رئيس الدولة ورئيس بيلاروسيا يبحثان علاقات البلدين وعدداً من القضايا الإقليمية والدولية
دعمها وكأنّه تجرّع الدواء المرّ:
تونس: حكومة عسيرة الهضم حتى على حاضنتها...!
-- حجي: إدخال تغيير على القائمة الحكومية هو إعلان ضمني بأن التركيبة المقترحة سقطت
لعلّها سابقة أولى في التاريخ السياسي المحلي وربما العالمي أن يتم الإعلان عن تشكيل حكومة ثم يجري البحث عن حزام سياسي داعم لها. تلك هي حال حكومة الحبيب الجملي المقترحة التي بدت عسيرة الهضم حتى على حاضنتها والحزب الذي كلف بتشكيلها ونعني بذلك حركة النهضة، ومع رفض واسع للتصويت لها.لكن، أخيرا، شورى حركة النهضة يبدو أنه قبل تجرّع الدواء المر ويقرر منح الثقة لحكومة الحبيب الجملي رغم تحفظاته وملاحظاته وغضب جزء من قياداته، في انتظار أن يفصح حزب قلب تونس وائتلاف الكرامة عن موقفهما النهائي، وهي مواقف يرجّح أن تكون أقرب للتصويت منها للمعارضة.
-- شورى النهضة: سنصوّت للحكومة حتى لا نــرد على الخطــأ بخطــأ
-- الشواشي: لا يمكن إدخال تعديلات على التركيبة المقترحة
-- الجملي: أي تغيير لأحد أعضاء الحكومة سيكون بعد المصادقة عليها
-- تأجيل اجتماع «قلب تونس» المخصص لمناقشة منح الثقة للحكومة من عدمه
-- المغزاوي: من الحالات الغريبة في البلاد نشكل الحكومة ثم نبحث لها عن حزام سياسي
تعديلات مطلوبة
فقد أعلن رئيس مجلس شورى حركة النهضة عبد الكريــم الهارونــي، أن مجلس شـــورى النهضــة قرر التصويت لفائــــدة حكومـــــة الحبيب الجملــي حتى لا يـــرد على الخطـــأ بخطـــأ باعتبار أن النهضــة ليســت راضية على وضــــع حكومــة مســـتقلين بــل ومتمسـكة بحكومـــة ســياســية تفرزهـــا نتائــج الانتخابات.
وقال عبد الكريم الهاروني في مؤتمر صحفي صباح أمس الأحد، إن المكلّف بتشكيل الحكومة الحبيب الجملي خرج عن سياسة النهضة لكنه لم يتمرد عليها.وأضاف أن للحركة تحفظات على عدد من المقترحين لتولي حقائب وزارية بسبب قلة كفاءة البعض وشكا في نزاهة البعض الآخر، حسب تعبيره.
وأكد الهاروني أن الحركة ستطلب مراجعة هذه الأسماء قبل موعد جلسة منح الثقة في البرلمان في إطار ما يسمح به الدستور، دون ان يكشف في المقابل عن هوية هذه الشخصيات، مشددا في سياق متصل على ان ذلك ليس من باب الشروط التي تفرضها الحركة على الجملي وأنها تدعوه للتغيير من باب النصح وانها ستتفاعل معه في علاقة بإدخال تغييرات على التركيبة قبل وبعد جلسة منح الثقة.وشدّد على أن الدعوة لإدخال تغييرات ليست مرتبطة بمنح الثقة، مبيّنا ان كتلة النهضة ستنضبط لقرار مجلس الشورى، وأنها ستزكي الحكومة في كل الحالات، وان الباب يبقى مفتوحا امام ما أسماه بالتحسينات في البرنامج والتركيبة والحزام السياسي.
كما قال الهاروني إن التشاور مع الجملي سيتواصل بخصوص برنامج الحكومة وأولوياتها مطلقا عليها تسمية “حكومة الإنجاز”، مشددا من جهة أخرى على أن قرار شورى النهضة بدعم الحكومة يلزم كل هياكل النهضة وأعضاءها.ودعا رئيس مجلس شورى حركة النهضة عبد الكريم الهاروني، رئيس الحكومة المكلف إلى تكثيف المشاورات مع الكتل والأحزاب من أجل دعم الحزام السياسي للحكومة المرتقبة وتعزيز منح الثقة لها في البرلمان.
من جهته، أكد النائب عن حركة النهضة مختار اللموشي، أن مجلس شورى النهضة أكد تمسّكه بحكومة كفاءات سياسيّة، وقرر دعوة الكتلة البرلمانية للحزب للتصويت لحكومة الحبيب الجملي لأن وضع البلاد لم يعد يحتمل وسط تحفظ البعض على التصويت.وأشار اللموشي إلى أن شورى الحركة يطالب الجملي بإجراء الإصلاحات اللازمة على بعض المكلفين في هذه الحكومة، وتدعوه لمراجعة عدد كتاب الدولة.وقال في هذا الإطار، “الإبقاء على القرار السابق وهو حكومة كفاءات سياسية والجملي كلف على هذا الأساس وخروجه عن سياسة حركة النهضة كاد يكلفه سحب التكليف منه لولا تقدير الشورى لمصلحة البلاد بعد نقاشات طويلة ليستقر الأمر على الإقرار بتمسك الحركة بحكومة كفاءات سياسية وإصدار قرار للكتلة بالتصويت للحكومة لأن وضع البلاد لم يعد يحتمل وسط تحفظ البعض على التصويت لها...».
سقوط ضمني
وكان راشد الغنوشي رئيس الحركة ورئيس البرلمان قد قال، بخصوص إمكانية إجراء تغييرات في الحكومة المقترحة بإضافة أسماء أو تحوير البعض، إن الأصل هو ألا يحصل ذلك، مضيفا “ولكن ما لم تُعرَض الحكومة على الجلسة العامة فإن الأمر يبقى متاحا».لكن النائب ورئيس الكتلة الديمقراطية غازي الشواشي، اعتبر أنه “طالما تعهد مجلس نواب الشعب بملف طلب منح الثقة للحكومة المقترحة والصادر عن رئيس الدولة فإنه لا يمكن بأي حال من الأحوال إدخال تعديلات على التركيبة المقترحة ولو في الأثناء وقبل انعقاد الجلسة العامة».
وأردف الشواشي في تدوينة نشرها بصفحته على موقع فيسبوك بسؤال موجه لرئيس البرلمان راشد الغنوشي جاء فيه “وأضح السيد رئيس المجلس؟».
وأردف الشواشي في تدوينة نشرها بصفحته على موقع فيسبوك بسؤال موجه لرئيس البرلمان راشد الغنوشي جاء فيه “وأضح السيد رئيس المجلس؟».
يذكر أن عضو مكتب مجلس نواب الشعب عن الكتلة الديمقراطية نبيل حجي، كان قد اعتبر بدوره أن “تغيير الأسماء في الحكومة المقترحة من طرف رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي غير ممكن دستوريا».وأكــــد حجــي أن “إدخــــال تغييــر على القائمة الحكومية هو إعلان ضمني بأن التركيبة المقترحة سقطت».في حين قالت أستاذة القانون الدستوري منى كريم في تدوينة على فسيبوك، إن رئيس الحكومة المكلف لا يكتسب صفة رئيس حكومة إلا بعد نيل ثقة المجلس ولا يمكن له مخاطبة مجلس نواب الشعب لانعدام الصفة الدستورية، معتبرة أن كل تغيير يرد على القائمة التي تم إرسالها للمجلس يفترض الرجوع إلى رئيس الجمهورية الذي يمتلك وحده الصفة والشرعية لمراسلة البرلمان مجددا.
تمسك بالتركيبة
وفي سياق تعليقه على بعض التصريحات بخصوص إمكانية تعديل بعض الوزراء المرشحين قبل جلسة المصادقة على الحكومة التي ستنعقد يوم 10 يناير الجاري، شدد رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي، على تمسكه بتركيبة الحكومة التي اقترحها، قائلا “أنا متمسك بهذه التركيبة وأرى أنها الأفضل وملائمة لمتطلبات المرحلة ولمعالجة مختلف الجوانب الاقتصادية والاجتماعية بالخصوص».وأكد على أن أي تغيير لأحد أعضاء الحكومة سيكون بعد المصادقة عليها، مضيفا “أي إشكال يتبين بخصوص الشخصيات المقترحة في تركيبة الحكومة سيعالج في الابان بعد انتصاب الحكومة».ونفى الجملي وجود أية خلافات بينه وبين الرئيس قيس سعيّد قائلا “هناك تواصل مستمر بيني وبين رئيس الجمهورية والعلاقة معه جيّدة وفي تمام التفاهم والاحترام».
وبخصوص تصريح المكلفة بالإعلام في رئاسة الجمهورية رشيدة النيفر التي أكدت فيه أن قيس سعيّد عبر عن احترازه على بعض الأسماء في الحكومة المقترحة ودعوته إلى التدقيق فيها ومراجعتها قبل الإعلان عنها، قال الجملي ان تصريح النيفر أُسيء فهمه.
البحث عن حزام سياسي
وفي سياق متصل، أكّد النائب عن الكتلة الديمقراطية زهير المغزاوي، أن تشبث حركة النهضة بموعد 10 يناير لعقد جلسة منح الثقة للحكومة المقترحة من قبل رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي يأتي في إطار البحث عن حزام سياسي لها.
وأشار المغزاوي في تصريح اعلامي إثر اجتماع مكتب المجلس، إلى وجود مشاورات قال إن النهضة أطلقتها الجمعة مع أطراف “لم يسمها” وأنها باءت بالفشل وإلى أن ذلك دفعها لمزيد كسب الوقت بتأجيل موعد الجلسة العامة، لافتا إلى وجود محاولات لإقناع كتل برلمانية ونواب لمنح الثقة للحكومة المقترحة، ملاحظا “حالة من الارباك في تشكيل الحكومة الجديدة وتسريب تركيبتها والخلاف الذي طرأ بين رئيسها المكلف ورئيس الجمهورية قيس سعيّد».
وابدى استغرابه من اعلان الجملي عن فريقه الحكومي دون أن يكون له حزام سياسي مسبقا، معتبرا أن الجملي اراد المرور بقوة، قائلا “من الحالات الغريبة في بلادنا نشكل الحكومة ثم نبحث لها عن حزام سياسي”، معتبرا أن تغيير أسماء مقترحة في الحكومة وإدخال تحويرات على تركيبتها أمر صعب ومعقد دستوريا وأن الامر انتهى.
وشدد المغزاوي على ان الكتلة لن تصوت لصالح الحكومة وعلى ان من شكّلها هو من يتحمل مسؤولية البحث عن سند سياسي لها لتمريرها.يشار الى ان اجتماع مكتب المجلس، شهد انقساما بين أعضائه حول موعد انعقاد الجلسة العامة المخصصة لمنح الثقة لحكومة الحبيب الجملي المقترحة، بين متمسك بموعد الثلاثاء 7 يناير ومتشبث بانعقادها يوم الجمعة 10 من الشهرذاته.وبسبب الانقسام تم الالتجاء للتصويت، وتحصل كل شق على 5 أصوات، ليكون صوت رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي مرجحا ويتقرر بالتالي انعقاد الجلسة يوم الجمعة القادم.
وجاء ترحيل موعد الجلسة العامة لمزيد التشاور مع رئيس الحكومة المكلف لإدخال تغييرات على تركيبة حكومته المقترحة، حسب ما أكد رئيس البرلمان راشد الغنوشي في تصريح إعلامي عقب اجتماع مكتب المجلس.
قلب تونس يؤجل
في الأثناء، يستمر صدور بيانات الأحزاب والمنظمات الرافضة لتشكيلة حكومة الجملي، ودعا حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد (الوطد)، إلى عدم منح الثقة للحكومة المقترحة، والتي قال إنها “لا تلبي طموحات التونسيين ولا علاقة لها بالاستقلالية على عكس ما يدعي رئيسها».في حين ندد حزب القطب بأغلب الوزراء وكتاب الدولة المقترحين في حكومة الحبيب الجملي، ووصفهم بمرشحين حزبيين “هواة” ووزراء سابقين “فاشلين” وممثلي دوائر مالية واقتصادية نافذة وتكنوقراط “لا يمتلكون الرؤية السياسية اللازمة لتسيير الدولة” إضافة إلى شخصيات “تحوم حولها شبهات فساد جدية».
واستنكر القطب ما رافق مسار تشكيل الحكومة من ارتجال وارتباك واخلالات ظهرت خاصة في الأيام الأخيرة “ما زاد في ضرب هيبة الدولة وعمق أزمة الثقة بين الشعب وصناع القرار السياسي”، حسب تعبير البيان.في المقابل، واستمرارا للتشويق، أكد رئيس كتلة حزب قلب تونس حاتم المليكي، أن الحزب قرر تأجيل عقد مجلسه الوطني الذي كان مقررا أمس الأحد إلى بداية الأسبوع المقبل، وهو اجتماع مخصص لتدارس موقف الحزب والكتلة من الحكومة المقترحة التي أعلن عنها رئيس الحكومة المكلف، الحبيب الجملي.وبيّن المليكي أن تأجيل الاجتماع يأتي إثر قرار مكتب المجلس تخصيص الجلسة العامة لمنح الثقة للحكومة في البرلمان يوم 10 يناير الجاري، معتبرا أن “الوقت مازال مبكرا قبل حسم الحزب في مسألة منح الثقة للحكومة من عدمه”، على حد تعبيره.