دول الساحل الأفريقي تبحث «خريطة طريق» مع موسكو
بدأ وزراء خارجية مالي والنيجر وبوركينا فاسو زيارة إلى روسيا تستغرق 48 ساعة، موازاة مع زيارة للرئيس النيجيري بولا تينوبو رئيس «إيكواس» إلى فرنسا لمدة أسبوعين، في مؤشر على اتساع الهوة بين تحالف كونفدرالية الساحل والمجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا.
وبدعوة من نظيرهم الروسي سيرغي لافروف يعقد الاجتماع الذي أطلق عليه اسم «الدورة الأولى لمشاورات تحالف دول الساحل - روسيا»، يومي الخميس والجمعة، الذي يهدف إلى تعزيز العلاقات بين موسكو ومالي والنيجر وبوركينافاسو.
تعزيز المصالح
ومُهد للقاء الذي يضم مسؤولين عن قضايا الدفاع والأمن، بعقد وزراء خارجية اتحاد دول الساحل، عبد الله ديوب من مالي، وبكاري ياو سانغاري من النيجر، وكاراموكو جان ماري تراوري من بوركينا فاسو، يوم الأربعاء في موسكو، جلسة عمل تحضيرية موسعة لأعضاء الوفد.
وحسب بيان صادر عن الثلاثي فإنهم يرغبون في «التحدث بصوت واحد داخل الكونفدرالية بهدف الدفاع عن المصالح الاستراتيجية».
وكشف الوزير ديوب أن «المناقشات الأولى التي ستبدأ بين التحالف وموسكو ستتيح إمكانية إنشاء إطار للتشاور الدائم بين الطرفين بهدف تعزيز المصالح المتبادلة لصالح شعبينا».
وتعتزم روسيا تعزيز علاقاتها الدفاعية مع مالي والنيجر وبوركينا فاسو، سواء تحت مسمى مجموعة «فاغنر» شبه العسكرية، أو تحت اسم جديد، أو من خلال التعاون الرسمي، خاصة عقب إعلان هذه الدول الثلاث عن إنشاء تحالف دفاعي مشترك.
روسيا وملء الفراغ
ومن المقرر أن تناقش اللجنة أيضا القضايا الاقتصادية، فمن بين المشاريع الرائدة لتحالف دول الساحل إنشاء بنك استثماري إقليمي، وكانت بدايات تأسيس المؤسسة المالية بطيئة إلى حد ما، حيث سيتم طلب الشراكة مع موسكو.
ويثير الباحث المالي المتخصص في الشؤون الأفريقية، أومو مكجي مسألة النفوذ الجيوسياسي المتزايد لروسيا في منطقة الساحل الذي يثير انتباه المجتمع الدولي، بسبب إعادة تشكيل ميزان القوى في منطقة كانت تهيمن عليها تقليديا فرنسا والولايات المتحدة، وقد استفاد الكرملين من تنامي المشاعر المعادية للقوى الغربية في المنطقة، التي تفاقمت بسبب نظرتهم للاستعمار الجديد، والفشل في الحد من انعدام الأمن، ما خلق فرصة لروسيا لملء الفراغ.
شركاء جدد
وتواجه بلدان الساحل ضغوطا أمنية من جانب المتطرفين والمتمردين منذ أكثر من عقد من الزمان، والذي ترسخت جذوره في مالي قبل أن يمتد إلى بوركينا فاسو والنيجر ومنطقة جنوب الصحراء الكبرى بأكملها. ومؤخرا رفعت جيوشها من نسق الاعتماد على دعم شركاء جدد مثل روسيا وتركيا، لاستعادة السيطرة على أراضيها التي فقدتها. ويشير الباحث في تصريح لـ»إرم نيوز» إلى ثروات منطقة الساحل الغنية بالموارد الطبيعية كاليورانيوم والذهب والنفط، إذ تُعد النيجر من أكبر منتجي اليورانيوم في العالم، وتُوفر جزءا كبيرا من احتياجات أوروبا من الطاقة النووية. في حين تُتيح شراكات روسيا الاستراتيجية فرصا للوصول إلى هذه الموارد القيّمة، مما يُنمّي مصادر الطاقة ويُقلل الاعتماد على الأسواق الغربية.
مجموعة فاغنر
ومن أبرز استراتيجيات روسيا في منطقة الساحل التعاون العسكري عبر المتعاقدين العسكريين الخاصين، وقد لعبت مجموعة فاغنر، وهي منظمة شبه عسكرية دورا حاسما في ترسيخ النفوذ الروسي في دول مثل مالي وبوركينا فاسو وجمهورية أفريقيا الوسطى.
وأعلنت روسيا، دعمها لتحالف الساحل، وإرسال خبراء ومعدات عسكرية إلى دول المنطقة لتعزيز قدراتها على مكافحة الإرهاب وتحسين فاعليتها القتالية، وفق ما ذكرت تاتيانا دوفجالينكو، رئيسة إدارة الشراكة الأفريقية بوزارة الخارجية الروسية، لوكالة «سبوتنيك».
لكن ما يزيد حدة الاستقطاب بين دول المنطقة قطع الدول الثلاث علاقاتها مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) التي يرأسها الرئيس النيجيري بولا تينوبو، متهمة إياها بالانحياز إلى المصالح الغربية. وقد توجه هذا الأخير إلى فرنسا أمس الأول الأربعاء في زيارة تستغرق أسبوعين.