ترامب يصر على موقفه من خفض وتيرة الفحوص
حصيلة وفيات كورونا تعود للتصاعد في الولايات المتحدة
سجلت الولايات المتحدة نحو 800 وفاة إضافية جراء كوفيد-19 فضلا عن أكثر من 32 ألف إصابة خلال الساعات الأربع والعشرين المنصرمة حسب جامعة جونز هوبكنز.
وأظهرت بيانات للجامعة التي تعتبر مرجعا في تتبع الإصابات والوفيات الناجمة عن فيروس كورونا المستجد، نشرت الساعة 20,30 الثلاثاء، أن العدد الإجمالي للوفيات جراء الجائحة في البلاد بلغ 121,176 وفاة من أصل 2,342,739 إصابة.
وتمثّل الولايات المتحدة البلد الأكثر تضرّرا من جائحة كوفيد-19، من حيث الإصابات والوفيات، وتتخطى سائر الدول بفارق شاسع.
وكانت الولايات المتّحدة سجّلت مساء الأحد 305 وفيات بالفيروس خلال 24 ساعة، في أدنى حصيلة ضحايا يومية منذ أشهر، لكن هذا التراجع لا يعني بالضرورة أن الوباء آخذ في الانحسار لأن الانخفاض في أعداد الوفيات يرجع في العادة إلى آلية حصول “جونز هوبكنز” على البيانات من السلطات الصحية المحلية والتي لا تكون في العادة مكتملة في نهاية الأسبوع ولا في أول يوم عمل في الأسبوع الجديد.
وبعدما كانتا البؤرة الأساسية لكوفيد-19 في الولايات المتحدة، نجحت نيويورك ونيوجيرسي في السيطرة على الوباء الذي انتقل باتجاه الشمال الشرقي والغرب والجنوب وبات يتفشى بوتيرة متسارعة في حوالى 20 ولاية أميركية أبرزها فلوريدا.
ومع تخفيف إجراءات الإغلاق تدريجياً في مختلف الولايات ونزول مئات آلاف المحتجّين إلى الشوارع في سائر أنحاء البلاد للتظاهر ضد العنصرية، زادت المخاوف من أن تشهد الولايات المتحدة موجة ثانية من تفشّي الوباء.
والاثنين توقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن تتخطى حصيلة وفيات كوفيد-19 في الولايات المتحدة 150 ألفاً، مشدّداً في الوقت عينه على أنّ البلاد “كانت لتفقد ما بين مليونين وأربعة ملايين شخص” لو لم تتخذ الإدارة تدابير للحدّ من تفشي الوباء.
وولاية تكساس التي باشرت الخروج من الحجر في أوائل ايار/مايو، سجلت الثلاثاء خمسة الاف اصابة جديدة، في رقم قياسي منذ بدء الجائحة، وهو ما دفع الحاكم الجمهوري غريغ أبوت إلى دعوة مواطنيه للبقاء في المنازل.
وأكد خبير الأمراض المعدية الأميركي أنطونيو فاوتشي وأعضاء آخرون في خلية مكافحة فيروس كورونا في الولايات المتحدة، أن الرئيس دونالد ترامب لم يطلب يوما إبطاء وتيرة إجراء فحوص الكشف عن الإصابة بكوفيد-19، مناقضين بذلك تصريحات مثيرة للجدل كان سيّد البيت الأبيض قد أطلقها.
وخلال جلسة استماع في مجلس النواب الأميركي أعرب فاوتشي، عضو خلية مكافحة فيروس كورونا الأميركية، عن قلقه البالغ إزاء تزايد الإصابات بكوفيد-19 في عدد من الولايات الأميركية.
وأكد الخبير أن ترامب “لم يطلب يوما من أي منا إبطاء وتيرة إجراء الفحوص”، مؤكدا أنه على عكس ذلك “سنزيد وتيرة إجراء الفحوص».
وبالإضافة إلى فاوتشي، أجاب ثلاثة من كبار مسؤولي الملف الصحي في إدارة ترامب بـ”كلا” ومن دون أي تردد، ردا على سؤال وجهه إليهم عضو في لجنة برلمانية حول ما إذا طلب الرئيس إبطاء وتيرة إجراء فحوص كشف الإصابة بفيروس كورونا.
والمسؤولون هم مدير مراكز مراقبة الأمراض والوقاية منها روبرت ريدفيلد، ومساعد وزير الصحة الأميركي بريت جيرور، ورئيس وكالة الغذاء والدواء ستيفن هان.
وكان الرئيس الأميركي أثار جدلا واسعا بإعلانه مساء السبت أنه طلب من مسؤولي الملف الصحي إبطاء وتيرة إجراء الفحوص لأن زيادتها تعني “الكشف عن مزيد من الإصابات».
وأطلق ترامب هذه التصريحات خلال تجمّع انتخابي أثار بدوره جدلا لتنظيمه في تولسا في أوكلاهوما بحضور آلاف الأشخاص على الرغم من أن الوباء يسجل نسقا تصاعديا في الولاية.
ولاحقا أكد البيت الأبيض أن ما قاله ترامب كان على سبيل المزاح، علما أن الرئيس الأميركي عاد وأكد الثلاثاء “أنا لا أمازح”، موضحا أن “إجراء مزيد من الفحوص يكشف مزيدا من الإصابات».
ويندد جو بايدن، منافسه الديموقراطي في الاستحقاق الرئاسي المقرر في 3 تشرين الثاني/نوفمبر، بشدة بطريقة إدارة الرئيس للجائحة.
وجاء في تغريدة أطلقها الثلاثاء “الأمر بغاية السهولة: إن أردنا إنقاذ الوظائف والأرواح، علينا إجراء مزيد من الفحوص، ونحن نحتاج إلى إجرائها بوتيرة أسرع. الرئيس يتعمّد إبطاء الوتيرة».
ورفعت ولايات أميركية عدة تدابير الإغلاق. أما نيويورك، المدينة الأكثر تضررا من الوباء، فاتّخذت الإثنين خطوة إضافية في هذا الاتجاه بإعادة فتح المؤسسات التجارية غير الأساسية. لكن ولايات عدة في جنوب البلاد وغربها تسجل ارتفاعا في أعداد الإصابات بالوباء.
واعتبر فاوتشي أن “الأسبوعين المقبلين سيكونان حاسمين” في التصدي لتزايد الإصابات.
وخلافا لوجهة نظر ترامب الذي يعتبر أن تزايد الإصابات هو نتيجة لزيادة الفحوص، يعتبر خبير الأمراض المعدية أن ارتفاع نسق الإصابات ناجم عن عوامل عدة بينها “العدوى” في مكان الإقامة، مؤكدا أن “هذا الأمر يثير قلقي».
ومن دون الإشارة صراحة إلى التجمّع الانتخابي في تولسا، قال فاوتشي “يجب ألا تشاركوا في تجمعات حاشدة”. وتابع أنه يجب وضع كمامة خلال “تظاهرة أو اجتماع”، علما أن تجمعات عدة نظّمت في الولايات المتحدة منذ قضية جورج فلويد، الأميركي الأسود الذي قضى اختناقا خلال توقيفه على يد شرطي ابيض في مينيابوليس في 25 أيار/مايو.
وذّكر فاوتشي بأن البلاد لا تزال في خضم الموجة الأولى من الجائحة، متوقعا تسجيل “إصابات بفيروس كورونا في الخريف والشتاء لأن الفيروس لن يختفي».
وقال فاوتشي إنه لم يجر أي حديث مباشر مع ترامب منذ “نحو أسبوعين ونصف».
وقـــال فاوتشـــي “نحن متفائلون بحذر” في ما يتعلـــّق بالأبحاث الجارية لإيجاد لقاح، مكررا أملــــــه في أن يصبـــح اللقـــــاح متاحا للأميركيين “بنهاية العام” الحالي أو مطلع العام المقبل.
وعلى عكس ترامب الذي لم يضع أبدا كمامة خلال أي ظهور علني، التزم الخبراء وضعها طوال الجلسة التي استمرت نحو ست ساعات، ولم يزيلوها عن وجوههم إلا عند التحدّث.