رئيس الدولة يعين النائب العام المساعد في النيابة العامة الاتحادية
في ذكرى رحيل توفيق الحكيم الخامسة والثلاثين
كيف تم تجسيد صور الأدباء والمبدعين على شاشة السينما؟
كثير من الأدباء والمبدعين تم تجسيد صورهم على شاشات السينما.. ففي الغرب يعد ذلك تيمة تكاد تكون رئيسية، لأن الأمر يرتبط بفن السيرة الذاتية، الذى يتراجع هنا فى الشرق، ويزدهر هناك فى الغرب، لذلك إذا ما توقفت أمام الأفلام السينمائية العربية (هذا بخلاف الأعمال الدرامية التليفزيونية كالمسلسلات)، التى تعرض لحياة موسيقى أو أديب أو فنان تشكيلى، فإنك ستعد على أصابع اليد الواحدة، فى حين أن الغرب وجد فى حياة المبدعين الكثير، مما يصلح للعرض على شاشة السينما.
تعرضت السينما العربية لصورة المثقف، بأشكال مختلفة، كان أغلبها يقدم صورة نمطية سلبية، ومع ذلك هناك أفلام قدمت صورا إيجابية لأدباء ومبدعين، مثل (عصفور الشرق)، المأخوذ عن رواية بنفس الاسم لتوفيق الحكيم (الذى تمر ذكرى رحيله الخامسة والثلاثين هذه الأيام)، وقام ببطولته نور الشريف، ويكشف الفيلم جانبا من حياة عميد المسرح العربى توفيق الحكيم فى باريس.
أيضا ظهر بعض المثقفين على شريط السينما بشكل شرفى، مثل المفكر الفلسطينى إدوارد سعيد، الذى استعان به يوسف شاهين فى فيلمه "الآخر"، كما ظهر أحمد فؤاد نجم، باسمه ودوره الحقيقى فى الحياة، فى أحد الأفلام السينمائية، هذا بخلاف الفيلم المأخوذ عن حياته، وقام بتجسيد دوره الفنان خالد الصاوى.
هناك فى الغرب تجارب شبيهة، فى أواخر السبعينيات من القرن الفائت، فقد وافق المفكر الفرنسى "رولان بارت"، على أن يؤدى دور الروائى "وليام ثاكيرى" فى فيلم صديقه المخرج "أندريه تيشين" (الأخوات برونتى) بينما فى عام 1965، رفض أن يجسد شخصيته الحقيقية، فى فيلم لجودار، كما أنه اعتزم كتابة سيناريو فيلم، مبنى على حياة الروائى الفرنسى "مارسيل بروست"، على أن يخرجه تيشين، لكنه لم ينفذ المشروع.
استراحة العميد
فى منزل مملوك لطه حسين، تم تصوير عدة مشاهد من فيلم "دعاء الكروان" المنزل يقع بمنطقة تونة الجبل بالمنيا، وكان استراحة خاصة بعميد الأدب العربى طه حسين، بناها عالم الآثار د. سامى جبره، وأهداها إليه، وأقام فيها العميد من وقت لآخر، ولا يزال البيت قائما حتى اللحظة الراهنة، وقد جاء صوت طه حسين بعذوبته وفخامته، لينهى آخر مشاهد الفيلم: "أترينه كان يرجع صوته هذا الترجيع، حين صرعت هنادى فى ذلك الفضاء العريض؟".
قدم الفنان محمود ياسين شخصية طه حسين، فى فيلم "قاهر الظلام" واعتمد فى تجسيده للشخصية على الأداء الصوتى المميز، خصوصا أنه التقى العميد قبل وفاته فى عام 1973، واقتبس الفيلم الخطوط الرئيسية له، من كتاب "قاهر الظلام" للكاتب كمال الملاخ، وقام نجيب محفوظ، وتوفيق الحكيم بمراجعة السيناريو الذى كتبه رفيق الصبان، وفى عام 1973، عرض مسلسل إذاعى باسم "قاهر الظلام".
اعتمد تصوير الفيلم على الأماكن الطبيعية، وذهب فريق العمل للتصوير فى جامعة السوربون، وفى لقاء تليفزيونى مع الفنان محمود ياسين، قال إن "تجسيد شخصية العميد لم يكن سهلا، لأن طه حسين روح كبيرة وثرية وغنية، فلم يكن من السهل أبدا أن أدخل فى إهاب هذه الشخصية، فهى عملية شاقة، استدعت منى أن أجتهد كثيرا، وأعود إلى المصادر والمراجع".
النجاح الذى حققه الفيلم شجع التليفزيون المصرى، لإعادة تقديم حياة طه حسين، من خلال مسلسل تليفزيونى، وتم تكليف المخرج يحيى العلمى، لتنفيذ المسلسل المأخوذ عن كتاب عميد الأدب العربى "الأيام" وبعد اعتذار عدد من النجوم قرر العلمى إسناد الدور لممثل، يكون قادرا على تفهم طبيعة الشخصية، ثم يتمكن من تجسيدها بشكل جيد، بغض النظر عن نجوميته، وبعد بحث استقر على ترشيح الفنان أحمد زكى.
عن تجربته مع "الأيام" قال الراحل أحمد زكى: "كنت فى تحدٍ رهيب، نظرا لأهمية العمل والشخصية، وعكفت على قراءة السيناريو وكتاب "الأيام" لفك طلاسم الشخصية" وقام بدراسة ما يقرب من أربعين شخصية من مكفوفى البصر، قبل قيامه بدور عميد الأدب العربى، وكيف يتصرفون داخل المكان، وكان حريصا على إجادة اللغة العربية إجادة تامة، واستعان بأستاذ من الأزهر يساعده على قراءة القرآن واللغة العربية، بعدما انتقدته الفنانة أمينة رزق فى أول بروفة جمعتهما، إذ أخطأ فى قراءة بعض الكلمات.
عصفور الشرق
قام الفنان نور الشريف بأداء دور وكيل النيابة الشاب، الذى يستعيد تجربة توفيق الحكيم فى رواية "عصفور من الشرق"، وتقمص شخصيته، حين شعر بأن هناك خيطا مجهولا، يربط بين الماضى والحاضر، فأراد أن يعيش تجربة الحكيم فى العشرينيات، كما سجلها فى كتابه "عصفور من الشرق" لكن فى الثمانينيات، بعد أن تغيرت الحياة الاجتماعية والاقتصادية.
سافر نور الشريف إلى باريس، حيث كان يعالج الكاتب الكبير هناك، واستأذنه فى استعارة قلبه وعقله وخبرته، وعثر على فتاة تشبه فتاة الحكيم، وتعمل فى بيع تذاكر المسرح، واستشار الحكيم، فى علاقته بها، فطلب منه الأخذ بنصيحة نابليون، وهى الهروب السريع من المرأة، ليأمن شرورها.
عاد وكيل النيابة مع الحكيم إلى القاهرة، بعد انتهاء فترة العلاج، ولأنه لا يزال متأثرا بالحكيم، فقد سعى للعمل فى المركز، الذى كان يخدم فيه، وقت أن كان وكيلا للنائب العام فى العشرينيات، وكلما واجه أزمة عاد إلى الحكيم، يستشيره فيما يجب أن يفعله.
فكر المخرج الراحل يوسف فرنسيس فى تجربة سينمائية مغايرة، وأمكنه هو ونور الشريف إقناع الحكيم بالتمثيل، كأحد أبطال العمل، لكن بعد أن تقدم به العمر، فهناك شاب يتمثل تجربته الشخصية والعاطفية، وفى الفيلم يقوم الحكيم بتجسيد شخصيته الحقيقية، ويستقبل فى الفندق بباريس شبابه فى ملامح نور الشريف، الذى يعود بين حين وآخر إلى توفيق الحكيم، بعد كل موقف يمر به، ليسأله عما فعله قديما.
صورة ملائكية
فى حدث لا يتكرر كثيرا، تم إنتاج فيلم "الفاجومى" حول حياة الشاعر أحمد فؤاد نجم، ويتطرق الفيلم إلى أهم المراحل فى حياة الشاعر، وعمليات اعتقاله وسجنه، وتعرض الأحداث لعلاقته برفيق دربه الشيخ إمام عيسى، وأهم القصائد التى كتبها ولحنها الشيخ إمام، وتغنى بها.
وجه نجم نقدا شديدا للفيلم، وقال فى حوار أجراه معه طونى خليفة: "إن الفيلم ركز على بعض الأشياء دون غيرها، وأهمل نقاطا مهمة فى حياتي، ولم يوضح أننى قمت بالتأثير فى تاريخ مصر"!! علامات التعجب من عندى.
هكذا قال الرجل، متصورا أنه بالفعل كان له "تأثير فظيع" على تاريخ مصر، ومن ناحية أخرى فإن هناك من وصف الفيلم بأنه "يسىء للقيم الفنية بشكل عام"، وكانت الكاتبة الكبيرة صافى ناز كاظم قد قالت سابقا إنها تزوجت نجم من أجل مصر، حتى تحافظ عليه لأنه ثروة قومية.
يبدو أن المخرج كان يتوقع مثل هذا الرفض، لذلك استعان بأسماء مستعارة، وعن لجوئه إلى ذلك قال: "حتى لا ندخل فى مشكلات، تجعلنا نخرج عن الإطار، الذى رسمناه للعمل، ولأننى أريد أن أوجه رسالة محددة للجمهور، وأستعرض تاريخ مصر، بإلقاء الضوء على اثنين (يقصد إمام ونجم) عاشا فترة زمنية صعبة، وأثرا فى وجدان المصريين".
وعلى نحو آخر، فإن الناقد طارق الشناوى وجه انتقادات حادة لصناع الفيلم، وقال إن الفيلم أظهر "نجم"، بصورة ملائكية، ما أضر بالعمل الفنى، وأكد أن نجم ليس ملاكا، حيث شهدت حياته العديد من الأخطاء، وهذا لا يقلل من كونه شاعرا ومناضلا، ويعود ذلك إلى اعتماد الفيلم على مذكرات "نجم" دون اللجوء إلى آخرين".
الشيخ يوسف
إذا كان بعض الأدباء قد تجسدت شخصياتهم من خلال أعمال درامية، تعرض لمسيرة حياتهم ومسارهم الفنى، كما فعل الفنان الكبير محمود مرسى الذى جسد شخصية عباس محمود العقاد فى مسلسل "العملاق" فإن عبد الرحمن الخميسى، الذى خاض غمار كل ما له صلة بالفنون والآداب، كان أحد شخصيات فيلم "الأرض"، من إخراج يوسف شاهين، وقام بأداء دور الشيخ يوسف المقاوم والمناضل الذى ركن إلى الراحة، أو استسلم وفتح "دكان بقالة"، لبيع احتياجات الفلاحين، ولم يجد عيبا فى البيع للهجانة، أولئك الجنود الذين هبطوا على القرية لتأديب الفلاحين، وكسر شوكتهم، وقمع تمردهم، كأنه يتعاون مع خصوم الفلاحين فى نضالهم الطبقى.
اقتباس
تحدث الروائيون عن معاناتهم مع الكتابة، ونقلت السينما صورا من تلك المعاناة، من هذه الأفلام الفيلم الأمريكى "البداية فى المساء"، الذى تم إنتاجه عام 2007 وبطله روائى من نيويورك، عزل نفسه عن الناس، بدعوى التفرغ لكتابة رواية جديدة،
على طريقة هنرى ميللر، لكن دخول باحثة شابة إلى حياته، يكشف أسباب هذه العزلة، التى لم تكن إلا نتيجة لصدمة نفسية، تعرض لها.
ولاحظت الباحثة، عبر حوارات مع الروائى، أن شخصيات رواياته الأولى كانت جريئة، فى اختيار مصيرها، بينما شخصياته الأخيرة أصبحت أقل جرأة، فى انعكاس مباشر للحالة النفسية للكاتب أثناء كتابة الرواية.
معاناة المبدع فى السينما ظهرت كذلك فى أفلام أخرى، مثل فيلم "الساعات"، الذى عمل على هاجس الحرية والإبداع عند الروائية البريطانية فيرجينيا وولف، التى انتحرت غرقا، ويشاركه فى ذلك فيلم "اقتباس" الذى ظهر عام 2002 وأدى فيه "نيكولاس كيدج" دور كاتب سيناريو، يعيش معاناة رهيبة، أثناء كتابته لفيلم عن زهرة الأوركيد، حيث لا يجد المفتاح، الذى يدخل من خلاله إلى عالم جديد يريد ابتكاره.
ويأتى فيلم "أغرب من الخيال" عام 2006، ليقدم صراع كاتبة روائية مع شخصيات روايتها، وأدت دور البطولة فيه البريطانية "إيما ثومبسون" التى تبدأ فى تأليف رواية، لكنها تواجه معاناة مع بطل روايتها الخيالى، الذى يرفض الحياة المرسومة له، ويسعى للتمرد عليها، ليتحول الصراع إلى مواجهة مباشرة بين الكاتبة وبين عالمها الروائى المتخيل.
وهناك فيلم "منتصف الليل فى باريس"، للمخرج "وودى آلن" والشخصية الرئيسية فيه لكاتب أمريكى، يقضى إجازته فى باريس، مع الفتاة التى سيتزوجها، وهو كاتب سيناريو ناجح فى بلده، لكنه قرر الشروع فى كتابة رواية، غير أن هذه النقلة تتسبب فى ضغوط كثيرة عليه، فهو من جهة يعانى للعثور على نهاية جيدة لروايته الأولى، ومن جهة أخرى تضغط خطيبته عليه، ليعود إلى كتابة السيناريوهات، ويترك الرواية.
تتلاشى الضغوط تدريجيا، مع عثوره على مجموعة من الأصدقاء، الذين يساعدونه فى الانتهاء من روايته، والأهم أنهم يساعدونه على اكتشاف جمال الحياة فى باريس، خصوصا فى ساعات ما بعد منتصف الليل، وقد اختار "وودى آلان" مجموعة من عباقرة الفن والأدب، وضعهم فى طريق بطل الفيلم، ليقلبوا حياته رأسا على عقب، فمع دقات منتصف ليل باريس، يجد سيارة عتيقة، تقف له فى الطريق، لتأخذه إلى عالم آخر، يستقبله فيه عباقرة الأدب: الزوجان سكوت وزيلدا فيتزجيرالد، ليعرفاه على عبقرى آخر هو هيمنجواى، الذى يوافق على أن يقرأ روايته، ويبدى رأيه فيها، ويلتقى البطل بابلو بيكاسو، وسلفادور دالي، والمخرج الإسبانى لويس بونويل، ليصل إلى الحقيقة، التى كان يتهرب منها، بضرورة انسحابه من الحياة المحبطة، التى يعيشها، ويقرر أن يبقى فى باريس، ويعيش الحياة التى يحلم بها.
تناقضات إنسانية
كان نجوم الفن التشكيلى موضوعا سينمائيا بامتياز، فقدمت الشاشة قصص جويا، ورمبرانت، ومايكل أنجلو، وجوجان، وموديليانى، وغيرهم، وقدمت السينما الأمريكية فيلما عن الفنانة التشكيلية المكسيكية "فريدا كالو" بعنوان "فريدا" بطولة سلمى حايك،
ولم يشأ صناع الفيلم أن يقدموا سيرة حياتية لفريدا، بقدر ما أرادوا أن يقدموا فيلما سياسيا، يدين الشيوعيين، ويصف المنتمين إلى الشيوعية،
على أنهم يتصرفون بكل التناقضات الإنسانية، لم يتوقف الفيلم عند مرحلة ما بعد وفاة الفنانة، حين تحول البيت الذى عاشت ودفنت فيه، إلى مزار فني، وتنامت شهرتها عالميا.
وتظل تجربة الفنان التشكيلى "جويا"، مثيرة للجدل الفكري،
حتى إن مخرجين من ثقافات متعددة، نظروا إلى سيرته بإعجاب، وراحوا يستلهمون حياته من جوانب مختلفة، وهناك عدة أفلام تم إنتاجها على فترات متباعدة منها: "المايا العارية – جويا – جويا فى بوردو – أشباح جويا" وأشهر هذه الأفلام ما قامت ببطولته "آفا جاردنر" ويتناول العلاقة التى ربطت جويا بامرأة، تعرف باسم "الدوقة" فى فترة من أخصب فترات حياته.
توقف الفيلم الأمريكى عند مرحلة شباب جويا، وما حدث فى الواقع للفنان، وهو يرسم اثنتين من أشهر لوحاته، ويبقى أن هذا الفيلم هو الأكثر مشاهدة، وفى ألمانيا الشرقية تغيرت وجهة النظر فيه، من جويا، الذى يرسم العاريات إلى جويا الذى وصل إلى سن الخمسين، وصار يرسم الناس والشعب، والتغيرات التى حدثت فى إسبانيا، وفى أحد هذه الأفلام يبدو جويا فى خلفية قصة عن محاكم التفتيش، تحول إلى شخصية هامشية، فى مقابل التركيز على شخصيات متخيلة، صار مجرد رجل يساعد امرأة فى الهروب، دون أن نتعرف على مسيرته كفنان.
انتبهت السينما فى الغرب إلى شخصية الفنان التشكيلى "فان جوخ" فقدمت عنه عدة أفلام، منها "شهوة الحياة – فانسان وثيو – فان جوخ – حياة وموت فانسان جوخ" ويعد "شهوة الحياة" أهم هذه الأفلام، ليس فقط لأن "أنتونى كوين" حصل على الأوسكار، أحسن ممثل مساعد، أو لأن كيرك دوجلاس جسد دور فان جوخ بعبقرية، لكن لأن الفيلم مأخوذ عن رواية صاغها كاتب أمريكى هو "إرفنج ستون" عام 1934.
وبمشاهدة النهايات فى تلك الأفلام نلاحظ أنها متباينة، ما يعنى أن كل مخرج له رؤيته الخاصة، ففى فيلم "شهوة الحياة" بدا جوخ مليئا بالحيوية، ليس به ما يكشف عن كآبة، فهو يترك لوحته غير المكتملة، وسط حقول القمح، ثم يخرج مسدسه، ويطلق الرصاص على بطنه، وفى فيلم آخر نراه وهو يطلق الرصاص على رأسه، وسط الحقول، أما النهاية الحقيقية فهى أن الفنان أطلق الرصاص على رأسه داخل حجرته.
موتسارت
يعتبر فيلم "أماديوس" من أهم التجارب، التى قدمها صانع أفلام فى تاريخ هوليوود، الفيلم يقدم حياة "موتسارت" الفوضوى، وهو بعيد كل البعد عن الأفلام التعليمية التمجيدية، التى اعتدنا مشاهدتها حول حياة الموسيقيين العظماء، فقد دخل الفيلم بشكل مغاير، فلم يظهر شخصية "موتسارت" بذلك العبقرى، لكنه أظهره شخصا غير ناضج، شبيه بالأطفال، ولم يستخدم الفيلم موسيقى تصويرية، لكن تم شحنه بروائع "موتسارت" الموسيقية.
فى بداية الفيلم، نسمع صراخ رجل محبوس فى غرفته: "موتسارت، سامح قاتلك، أعترف بأننى قتلتك، موتسارت، سامح قاتلك"، وبعد اقتحام الغرفة نكتشف أن الرجل هو الموسيقار "ساليرى" ملحن القصر فى "فيينا" وكان فخورا بما وصل إليه من مجد، إلى أن دخل فى حياته الموسيقى الشاب موتسارت، بطبيعة طفولية وضحكة مستهترة.
كان موتسارت فى سن الخامسة يعزف أمام الملوك، وفى سن السابعة عشرة يؤلف الموسيقى للطبقة الاجتماعية الراقية، لقد منح حياته كلها للموسيقى، وفى النهاية استقر به المطاف فى البلاط النمساوى،
وصار موسيقار ملك النمسا، إلى أن مات على نحو دراماتيكى.
تعرضت السينما العربية لصورة المثقف، بأشكال مختلفة، كان أغلبها يقدم صورة نمطية سلبية، ومع ذلك هناك أفلام قدمت صورا إيجابية لأدباء ومبدعين، مثل (عصفور الشرق)، المأخوذ عن رواية بنفس الاسم لتوفيق الحكيم (الذى تمر ذكرى رحيله الخامسة والثلاثين هذه الأيام)، وقام ببطولته نور الشريف، ويكشف الفيلم جانبا من حياة عميد المسرح العربى توفيق الحكيم فى باريس.
أيضا ظهر بعض المثقفين على شريط السينما بشكل شرفى، مثل المفكر الفلسطينى إدوارد سعيد، الذى استعان به يوسف شاهين فى فيلمه "الآخر"، كما ظهر أحمد فؤاد نجم، باسمه ودوره الحقيقى فى الحياة، فى أحد الأفلام السينمائية، هذا بخلاف الفيلم المأخوذ عن حياته، وقام بتجسيد دوره الفنان خالد الصاوى.
هناك فى الغرب تجارب شبيهة، فى أواخر السبعينيات من القرن الفائت، فقد وافق المفكر الفرنسى "رولان بارت"، على أن يؤدى دور الروائى "وليام ثاكيرى" فى فيلم صديقه المخرج "أندريه تيشين" (الأخوات برونتى) بينما فى عام 1965، رفض أن يجسد شخصيته الحقيقية، فى فيلم لجودار، كما أنه اعتزم كتابة سيناريو فيلم، مبنى على حياة الروائى الفرنسى "مارسيل بروست"، على أن يخرجه تيشين، لكنه لم ينفذ المشروع.
استراحة العميد
فى منزل مملوك لطه حسين، تم تصوير عدة مشاهد من فيلم "دعاء الكروان" المنزل يقع بمنطقة تونة الجبل بالمنيا، وكان استراحة خاصة بعميد الأدب العربى طه حسين، بناها عالم الآثار د. سامى جبره، وأهداها إليه، وأقام فيها العميد من وقت لآخر، ولا يزال البيت قائما حتى اللحظة الراهنة، وقد جاء صوت طه حسين بعذوبته وفخامته، لينهى آخر مشاهد الفيلم: "أترينه كان يرجع صوته هذا الترجيع، حين صرعت هنادى فى ذلك الفضاء العريض؟".
قدم الفنان محمود ياسين شخصية طه حسين، فى فيلم "قاهر الظلام" واعتمد فى تجسيده للشخصية على الأداء الصوتى المميز، خصوصا أنه التقى العميد قبل وفاته فى عام 1973، واقتبس الفيلم الخطوط الرئيسية له، من كتاب "قاهر الظلام" للكاتب كمال الملاخ، وقام نجيب محفوظ، وتوفيق الحكيم بمراجعة السيناريو الذى كتبه رفيق الصبان، وفى عام 1973، عرض مسلسل إذاعى باسم "قاهر الظلام".
اعتمد تصوير الفيلم على الأماكن الطبيعية، وذهب فريق العمل للتصوير فى جامعة السوربون، وفى لقاء تليفزيونى مع الفنان محمود ياسين، قال إن "تجسيد شخصية العميد لم يكن سهلا، لأن طه حسين روح كبيرة وثرية وغنية، فلم يكن من السهل أبدا أن أدخل فى إهاب هذه الشخصية، فهى عملية شاقة، استدعت منى أن أجتهد كثيرا، وأعود إلى المصادر والمراجع".
النجاح الذى حققه الفيلم شجع التليفزيون المصرى، لإعادة تقديم حياة طه حسين، من خلال مسلسل تليفزيونى، وتم تكليف المخرج يحيى العلمى، لتنفيذ المسلسل المأخوذ عن كتاب عميد الأدب العربى "الأيام" وبعد اعتذار عدد من النجوم قرر العلمى إسناد الدور لممثل، يكون قادرا على تفهم طبيعة الشخصية، ثم يتمكن من تجسيدها بشكل جيد، بغض النظر عن نجوميته، وبعد بحث استقر على ترشيح الفنان أحمد زكى.
عن تجربته مع "الأيام" قال الراحل أحمد زكى: "كنت فى تحدٍ رهيب، نظرا لأهمية العمل والشخصية، وعكفت على قراءة السيناريو وكتاب "الأيام" لفك طلاسم الشخصية" وقام بدراسة ما يقرب من أربعين شخصية من مكفوفى البصر، قبل قيامه بدور عميد الأدب العربى، وكيف يتصرفون داخل المكان، وكان حريصا على إجادة اللغة العربية إجادة تامة، واستعان بأستاذ من الأزهر يساعده على قراءة القرآن واللغة العربية، بعدما انتقدته الفنانة أمينة رزق فى أول بروفة جمعتهما، إذ أخطأ فى قراءة بعض الكلمات.
عصفور الشرق
قام الفنان نور الشريف بأداء دور وكيل النيابة الشاب، الذى يستعيد تجربة توفيق الحكيم فى رواية "عصفور من الشرق"، وتقمص شخصيته، حين شعر بأن هناك خيطا مجهولا، يربط بين الماضى والحاضر، فأراد أن يعيش تجربة الحكيم فى العشرينيات، كما سجلها فى كتابه "عصفور من الشرق" لكن فى الثمانينيات، بعد أن تغيرت الحياة الاجتماعية والاقتصادية.
سافر نور الشريف إلى باريس، حيث كان يعالج الكاتب الكبير هناك، واستأذنه فى استعارة قلبه وعقله وخبرته، وعثر على فتاة تشبه فتاة الحكيم، وتعمل فى بيع تذاكر المسرح، واستشار الحكيم، فى علاقته بها، فطلب منه الأخذ بنصيحة نابليون، وهى الهروب السريع من المرأة، ليأمن شرورها.
عاد وكيل النيابة مع الحكيم إلى القاهرة، بعد انتهاء فترة العلاج، ولأنه لا يزال متأثرا بالحكيم، فقد سعى للعمل فى المركز، الذى كان يخدم فيه، وقت أن كان وكيلا للنائب العام فى العشرينيات، وكلما واجه أزمة عاد إلى الحكيم، يستشيره فيما يجب أن يفعله.
فكر المخرج الراحل يوسف فرنسيس فى تجربة سينمائية مغايرة، وأمكنه هو ونور الشريف إقناع الحكيم بالتمثيل، كأحد أبطال العمل، لكن بعد أن تقدم به العمر، فهناك شاب يتمثل تجربته الشخصية والعاطفية، وفى الفيلم يقوم الحكيم بتجسيد شخصيته الحقيقية، ويستقبل فى الفندق بباريس شبابه فى ملامح نور الشريف، الذى يعود بين حين وآخر إلى توفيق الحكيم، بعد كل موقف يمر به، ليسأله عما فعله قديما.
صورة ملائكية
فى حدث لا يتكرر كثيرا، تم إنتاج فيلم "الفاجومى" حول حياة الشاعر أحمد فؤاد نجم، ويتطرق الفيلم إلى أهم المراحل فى حياة الشاعر، وعمليات اعتقاله وسجنه، وتعرض الأحداث لعلاقته برفيق دربه الشيخ إمام عيسى، وأهم القصائد التى كتبها ولحنها الشيخ إمام، وتغنى بها.
وجه نجم نقدا شديدا للفيلم، وقال فى حوار أجراه معه طونى خليفة: "إن الفيلم ركز على بعض الأشياء دون غيرها، وأهمل نقاطا مهمة فى حياتي، ولم يوضح أننى قمت بالتأثير فى تاريخ مصر"!! علامات التعجب من عندى.
هكذا قال الرجل، متصورا أنه بالفعل كان له "تأثير فظيع" على تاريخ مصر، ومن ناحية أخرى فإن هناك من وصف الفيلم بأنه "يسىء للقيم الفنية بشكل عام"، وكانت الكاتبة الكبيرة صافى ناز كاظم قد قالت سابقا إنها تزوجت نجم من أجل مصر، حتى تحافظ عليه لأنه ثروة قومية.
يبدو أن المخرج كان يتوقع مثل هذا الرفض، لذلك استعان بأسماء مستعارة، وعن لجوئه إلى ذلك قال: "حتى لا ندخل فى مشكلات، تجعلنا نخرج عن الإطار، الذى رسمناه للعمل، ولأننى أريد أن أوجه رسالة محددة للجمهور، وأستعرض تاريخ مصر، بإلقاء الضوء على اثنين (يقصد إمام ونجم) عاشا فترة زمنية صعبة، وأثرا فى وجدان المصريين".
وعلى نحو آخر، فإن الناقد طارق الشناوى وجه انتقادات حادة لصناع الفيلم، وقال إن الفيلم أظهر "نجم"، بصورة ملائكية، ما أضر بالعمل الفنى، وأكد أن نجم ليس ملاكا، حيث شهدت حياته العديد من الأخطاء، وهذا لا يقلل من كونه شاعرا ومناضلا، ويعود ذلك إلى اعتماد الفيلم على مذكرات "نجم" دون اللجوء إلى آخرين".
الشيخ يوسف
إذا كان بعض الأدباء قد تجسدت شخصياتهم من خلال أعمال درامية، تعرض لمسيرة حياتهم ومسارهم الفنى، كما فعل الفنان الكبير محمود مرسى الذى جسد شخصية عباس محمود العقاد فى مسلسل "العملاق" فإن عبد الرحمن الخميسى، الذى خاض غمار كل ما له صلة بالفنون والآداب، كان أحد شخصيات فيلم "الأرض"، من إخراج يوسف شاهين، وقام بأداء دور الشيخ يوسف المقاوم والمناضل الذى ركن إلى الراحة، أو استسلم وفتح "دكان بقالة"، لبيع احتياجات الفلاحين، ولم يجد عيبا فى البيع للهجانة، أولئك الجنود الذين هبطوا على القرية لتأديب الفلاحين، وكسر شوكتهم، وقمع تمردهم، كأنه يتعاون مع خصوم الفلاحين فى نضالهم الطبقى.
اقتباس
تحدث الروائيون عن معاناتهم مع الكتابة، ونقلت السينما صورا من تلك المعاناة، من هذه الأفلام الفيلم الأمريكى "البداية فى المساء"، الذى تم إنتاجه عام 2007 وبطله روائى من نيويورك، عزل نفسه عن الناس، بدعوى التفرغ لكتابة رواية جديدة،
على طريقة هنرى ميللر، لكن دخول باحثة شابة إلى حياته، يكشف أسباب هذه العزلة، التى لم تكن إلا نتيجة لصدمة نفسية، تعرض لها.
ولاحظت الباحثة، عبر حوارات مع الروائى، أن شخصيات رواياته الأولى كانت جريئة، فى اختيار مصيرها، بينما شخصياته الأخيرة أصبحت أقل جرأة، فى انعكاس مباشر للحالة النفسية للكاتب أثناء كتابة الرواية.
معاناة المبدع فى السينما ظهرت كذلك فى أفلام أخرى، مثل فيلم "الساعات"، الذى عمل على هاجس الحرية والإبداع عند الروائية البريطانية فيرجينيا وولف، التى انتحرت غرقا، ويشاركه فى ذلك فيلم "اقتباس" الذى ظهر عام 2002 وأدى فيه "نيكولاس كيدج" دور كاتب سيناريو، يعيش معاناة رهيبة، أثناء كتابته لفيلم عن زهرة الأوركيد، حيث لا يجد المفتاح، الذى يدخل من خلاله إلى عالم جديد يريد ابتكاره.
ويأتى فيلم "أغرب من الخيال" عام 2006، ليقدم صراع كاتبة روائية مع شخصيات روايتها، وأدت دور البطولة فيه البريطانية "إيما ثومبسون" التى تبدأ فى تأليف رواية، لكنها تواجه معاناة مع بطل روايتها الخيالى، الذى يرفض الحياة المرسومة له، ويسعى للتمرد عليها، ليتحول الصراع إلى مواجهة مباشرة بين الكاتبة وبين عالمها الروائى المتخيل.
وهناك فيلم "منتصف الليل فى باريس"، للمخرج "وودى آلن" والشخصية الرئيسية فيه لكاتب أمريكى، يقضى إجازته فى باريس، مع الفتاة التى سيتزوجها، وهو كاتب سيناريو ناجح فى بلده، لكنه قرر الشروع فى كتابة رواية، غير أن هذه النقلة تتسبب فى ضغوط كثيرة عليه، فهو من جهة يعانى للعثور على نهاية جيدة لروايته الأولى، ومن جهة أخرى تضغط خطيبته عليه، ليعود إلى كتابة السيناريوهات، ويترك الرواية.
تتلاشى الضغوط تدريجيا، مع عثوره على مجموعة من الأصدقاء، الذين يساعدونه فى الانتهاء من روايته، والأهم أنهم يساعدونه على اكتشاف جمال الحياة فى باريس، خصوصا فى ساعات ما بعد منتصف الليل، وقد اختار "وودى آلان" مجموعة من عباقرة الفن والأدب، وضعهم فى طريق بطل الفيلم، ليقلبوا حياته رأسا على عقب، فمع دقات منتصف ليل باريس، يجد سيارة عتيقة، تقف له فى الطريق، لتأخذه إلى عالم آخر، يستقبله فيه عباقرة الأدب: الزوجان سكوت وزيلدا فيتزجيرالد، ليعرفاه على عبقرى آخر هو هيمنجواى، الذى يوافق على أن يقرأ روايته، ويبدى رأيه فيها، ويلتقى البطل بابلو بيكاسو، وسلفادور دالي، والمخرج الإسبانى لويس بونويل، ليصل إلى الحقيقة، التى كان يتهرب منها، بضرورة انسحابه من الحياة المحبطة، التى يعيشها، ويقرر أن يبقى فى باريس، ويعيش الحياة التى يحلم بها.
تناقضات إنسانية
كان نجوم الفن التشكيلى موضوعا سينمائيا بامتياز، فقدمت الشاشة قصص جويا، ورمبرانت، ومايكل أنجلو، وجوجان، وموديليانى، وغيرهم، وقدمت السينما الأمريكية فيلما عن الفنانة التشكيلية المكسيكية "فريدا كالو" بعنوان "فريدا" بطولة سلمى حايك،
ولم يشأ صناع الفيلم أن يقدموا سيرة حياتية لفريدا، بقدر ما أرادوا أن يقدموا فيلما سياسيا، يدين الشيوعيين، ويصف المنتمين إلى الشيوعية،
على أنهم يتصرفون بكل التناقضات الإنسانية، لم يتوقف الفيلم عند مرحلة ما بعد وفاة الفنانة، حين تحول البيت الذى عاشت ودفنت فيه، إلى مزار فني، وتنامت شهرتها عالميا.
وتظل تجربة الفنان التشكيلى "جويا"، مثيرة للجدل الفكري،
حتى إن مخرجين من ثقافات متعددة، نظروا إلى سيرته بإعجاب، وراحوا يستلهمون حياته من جوانب مختلفة، وهناك عدة أفلام تم إنتاجها على فترات متباعدة منها: "المايا العارية – جويا – جويا فى بوردو – أشباح جويا" وأشهر هذه الأفلام ما قامت ببطولته "آفا جاردنر" ويتناول العلاقة التى ربطت جويا بامرأة، تعرف باسم "الدوقة" فى فترة من أخصب فترات حياته.
توقف الفيلم الأمريكى عند مرحلة شباب جويا، وما حدث فى الواقع للفنان، وهو يرسم اثنتين من أشهر لوحاته، ويبقى أن هذا الفيلم هو الأكثر مشاهدة، وفى ألمانيا الشرقية تغيرت وجهة النظر فيه، من جويا، الذى يرسم العاريات إلى جويا الذى وصل إلى سن الخمسين، وصار يرسم الناس والشعب، والتغيرات التى حدثت فى إسبانيا، وفى أحد هذه الأفلام يبدو جويا فى خلفية قصة عن محاكم التفتيش، تحول إلى شخصية هامشية، فى مقابل التركيز على شخصيات متخيلة، صار مجرد رجل يساعد امرأة فى الهروب، دون أن نتعرف على مسيرته كفنان.
انتبهت السينما فى الغرب إلى شخصية الفنان التشكيلى "فان جوخ" فقدمت عنه عدة أفلام، منها "شهوة الحياة – فانسان وثيو – فان جوخ – حياة وموت فانسان جوخ" ويعد "شهوة الحياة" أهم هذه الأفلام، ليس فقط لأن "أنتونى كوين" حصل على الأوسكار، أحسن ممثل مساعد، أو لأن كيرك دوجلاس جسد دور فان جوخ بعبقرية، لكن لأن الفيلم مأخوذ عن رواية صاغها كاتب أمريكى هو "إرفنج ستون" عام 1934.
وبمشاهدة النهايات فى تلك الأفلام نلاحظ أنها متباينة، ما يعنى أن كل مخرج له رؤيته الخاصة، ففى فيلم "شهوة الحياة" بدا جوخ مليئا بالحيوية، ليس به ما يكشف عن كآبة، فهو يترك لوحته غير المكتملة، وسط حقول القمح، ثم يخرج مسدسه، ويطلق الرصاص على بطنه، وفى فيلم آخر نراه وهو يطلق الرصاص على رأسه، وسط الحقول، أما النهاية الحقيقية فهى أن الفنان أطلق الرصاص على رأسه داخل حجرته.
موتسارت
يعتبر فيلم "أماديوس" من أهم التجارب، التى قدمها صانع أفلام فى تاريخ هوليوود، الفيلم يقدم حياة "موتسارت" الفوضوى، وهو بعيد كل البعد عن الأفلام التعليمية التمجيدية، التى اعتدنا مشاهدتها حول حياة الموسيقيين العظماء، فقد دخل الفيلم بشكل مغاير، فلم يظهر شخصية "موتسارت" بذلك العبقرى، لكنه أظهره شخصا غير ناضج، شبيه بالأطفال، ولم يستخدم الفيلم موسيقى تصويرية، لكن تم شحنه بروائع "موتسارت" الموسيقية.
فى بداية الفيلم، نسمع صراخ رجل محبوس فى غرفته: "موتسارت، سامح قاتلك، أعترف بأننى قتلتك، موتسارت، سامح قاتلك"، وبعد اقتحام الغرفة نكتشف أن الرجل هو الموسيقار "ساليرى" ملحن القصر فى "فيينا" وكان فخورا بما وصل إليه من مجد، إلى أن دخل فى حياته الموسيقى الشاب موتسارت، بطبيعة طفولية وضحكة مستهترة.
كان موتسارت فى سن الخامسة يعزف أمام الملوك، وفى سن السابعة عشرة يؤلف الموسيقى للطبقة الاجتماعية الراقية، لقد منح حياته كلها للموسيقى، وفى النهاية استقر به المطاف فى البلاط النمساوى،
وصار موسيقار ملك النمسا، إلى أن مات على نحو دراماتيكى.