رئيس الدولة ورئيس بيلاروسيا يبحثان علاقات البلدين وعدداً من القضايا الإقليمية والدولية
دراسة نقدية
رؤية الصراع بين النور والظلام عند القارئ والمشاهد
يستعرض الدكتور سلطان بن محمد القاسمي في مسرحية “كتاب الله الصراع بين النور والظلام “ واحدة من القضايا الشائكة التى تدور في فلك البشر، فمنذ أن تقدم كل من الأخوين بقربان، فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر، وتم تحديد مفهوم النور والظلام، بل يعود تاريخ المصطلح إلى الملائكة في قولهم لرب العزة، اتخلق فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك، فتلك صورة أخرى توضح معنى الخير والشر.لكن سيظل النص الأدبي، هو النبراس الحقيقي، والضوء الساطع في عالم المعرفة والإبداع، حتى ولو تم تحويل النص إلى عمل درامي ضخم، لأن متعة القراءة ولمس الورق له رونقه وإحساسه الفريد، غير أن أسلوب الدكتور سلطان القاسمي يهتم بالصورة واللغة البسيطة في عرض أفكاره، فضلا عن الحالة التى تجذب القارئ لها والابحار في عالم الكلمة والحرف، والتنقل بين الجمل كفراشة على غصن يتمايل بالأفكار، النص الأدبي يساعد على التخيل ورسم موقع الحدث بكل تفاصيله، غير أن القارئ يشارك في الأحداث ويصبح جزء لا يتجزء من الحبكة والنمط العام لسرد القصة
العديد من الروايات والمسرحيات تم تشويهها بعد تحويلها إلى فيلم أو عمل على المسرح، وهذا يعود إلى روية أشخاص للنص بعيدا عن فكرة الكاتب والمؤلف، وإذا أصر الكاتب على الحوار فيخفق في المؤثرات المكملة كالديكور الذي رسمه القارئ والجو الذي استحضره في خياله، مسرحية كتاب الله والصراع بين النور والظلام للدكتور الشيخ سلطان بن محمد القاسمي تبرهن على أن الفكرة تحمل في طياتها الكثير، وتم تحجيمها فقط بالصراع الدائر بين فريق النور والظلام وبينهما كتاب الله، والحكاية من وجهة نظر القارئ تبدو في النص الأدبي أعمق من تجسيد المسرحية والأداء التمثيلي النور يرمز له بالمعرفة ووجود العلماء العرب أصحاب الفضل على العالم، وأن القرآن مصدر هذه المعرفة، إلا أن القارئ يجد في النص فكرة الفهم للكتاب أعمق وأشمل، فالعلم يبدء من محو الأمية الفكرية، وتفسير الأية تفسيرا يخاطب العقل والوجدان، وإلا سيصبح للآية تفسير مظلم من الجانب الإنساني، وهذا ما يرمز له الدكتور سلطان بن محمد القاسي في النص الأدبي، الفكرة واحدة وفهمها مختلف وكل من الفريقين يدافع عن رأيه بدون الرجوع لتحكيم العقل والتسليم المطلق لحكمة الله المسرحية تناولت قضية الصراع الأزلي بأسلوب مبسط، وكأنه يهمس في أذن الجميع ليدق ناقوس الخطر، ويعمق فكرة بناء جسر متين لتجديد الخطاب الديني، وإعادة ترتيب الأولويات لمحاربة صناع العقول الفاسدة، وما اكثرهم في هذا الزمن، كما رصدت المسرحية أسباب نمو وانتشار الظلام في الكون، فحين انصرف العلماء وتلاشت المعرفة نمت وترعرعت جذور الجهل والاستحواذ على عقول البشر لغسلها، ولتكون مهيئة تماما لاستقبال المعرفة المظلمة الجديدة راهن الدكتور سلطان بن محمد القاسمي في مسرحيته كتاب الله على القارئ قبل الجمهور، لأن القارئ لديه القدرة على اكتشاف الفكرة باستشعاره الحسي والوجداني واستنباط المدلول من وجود كتاب الله بين النور والظلام، وحرص أهل الشر على التمسك به، وبنفس حماسة أهل النور والسلام، فقط أراد الكاتب أن يركز على أن الكتاب واحد لكن تفسيره يحمل التأويل، فمن يتخذه ليطوع آياته لملذاته وفكره السيء صار من أهل الفتنة ومن تمسك بما فيه من السلم والأمان وفهم المقصود من الرسائل الربانية أصبح من أصحاب النور الرسائل المستفادة من هذا النص هو التمسك بالعلم والثقافة، والسعي قدما للتعلم ومحاولة المناقشة للفهم، وأن كتاب الله مصدر النور ومرشد أصحاب الألباب، أما الذين تنازلوا عن عقولهم وأغلقوا قلوبهم، فلم ولن يفلحوا أبدا لتفشي الأمية في نفوسهم،
كما جاء في النص رسالة تحث على مشاركة المرأة، وكانت لفتة بمثابة شهادة عرفان للنساء، فلو لم تكن النساء الحائط المنيع لتربية الأبناء في وقت ينشغل فيه الأباء، ما كنا نحن الأن، وكأن الكاتب يرمز إلى أن عمارة الأرض بنيت بوجودها، وأنها من أهل النور، حيث هبطت لتكون معين وسند، لا أن تكون مهمشة بلا دور في الحياة استدعاء الدكتور سلطان بن محمد القاسمي لأبيات الشعر التى تحث على نشر السلام في مطلع المسرحية على لسان أهل النور كان بمثابة دستور المحبة والاهتمام بالوطنية والولاء والانتماء للأرض، ووفق حين اضاف دعاء من التراث ارتبط بإرث روحي عند القارئ، ليس هذا فقط لكن عند قراءة الأبيات يقترن اللحن بالكلمة، وهذا إبداع يحسب للكاتب أن يمنح القارئ القدرة على سماع النغم مع الكلمة كتاب الله الصراع بين النور والظلام، يعتبر من الكتب المتجددة دائما، وهذا يعود إلى الموضوع الدائم والصراع المستمر، ولم يغفل الكتاب فكرة انتصار الخير على الشر في النهاية التقليدية، وللقارئ رأي أخر حول مفهوم فكرة الصراع، حيث يرى أن الباطل بلا جذور، بينما الحق يعتبر من الأوتاد في الأرض، لذلك سيظل النور من يمحى الظلام والطيبة تسمو، وهذا ما تم تجسيده في أخر مشهد