رئيس الدولة ومحمد بن راشد يبحثان شؤون الوطن والمواطن وتعزيز مسيرة الدولة التنموية
لماذا تتفوّق الصين على ترامب في الحرب التجارية؟
رأى الكاتب السياسي جدعون راخمان أن موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في «لعبة البوكر الجمركية» مع الصين أضعف بكثير مما كان يتصور، وكلما تأخر ترامب في الإقرار بهذه الحقيقة، زادت فرص خسارته هو والولايات المتحدة في هذه المواجهة.
في مقال نشرته صحيفة «فايننشال تايمز» أشار راخمان إلى أن الرؤية الأساسية لترامب وفريقه ترى أن الصين الطرف الأضعف تلقائياً في صراع الرسوم الجمركية.
واستند وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت إلى أن الولايات المتحدة تصدّر إلى الصين خُمس ما تستورده منها، معتبراً ذلك مؤشراً على تفوق واشنطن.
لكن، كما أوضح الخبير الاقتصادي آدم بوزن في فورين أفيرز، فإن هذا الواقع يمنح الصين، في الحقيقة، نفوذاً أكبر لا ضعفاً، فالأمريكيون يشترون المنتجات الصينية لأنهم بحاجة إليها، لا من باب الإحسان، وبالتالي، فإن ارتفاع أسعارها أو اختفائها من الأسواق سيؤدي إلى معاناة المستهلك الأمريكي.
ترامب يعترف
ضمناً بتكلفة الرسوم
أبرز مؤشرات هذا الإقرار الضمني ظهرت مؤخراً حين أعفى ترامب الهواتف الذكية من الرسوم الجمركية، في خطوة تعكس إدراكه أن تكلفة هذه الرسوم يتحملها المستوردون، لا المصدرون.
وأكثر من نصف الهواتف المباعة في أمريكا هي من طراز آيفون، و80% منها تُصنع في الصين.
وإذا ارتفعت أسعارها بشكل مفاجئ، فإن الاحتجاج سيكون واسعـــــاً، فالمستهلك الأمريكي لن يتخلى بســـهولة عن هاتفه الذكي.
تهديد السلع اليومية
الهواتف وأجهزة الكمبيوتر ليست سوى بداية. إذ تُعد مكيفات الهواء – التي يُصنّع 80% منها في الصين – والمراوح الكهربائية (75%)، من بين السلع التي يصعب الاستغناء عنها.
كما أن معظم الدمى والدراجات المستوردة تأتي من الصين، ما يُفسر رغبة البيت الأبيض في إنهاء النزاع قبل موسم الأعياد.
وإن كان بالإمكان تصنيع هذه السلع في أمريكا، فإن إقامة مصانع جديدة يتطلب وقتاً طويلاً، فضلاً عن أن التكلفة ستكون أعلى.
أرقام تُعزز موقف بكين
في ظل هذه المعادلة، يبدو أن الصين قادرة على الانتظار، لكنها إن أرادت الرد، فهي تملك أدوات قوية، فعلى سبيل المثال، تُنتج الصين نصف المكونات الأساسية للمضادات الحيوية التي يعتمد عليها النظام الصحي الأمريكي.
كما تُعدّ مصدراً أساسياً للمعادن النادرة المستخدمة في تصنيع طائرات إف-35، العمود الفقري لسلاح الجو الأمريكي. إلى جانب ذلك، تُعدّ ثاني أكبر حامل أجنبي لسندات الخزانة الأمريكية، وهو عامل مؤثر في لحظة تتعرض فيها الأسواق لضغوط متزايدة.
حتى وإن تمكّن ترامب من فرض رسوم على سلع لن يشعر الأمريكيون بفقدانها، فإن التأثير على الصين سيبقى محدوداً، فالسوق الأمريكي لا يشكّل سوى نحو 14% من الصادرات الصينية.
وكما يوضح يورغ ووتكه، الرئيس السابق لغرفة التجارة الأوروبية في بكين، فإن الرسوم الأمريكية «مزعجة، لكنها لا تمثل تهديداً للاقتصاد الصيني الذي يبلغ حجمه 14 إلى 15 تريليون دولار، مقابل صادرات إلى أمريكا لا تتجاوز 550 مليار دولار».
ترامب في مأزق
ورغم مناشدات البيت الأبيض المتكررة بأن يُجري الرئيس الصيني شي جين بينغ اتصالاً هاتفياً، إلا أن التراجع السريع لترامب لا يمنح الزعيم الصيني أي دافع لذلك – بل قد يُفسر كطلب للرحمة.
كما أن النظام الصيني الأوتوقراطي، الخاضع لسيطرة الحزب الشيوعي، أكثر قدرة على تحمّل الضغوط السياسية والاقتصادية بالمقارنة مع النظام الأمريكي، حيث تُترجم الأزمات الاقتصادية بسرعة إلى خسائر سياسية. فبينما استعدت بكين مسبقاً لهذا الصراع، يتحرك البيت الأبيض وفق ما تقتضيه اللحظة، ما يجعل ترامب في موقف ضعيف، وقد يُجبره لاحقاً على التراجع.
وختم راخمان مقاله بالقول: «إنه فن الصفقة... على الطريقة النموذجية!».