على هامش قمة شعوب العالم .. (الفجر) تلتقي مؤلف كتاب (ترامبوتوبيا)
روبندر ساشديف: الكتاب يحلل شخصية ترامب ويعيد اكتشاف ثقافة أمريكا ويقدم نصائح لقادة العالم للتعامل مع «ترامبوتوبيا»
على هامش قمة شعوب العالم التي عقدت في العاصمة الروسية موسكو مؤخراً التقت (الفجر) الكاتب الهندي وخبير الجغرافيا السياسية، والثقافة الأمريكية، والشخصية الإعلامية البارزة، روبندر ساشديف مؤلف كتاب (ترامبوتوبيا).
من الوهلة الأولى عندما نظرت إلى الكتاب، وتأملت في اسمه انتابني شعور أنه مجلد يتحدث في المقام الأول عن نرجسية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وشخصيته السيكوباتية كشخص مندفع يرى كل شيء من منظوره، وهو قادر على استغلال كل شيء في المجتمع، وقوانينه، ونظمه، ومؤسساته لتحقيق مصالحه، وتجسيد مواقفه السياسية، وشعاراته الشعبوية، وأولوياته الاقتصادية، والاجتماعية حتى يرى الشعب الأمريكي كله أو على الأقل مناصروه أنفسهم وعالمهم ومستقبلهم في مرآة ترامب.
وقبل أن أطلع على أي صفحة من صفحاته اعتقدت أنه يمكنني بكل سهولة توقع ما بداخله، فالعالم كله يرى بوضوح الحلم (الترامبي) القائم على شعار شعبوي جاذب بعنوان (لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً - أو أميركا أولاً) ومحاولة ترسيخها في الأذهان لتصبح دستوراً غير مكتوب.. لكن هذا الحلم قد يكون بالنسبة للبعض كابوساً سياسياً مزعجاً يوقظهم على الانقسامات الداخلية، والصراعات مع الخصوم، والابتعاد عن التعددية والانفتاح، إذا تظل (الترامبوتوبيا) فكرة إشكالية يراها أنصار ترامب مستقبلًا ذهبيًا، ويرى فيها خصومه خطرًا على الديمقراطية الليبرالية.
وهنا سألت الكاتب الكبير روبندر ساشديف عن كتابه وماذا يعنيه بالـ «الترامبوتوبيا» وهل يدور كتابه حول شخصية ترامب وسيرته الذاتية، والمواقف التي مر بها في مراحل عمره المختلفة؟ أم تتعدى هذه الجوانب لتضيء على محاور أخرى يستفيد منها القاريء؟
نظر الدكتور ساشديف إلى غلاف الكتاب وقال: في جوهره، يجمع كتاب ترامبوتوبيا بين العمق التحليلي، والاستشراف الاستراتيجي، مُقدمًا للقراء شرحًا للقوى المؤثرة، ومجموعة أدوات للتعامل معها في سياقات واقعية.
«ترامبوتوبيا» دليلٌ شاملٌ يُسلّط الضوء على شخصية دونالد ترامب وسياساته الانتقائية، ويفكّك في الوقت نفسه معالم اليوتوبيا التي يسعى إلى بنائها، لكن هذا الكتاب لا يقتصر على ترامب فحسب، بل يتناول أمريكا - ثقافتها، وتناقضاتها، ومفترق طرقها.
مع اقتراب الأمة من الذكرى الـ 250 لتأسيسها، يُجادل المؤلف أن أمريكا لم تعد بوتقةً، أو طبق سلطة، بل حلبة ملاكمة، حيث تخوض حركة «جعل أمريكا عظيمة مجددًا» (MAGA) وقوتها المضادة من اليسار الليبرالي، والتي يُطلق عليها اسم «كاغا» (KAGA)، معركةً شرسةً من أجل روح الجمهورية.
من تطور الأحزاب السياسية الأمريكية منذ ستينيات القرن الماضي إلى انبعاث ثقافة «دونفاذر» (Donfather) واحتمالية ثورة العملات المشفرة الوشيكة بقيادة ترامب، يُقدّم هذا الكتاب تحليلًا شاملًا ومُنظّمًا.
يخصص أكثر من ثلث الكتاب الذي بين يديك لنصائح استراتيجية - أدوات عملية وفعّالة مُصمَّمة لتجهيز القادة والدبلوماسيين والرؤساء التنفيذيين، وجماعات المصالح للتعامل بفعالية مع تعقيدات أمريكا الترامبية.
سواء كنــتَ تدعم ترامب أو تُعارضه، أو ترغب ببساطة في فهمه، فإن كتاب «ترامبوتوبيا» قراءة أساسية لأي شخص مهتم بحاضر أمريكا ، والعالم ومستقبلهما، أو مُستثمر فيهما.
وأضاف ساشديف: في كتاب «ترامبوتوبيا» - وهو كتاب يشكل جزءًا منه دليلًا، وجزءًا منه تأملًا، وجزءًا منه دليلًا استراتيجيا لفهم أحد أكثر الشخصيات السياسية تأثيراً في التاريخ المعاصر: دونالد ترامب. ومع ذلك، فإن هذا الكتاب في نهاية المطاف لا يتناول رجلًا واحدا فحسب - بل يتناول بنية النفوذ، والهوية، والسلطة في أمريكا اليوم، وكيف تعيد هذه البنية تشكيل العالم من حولها.
ورداً على سؤال حول محتوى الكتاب، وفهرسته، ومدى الارتباط بينها قال: يتألف الكتاب من خمسة أجزاء، وينتقل من التحليل إلى التطبيق، يبدأ بفك رموز شخصية ترامب، ورؤيته للعالم، ثم يبحث في كيفية توظيف وسائل الإعلام والهوية التجارية، والفوضى كأدوات للهندسة السياسية، يواصل الكتاب بحثه الثقافي في القوى التي مكنت من صعوده، ويقدم تحليلًا مفصلاً لمفهوم «ترامبوتوبيا» كنظام، ويختتم بمجموعة من الأطر الاستراتيجية للتعامل مع واقعه.
1. تعرّف على
دونالد ترامب:
يُشرّح هذا القسم الافتتاحي التأثيرات التكوينية لترامب من منظور منظم - من ديناميكيات العائلة، إلى دوائر النخبة في نيويورك في ثمانينيات القرن الماضي، ويحلل شخصيته من خلال أُطر نفسية، واجتماعية لشرح المنطق الكامن وراء غرائزه، وقراراته.
2. تعرف على السياسة
البصرية لترامب:
يقدم هذا الجزء مفهوم «السياسة البصرية» (البصريات الإعلامية + الجغرافيا السياسية)، ويكشف أسلوب ترامب الفريد في إبراز قوته، ويستكشف كيف تعكس صورته العامة، وتكتيكاته في عقد الصفقات، واستخدامه للإفلاس، والتلاعب الإعلامي، استراتيجيةً مُتعمّدة، وإن كانت غير تقليدية.
3. إعادة اكتشاف
ثقافة أمريكا:
يعيد هذا القسم صياغة السياق الوطني الذي شكل ترامب وأعاد تشكيله، ويتعمق في صورة أمريكا الذاتية، وتحولات هويتها، والرموز الثقافية الكامنة وراءها، ويغطي التحليل التطور السياسي لليمين، واليسار منذ ستينيات القرن الماضي، ويدرس كيف أعادت الحروب الثقافية تعريف الحياة المدنية.
4. تعرّف على ترامبوتوبيا:
هنا، يعرف الكتاب مفهوم ترامبوتوبيا ويتتبع تطوره، ويستكشف الركائز الأيديولوجية، والطموحات المؤسسية، والمعايير السلوكية التي تدعمه، تشمل المواضيع رؤى سياسية مثل مشروع ٢٠٢٥، ومحفزات عاطفية مثل الحنين إلى الماضي، ومستقبلاً متخيلاً مثل الجو الوطني المقترح ليوم أمريكا الأول.
5. نصائح لقادة العالم
للتعامل مع ترامبوتوبيا:
يُقدم هذا القسم الأخير تسعة أدلة استراتيجية للتعامل مع أمريكا المتأثرة بترامب، تتضمن كل نصيحة إرشادات عملية، على سبيل المثال، كيفية تفسير قرارات ترامب غير المتوقعة، ومن يشرك في دائرته المقربة، وكيفية استخدام الإشارات الثقافية كالجولف أو الحنين إلى الماضي، وكيف يمكن للذكاء الاصطناعي والرؤى السلوكية أن تثري التفاعل.
وفي نهاية عرضه للكتاب يؤكد مؤلفه على أنه جميع الأحوال سواء كنت تقرأ كصانع سياسات، أو رجل أعمال، أو باحث، أو مواطن مهتم، فإن هذا الكتاب مصمم ليكون شاملاً ومجزأً، كل فصل مستقل بذاته، مع المساهمة في فهم شامل، ومتكامل لعالم ترامبوتوبيا.
نبذة عن المؤلف:
روبندر ساشديف خبير عالمي مُعترف به في الجغرافيا السياسية والثقافة الأمريكية، شخصية إعلامية بارزة، نُشرت أفكاره ومقابلاته في أكثر من 10,000 بث ومنشور على مدار الخمسة والعشرين عامًا الماضية، بما في ذلك شبكات CNN وCNBC وBBC وصحيفة وول ستريت جورنال، ونيويورك تايمز، وواشنطن بوست.
عمل كأستاذ مساعد في الجامعة الأمريكية بواشنطن العاصمة، وقدم المشورة لكبار السياسيين، كما ظهر عمله في العلاقات الدولية في دراسات حالة وأبحاث دكتوراه في جامعات رائدة، في العام 2021، وصفته دراسة نُشرت في مجلة الجمعية الأمريكية للعلوم السياسية، أعدها زملاء ما بعد الدكتوراه في جامعة جورج تاون، بأنه أحد الشخصيات المؤثرة.