبة إلى الجمهوريين مسألة الاتجاه الذي يجب أن تحدث فيه الدينامية الاتحادية.
حساسيات مجزأة
في خراب سياسي
الاتجاهات الثلاثة لليمين الريموندي هي منذ التسعينات -الاستفتاء على معاهدة ماستريخت عام 1992 يمكن اعتباره نوعًا من مسرّع لعملية تفكك الحزب الديغولي الجديد -تم تجاوزها من خلال الانقسامات المتعددة التي ساهمت في انشقاقه وجعلت الوضع أكثر تعقيدًا: أوروبيون / سياديون؛ جيروندان / يعاقبة؛ ليبراليون / دولتيون ... بمعنى آخر، قوى الطرد أقوى من قوى الجاذبية.
وفي ظل هذه الظروف، فإن تحقيق وحدة تيارات اليمين هو بمثابة تربيع دوائر، وليس نهرًا طويلًا هادئًا. ولكي يأمل اليمين بكل اتجاهاته، الفوز بالانتخابات الرئاسية لعام 2022، يجب تلبية ثلاثة شروط: برنامج، زعيم، وسياق ملائم. في الوقت الحالي، لم يتم استيفاء هذه الشروط الثلاثة، بل لم يتم استيفاء أي منها، حتى لو تم أخذها فرادى.
برمجية أيديولوجية قديمة
منذ برنامج القطيعة الذي اقترحه نيكولا ساركوزي عام 2007، يبدو أن اليمين البرلماني قد نسى تحديث برمجيته الأيديولوجية.
وما كان ينبغي القيام به بعد هزيمة رئيس الدولة، إجراء تقييم واضح لفترة الخمس سنوات 2007-2012، وهو نوع من جرد النجاحات والإخفاقات، لم يتم القيام به ربما حتى لا تندلع حرب الخنادق بين بعض الورثاء المستعجلين بدرجة او بأخرى.
وهكذا، سرعان ما أفسحت عملية إعادة التأسيس الطريق للتحلل، مع حرب داخلية على رئاسة الاتحاد من أجل الحركة الشعبية في خريف عام 2012 بين جان فرانسوا كوبي وفرانسوا فيون، ثم رحيل عدد معين من الشخصيات بعد صعود لوران واكيز على راس الجمهوريين في ديسمبر 2017.
بالإضافة إلى ذلك، إذا كان الطامحون يتدافعون لتسلّم المشعل، وفي مقدمتهم كزافييه بيرتراند، وفاليري بيكريس، وبرونو ريتايو، فلا يبدو أن أحدًا في السياق الحالي يظهر كزعيم كاريزمي، في حين أن الجسم الانتخابي اليميني يحتاج دائمًا إلى التجسد -جاك شيراك عام 1995 ، وبأسلوب أكثر إثارة للانقسام، نيكولا ساركوزي عام 2007 -والعثور على رجل العناية الإلهية.
مرشحون «خارج الأسوار»؟
علاوة على ذلك، في تاريخ اليمين، يمر الترشح للرئاسة بالسيطرة على حزب سياسي أو على الأقل أنه منبثق من جهاز حزبي واضح المعالم.
في ديسمبر 1976، أسس جاك شيراك التجمع من أجل الجمهورية على أنقاض اتحاد الديمقراطيين من أجل الجمهورية، وهي منظمة كانت أداة ترشّحه للإليزيه (1981، 1988، 1995)، قبل أن يتم تنقيح برنامجه الأصلي في الاتحاد من اجل الحركة الشعبية لعام 2002، كثمن للاتحاد مع الوسطية.
ومنذ حملة إيمانويل ماكرون عام 2017، الذي استند ترشّحه إلى مشاة بدلاً من منزل قديم، مثل منزل شارع سولفيرينو (الحزب الاشتراكي)، شقت فكرة الترشح خارج الجدران طريقها على اليمين.
غادر كزافييه برتران الجمهوريين في ديسمبر 2017، وأسس ما وصفه على موقعه بأنه “مختبر أفكار للعالم الحقيقي».
وأعادت فاليري بيكريس إطلاق حركتها احرار! في صيف عام 2019 بعد مغادرة الجمهوريين، وتولى برونو ريتايو مقاليد القوة الجمهورية، وهي مؤسسة فكرية سياسية أنشأها فرنسوا فيون، وأطلق تطبيقة له على الهاتف الذكي، “2022”، حتى لو ظل عضوًا جمهوريًا على عكس منافسيه الاثنين.
وإذا كان كل هذا مقاربة ماكرونيّة إلى حد ما، من حيث التقنيات المستخدمة لتحقيق غاياتها، فإن الاختلافات في مقاربة انتخابات 2022 بين المرشحين عديدة.
بالنسبة لسيناتور فيندي ورئيس مجموعة “الجمهوريون” في مجلس الشيوخ، ينصح بإجراء انتخابات تمهيدية -لأنه مقتنع بأنه سيكون قادرًا على افتكاك الحزب من الداخل كما فعل معلمه فرانسوا فيون في خريف عام 2016 -بينما يعتبر كل من فاليري بيكريس وكزافييه برتران، أن الانتخابات الإقليمية في 13 و20 يونيو 2021، ستكون الانتخابات التمهيدية الحقيقية.
وسيعني فشل فاليري بيكريس في إيل دو فرانس، أو كزافييه برتران في أوت دو فرانس، والذي يبدو غير مرجح وفقًا لاستطلاعات الرأي الأخيرة، سيعني بالنسبة لهما نهاية السباق الرئاسي. من ناحية أخرى، في حالة الفوز، سيستفيدان من التتويج الديمقراطي ومن الديناميكية الإيجابية.
وحدة مستحيلة
بدون برنامج
يبقى بلورة برنامج، حتى لو أظهرت تجربة ماكرون لعام 2017 أن الناخبين كانوا أقل ارتباطًا بالركيزة الأيديولوجية. علاوة على ذلك، ترتبط مسألة البرنامج ارتباطًا وثيقًا بشخصية المتنافسين ومسارهم.
هناك العديد من الاختلافات بين اليمين الاجتماعي الذي يدعي كزافييه برتراند أنه يجسده، واليمين الأخلاقي الذي يدعي برونو ريتايو تمثيله، واليمين التقني الشيراكي لفاليري بيكريس. هنا نجد الحساسيات المختلفة الموروثة من الديغولية الجديدة.
خلال الانتخابات التمهيدية لليمين والوسط لعام 2016، جسَّد المتنافسون الرئيسيون الثلاثة أيضًا حساسيات ملحوظة: الشرعية فرانسوا فيون، والأورليان آلان جوبيه، والبونابرتية نيكولا ساركوزي، حتى وان كانت الحدود في الواقع أكثر تعقيدًا، ولا يمكن اختراقها إلا في الوهلة الاولى.
تجميع المعسكر
علاوة على ذلك، ربما تكون مسألة الأفكار ثانوية بالنسبة لليمين اكثر منها لليسار، لأن هذه العائلة السياسية مرتبطة تقليديا بقدرة الزعيم على الاستقطاب بدلاً من قوة جذب مدونة أيديولوجية.
وبمجرد تعيين المرشح، يستحسن “تجميع معسكرك أولاً، ثم جمع الفرنسيين بعد ذلك” (فرانسوا ميتران). ومع ذلك، فإن ديناميكية الوحدة مع الوسطيين الذين تذرروا إلى عدة مجموعات برلمانية في الجمعية الوطنية (مجموعة أجير أنسامبل “العمل معا”، واتحاد الديمقراطيين والمستقلين، والحريات والأقاليم) تمثل تحديًا كبيرًا، بينما انضمت مجموعة نواب الحركة الديمقراطية إلى إيمانويل ماكرون.
وبالنسبة للمرشح المستقبلي لليمين الموحد -إذا كان التوحد حول مرشح ممكنا -سيكون من الضروري الإجابة على سؤال ملح، يتعلق بالتوضيح الأيديولوجي لخطه السياسي. هل يجب أن تتحقق الوحدة بالتوجه نحو وسط الطيف السياسي، للسماح بعودة عدد معين من ناخبي يمين الوسط الذين انضموا إلى الماكرونية، أم مواصلة مسار الاتجاه يمينا نحو مياه التجمع الوطني (مارين لوبان)؟
لعنة الانقسامات
للإجابة على هذا السؤال، الذي ربما يجعل من الممكن وضع حد لتمزق وتوزع الجمهوريين بين الماكرونية واللوبينية، يجب أولاً قطع العقدة الغوردية للانقسامات المختلفة التي ذكرناها انفا. أخيرًا، سيكون التحدي الرئيسي لمرشح اليمين هو الوصول إلى الجولة الثانية، والتي تبدو في الوقت الحالي مستحيلة، ما لم يصبح السياق أكثر ملاءمة. وفي غياب خط واضح، وزعيم او زعيمة معترف به على هذا النحو، ولديه قدرة متأصلة على التوحيد والتجميع، دون التخلي او إنكار قناعاته، سيكون على اليمين الاكتفاء بان يكون متفرجًا على انفجار جديد يديم لعنة انقساماته.
إلا إذا جاء خلاصه من الخارج، من خلال تبني شخصية كاريزمية وتوافقية إلى حد ما، قادرة على جمع الفرنسيين في مناخ من عدم الثقة تجاه السلطة السياسية التي تضخمها الأزمة الصحية وعواقبها الاجتماعية.
أستاذ محاضر في التاريخ السياسي بجامعة لورين.