خسارة جديدة لـ «F-16».. كييف تفشل في اختبار الردع الروسي

خسارة جديدة لـ «F-16».. كييف تفشل في اختبار الردع الروسي


يذهب الخبراء، إلى أن تكرار سقوط طائرات حلف «الناتو» الأكثر تطورًا «المقاتلة الأمريكية F-16 « فوق سماء كييف يضع أوكرانيا أمام تحد إستراتيجي خطير، ويطرح تساؤلات حول قدرة الدعم الغربي، رغم زخمه، على قلب موازين المعركة في ظل تطور الردع الجوي الروسي.
وفي مشهد يعكس حجم المأزق العسكري الذي تعيشه أوكرانيا، تحطمت إحدى أكثر الطائرات الغربية تطورًا - المقاتلة الأمريكية «16-F» فوق سماء كييف، لتسجل الخسارة الثانية من الطراز ذاته خلال أشهر قليلة. 
ورغم التعويل الأوكراني والغربي على هذه الطائرة لتغيير قواعد الاشتباك في المعركة، جاءت الخسارة المبكرة لتفضح هشاشة المظلة الجوية أمام الهجمات الروسية المتطورة، وتطرح تساؤلًا خطيرًا، عمَّ إذا كانت الدفاعات الأوكرانية تواجه تحديًا استراتيجيًّا يتجاوز قدراتها، حتى مع أحدث ما يقدمه حلف الناتو من دعم؟.

سقوط متكرر
وبحسب مصادر مطلعة نقلتها هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، يرجح أن الطائرة قد أُسقطت بواسطة صاروخ روسي؛ ما يعكس تطور التكتيكات والهجمات الروسية في تحييد المقاتلات الغربية، حتى تلك المصنفة ضمن الجيل الرابع مثل «16-F». وأعادت الخسارة الأخيرة للأذهان حادثة إسقاط طائرة «16-F» الأولى، التي وقعت في أغسطس/ آب الماضي، عندما تحطمت مقاتلة أُرسلت حديثاً إلى أوكرانيا إثر «نيران صديقة» صادرة عن الدفاعات الجوية الأوكرانية، وفقاً لما كشفته مصادر عسكرية وصحيفة «وول ستريت جورنال».
واللافت أن التحقيقات في كلتا الحادثتين تسلط الضوء على عامل مشترك يتمثل في ضعف التنسيق بين أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية، إضافة إلى غياب منظومات غربية حديثة لم يتم تزويد أوكرانيا بها من قبل الولايات المتحدة.
ومع تكرار سقوط طائرات «16-F» في سماء أوكرانيا، يتصاعد الجدل حول قدرة كييف على استيعاب الأسلحة الغربية المتطورة وإدارتها ضمن بيئة قتالية مشبعة بالتهديدات الجوية والصاروخية الروسية، كما أن الخسائر المتلاحقة لهذا النوع من المقاتلات تطرح تساؤلات استراتيجية أعمق حول قدرة الدعم الغربي، رغم زخمه، على قلب موازين المعركة في ظل تطور الردع الجوي الروسي.

توازن القوى الأوروبية
ويرى الخبراء، في تصريحات لـ«إرم نيوز» أن تفوق السلاح الروسي النوعي أسهم في كسر توازن القوى الأوروبي، وأن التكتيكات الدفاعية الأوكرانية، رغم تطورها واعتمادها على تدريبات غربية، لا تزال عاجزة عن مجاراة سرعة ودقة الأسلحة الروسية الحديثة.
وأكد الخبراء، أن الدفاعات الجوية الأوكرانية تواجه مأزقاً حقيقياً بعد الخسائر البشرية المتزايدة وإسقاط الطائرات الغربية الموردة، خاصة مع محدودية قدرة أنظمة الاعتراض التقليدية في التعامل مع الهجمات الروسية المكثفة والمتطورة.
ويتفق الخبراء على أن التصعيد الروسي الأخير يكشف ثغرات متزايدة في شبكة الدفاع الأوكرانية، وأن الحل العسكري يبدو معقداً في ظل تفوق موسكو التقني؛ ما يجعل الحلول السياسية أقرب للخروج من هذا المأزق العسكري المتصاعد.

تفوّق نوعي للسلاح الروسي
ويؤكد الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد نضال زهوي، أن المقارنة بين القدرات العسكرية الروسية والمساعدات التي تتلقاها أوكرانيا من حلفائها الغربيين، سواء من الولايات المتحدة أو الدول الأوروبية، غير منطقية، وأن السلاح الروسي يتمتع بتفوّق نوعي واضح، كسر من خلاله توازن القوى العسكري في القارة الأوروبية.
وأوضح زهوي، في تصريح لـ«إرم نيوز» أن القوات الأوكرانية، رغم محاولاتها الناجحة أحيانًا في كبح التقدم الروسي السريع، استفادت من تبني منظومات دفاعية تكتيكية تم تدريبها عليها في الأكاديميات العسكرية الأمريكية منذ عام 2015، إلى جانب تطبيق بعض من أساليب الدفاع المستوحاة من تكتيكات ميليشيا حزب الله في لبنان، وهو ما منحها مرونة وقدرة إضافية في مواجهة الهجمات الروسية.

أسلحة استراتيجية متطورة
وأكد الخبير العسكري والاستراتيجي، أن روسيا لا تخوض معركتها العسكرية ضد أوكرانيا فقط، بل هي في سباق تسلح دائم مع الولايات المتحدة الأمريكية، مشيرًا إلى أن غياب التدخل العسكري المباشر من واشنطن حتى الآن قد يدفع موسكو لاستخدام أسلحة استراتيجية متطورة، لم تدخل ساحة القتال الأوكراني حتى اللحظة.
وأوضح زهوي أن ميزان القوى العسكري لم يعد يُقاس بعدد الصواريخ، بل بسرعتها وقدرة التحكم بها، وأن الاتحاد الروسي كان أول من أدخل الصواريخ الفرط صوتية إلى الخدمة، قبل أن تنتقل هذه التقنية إلى دول أخرى، مثل: اليمن، وإيران، وكوريا الشمالية، والصين.وأشار العميد نضال زهوي إلى أن الولايات المتحدة تمتلك تفوقًا في مجال تصنيع الطائرات بسرعات فائقة، إلا أنها متأخرة في إنتاج الصواريخ الفرط صوتية مقارنة بروسيا وبعض الدول الأخرى.
وأكد أن التفوق الروسي في مجال التسليح واضح، مشيرًا إلى أن معظم المساعدات الغربية المقدمة لأوكرانيا تنتمي إلى أجيال سابقة من الأسلحة، باتت أقل فاعلية في ظل متطلبات الحروب الحديثة.
خسائر فادحة
 بالقوات الأوكرانية
من جانبه، وصف المحلل السياسي، كايد عمر، التصعيد العسكري الحالي بين روسيا وأوكرانيا بأنه الأخطر منذ بداية الحرب، مشيرًا إلى أن الهجوم الروسي الذي استهدف مدينة  كوريسك أسفر عن مقتل نحو 175 جنديًّا أوكرانيًّا، نتيجة استخدام مكثف للصواريخ والطائرات المسيّرة.
وأضاف عمر في تصريحات لـ«إرم نيوز»، أن الدفاعات الجوية الروسية تمكنت مؤخرًا من إسقاط طائرة مقاتلة ثانية من طراز F-16، بعد أن سقطت الطائرة الأولى خلال عام 2024، مشيرًا إلى أن أوكرانيا حصلت على هذه الطائرات عبر دعم أمريكي تم تمريره بواسطة دول أوروبية، مثل: هولندا وبولندا، بالإضافة إلى حصولها على طائرات «ميراج» فرنسية الصنع. وأوضح المحلل السياسي، أن الدفاعات الجوية الأوكرانية تواجه صعوبة بالغة في التصدي لهجمات الطائرات المسيّرة والصواريخ الروسية، خاصة في ظل الخسائر الكبيرة التي تكبدها الجيش الأوكراني خلال الهجوم الأخير.وأكد كايد عمر، أن الصواريخ الروسية، سواء كانت بالستية أو فرط صوتية أو بعيدة المدى، تصيب أهدافها بدقة عالية داخل الأراضي الأوكرانية، متسببة في خسائر بشرية جسيمة، وهو ما يعكس حجم التحديات التي تواجهها كييف في التصدي لهذا التصعيد. واختتم، بالتأكيد أن الحل العسكري بعيد المنال في ظل موازين القوى الحالية، وأن المسار الدبلوماسي يظل الخيار الأمثل لإنهاء الأزمة، وسط غياب أي مؤشرات حقيقية على إمكانية الحسم العسكري.