محمد بن راشد: نسعى لتوفير أفضل نوعيات الحياة للمواطن والمقيم والزائر
خلال ندوة في الهند.. الشارقة للآثار تستعرض تجربتها في التوثيق الرقمي للمواقع الأثرية
نظمت هيئة الشارقة للآثارخلال مشاركتها في أعمال الدورة الـ46 للجنة التراث العالمي التي أختتمت أمس الأول في مدينة نيودلهي بالهندندوة بعنوان “الحفاظ الرقمي: ضمان الإرث الثقافي”.
حضر الندوة سعادة عيسى يوسف مدير عام هيئة الشارقة للآثار والشيخ إبراهيم آل خليفة مدير المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي والمهندس الدكتور جاد تابت خبير التراث العالمي وخلود الهولي السويدي مديرة إدارة التراث الثقافي المادي بالهيئة إضافةً إلى نخبة من الأكاديميين علماء الآثار والباحثين وخبراء التراث العالمي.
وركزت الهيئة خلال الندوة على توثيق الفن الصخري في شبه الجزيرة العربية والتاريخ الغني الذي يمتد على مدى سبعة آلاف عام بدقة علمية متقنة والمشاهد الثقافية التاريخية مما يُمثل وسيلة لإنشاء سجلات مفصلة ودقيقة لها ويضمن الحفاظ عليها حتى مع تغييرات المناظر المادية بمرور الوقت بسبب التغيرات البيئية والمخاطر الطبيعية أو الأنشطة البشرية.
فيمااستعرضت خلود الهولي السويدي خلال الندوة النهج الشامل والنوعي لهيئة الشارقة للآثار في التوثيق الرقمي مشيرة إلى دمج التقنيات التقليدية واليدوية لتقديم رؤية شاملة توفر 360 درجة للكنوز والمواقع الأثرية بهدف الحفاظ على الإرث الثقافي للإمارة ومشاركته مع العالم.كما سلطت الضوء على التزام الهيئة بأهداف استراتيجية واضحة لصون التراث الثقافي وتوثيقه مما يجعله متاحًا للمجتمع المحلي وللجمهور والأكاديميين ونشر الدراسات الخاصة به وتوازن عمليات الحفاظ بين المنهجيات الرقمية المتقدمة والتي تتيح للدارسين والجمهور الاستفادة من التقنيات ثلاثية الأبعاد وصور الأقمار الصناعية للنقوش الصخرية والمشاهد الثقافية التاريخية والمنهجيات التقليدية اليدوية التي توازي التقنيات أهمية في بعض الحالات مثل الدراسات الخاصة بالنقوش الصخرية والتي تم النجاح في تأريخها بعد استخدام التقنيات اليدوية.
وقدمت ماريسا جيورجي أحد أبرز الخبراء في هذا المجال خلال الندوة رؤية شاملة حول كيفية استخدام التكنولوجيا في إنشاء سجلات رقمية مفصلة ودقيقة تساعد في الحفاظ على التراث الثقافي للأجيال القادمة كما تطرق الدكتور أنجيلو فوساتي خبير النقوش الصخرية بجامعة القلب المقدس بميلانو ورئيس الاتحاد الدولي لمنظمات الفنون الصخرية إلى الجهود المبذولة لدمج الأساليب التقليدية مع التقنيات الرقمية في توثيق النقوش الصخرية وكيفية مزج هذه الأساليب لضمان دقة التوثيق واستدامته مما يشكل قاعدة بيانات ثمينة للباحثين والخبراء في المستقبل حيث أن تأريخ النقوش الصخرية لا يتم بدقة إلا باستخدام التقنيات التقليدية في توثيق الرسوم بصورة يدوية.
واستعرض الخبير كاميار كامياب التجارب في رسم الخرائط الرقمية عالية الدقة للمشاهد الثقافية التاريخية مُظهرًا كيف أن هذه التقنية قد أحدثت ثورة في دراسة وتوثيق المعالم التاريخية واقتناء البيانات ثلاثية الأبعاد وصور الأقمار الصناعية مؤكدا أهمية إنشاء سجلات رقمية تسهم في حفظ المعلومات الهامة حول المواقع الأثرية والبيئات التاريخية.
كما تضمنت الندوة عرضا للمشاهد الثقافية الرقمية وتجربة الواقع الافتراضي والميتافيرس من خلال مشروع هيئة الشارقة للآثار “مركز علم الآثار في عالم الميتافيرس” الذي يهدف إلى توفير تجربة محاكاة واقعية للتجوّل في المواقع الأثرية في إمارة الشارقة باستخدام تقنية الواقع الافتراضي “الميتافيرس” ومشاهدة عملية محاكاة للأشخاص الذين قاموا بالنقش على الصخور والتعرف إلى الأدوات المستخدمة في النقش ليكون الأول من نوعه على مستوى مؤسسات التراث الثقافي في المنطقة و”مسار جبل خطم ملاحة الأثري” الذي يضمّ أكثر من 120 نقشاً صخرياً تعود للعصر الحجري الحديث.
من جانبه قال سعادة عيسى يوسفإن تنظيم هذه الندوة يجسد التزامنا العميق بالحفاظ على التراث الثقافي الغني لإمارة الشارقة تحقيقاً لتوجيهات ورؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة وفي إطار استراتيجية الهيئة لاستدامة وصون التراث الثقافي.
وأوضح أن استخدام الأساليب الرقمية هي خطوة تاريخية تتيح لنا حفظ الإرث الثقافي بمختلف مظاهره بشكل أكثر دقة واستدامة ما يعزز أهداف هيئة الشارقة للآثار بتبادل المعرفة على الصعيد الدولي حول تسخير التقنيات الحديثة في العمل الثقافي واستخدامها لتوثيق التراث الثقافي وحمـــــــايته لضمان حفظه ونقله للأجيال القادمة ونحن ننطلق من إيماننا بأن التراث الثقافي الإنســـــــاني وسيلـــــة تواصــــــل بين ثقــــــــافات وشعـــوب العالــــــــم كونه مسؤولية مشتركـــــة تتطلب تعــــــــــاون الجميع ونفخر بأن نكــــــــون جزءاً من هذا الجهــــــــد العالمي.
وأكد أن التقدم التكنولوجي يُعتبر العامل الأبرز في تطوير مناهج الحفاظ الرقمي في مجال التراث حيث مثلت هذه الندوة منصة وفرصة مميزة لمشاركة الأكاديميين والمختصين في الهيئة جهودهم في توثيق القطع والمواقع الأثرية مع نخبة من الخبراء العالميين.
يُذكر أن هيئة الشارقة للآثار سجلت في فبراير 2023 مواقع النقوش الصخرية في الإمارة على القائمة التمهيدية للتراث العالمي باليونسكو ضمن ملفي مواقع النقوش الصخرية في خطم الملاحة وخورفكان وموقع وادي الحلو: شاهد على تعدين النحاس في العصر البرونزي بشبه الجزيرة العربية بالإضافة إلى ملف “المشهد الثقافي لعصور ما قبل التاريخ في الفاية” الذي يعكس التاريخ العريق لإمارة الشارقة ويعد في الوقت نفسه أحد أهم مواقع العصر الحجري في الجزيرة العربية والعالم.
كما وثقا الهيئة أكثر من 500 قطعة بتقنيات ثلاثية الأبعاد والواقع الافتراضيوالواقع المعزز إضافة إلى 300 نقش صخري و35 موقعا أثريا ثلاثي الأبعاد وقدمت ما يزيد عن 100 محاضرة أكاديمية حضرها 7600 مشارك إضافة إلى 80 إصدارا تنوعت بين الحوليات السنوية التي توثق أعمال بعثات التنقيب وكتب أثرية ومقالات أكاديمية.