الحزب الجمهوري منقسم
لهذه الأسباب هزيمة الرئيس الأمريكي السابق ترامب صعبة
على مدى نصف قرن من الانتخابات التمهيدية الرئاسية الأمريكية الحديثة، لم يخفق أي مرشح متفوق على أقرب منافسيه في الاستطلاعات، بما لا يقل عن 20 نقطة، في الفوز بترشيح حزبه أبداً.واليوم يتفوق دونالد ترامب على رون ديسانتيس بحوالي الضعفين، وتحديداً 37 نقطة، وفقاً لاستطلاع رأي أجرته صحيفة نيويورك تايمز/كلية سيينا للناخبين المحتملين في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري صباح الاثنين.
بالطبع ما زا هناك متسع من الوقت قبل المؤتمرات الحزبية لولاية أيوا في يناير (كانون الثاني)، بل وكل هذا يحدث ولم يعتل المرشحون منصة المناظرة. وعلى الرغم من أنه لم يسبق أبداً لأي مرشح يحظى بهذا القدر من الدعم أن مُني بخسارة، فإنه لم يحصل أيضاً أبداً لأي مرشح يتمتع بهذا القدر من الدعم أن واجه هذا القدر الكبير من لوائح الاتهام والتحقيقات الجنائية.
لكن حتى لو كان من الخطأ وصف فوز ترامب بأنه “محتوم”، فإن بيانات استطلاع نيويورك تايمز/سيينا تشير إلى أنه يستأثر على ما يبدو بقاعدة لا تتزعزع من المؤيدين الموالين، والذين يمثلون أكثر من ثلث الناخبين الجمهوريين، علماً بأن دعمهم وحده لا يكفي لفوزه في الانتخابات التمهيدية. لكن هذه القاعدة كبيرة بما يكفي لجعل هزيمته أمراً صعباً للغاية، ربما بنفس القدر من الصعوبة التي يوحي بها السجل التاريخي المذكور، حسب تقرير الصحيفة الأمريكية.
وتناولت “نيويورك تايمز” في تحليلها حجم الدعم والمعارضة لترامب من واقع استطلاع الرأي الذي أجرته، ولماذا يصعب التغلب على الرئيس السابق.
«لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى»
يمكن تعريف قاعدة ترامب بأنها “قاعدة شعبوية، ومحافظة، ومن ذوي الياقات الزرقاء، مقتنعة بأن الأمة على حافة الكارثة، وموالية للرئيس السابق بشكل غير عادي.
ويمثل أعضاء قاعدة ترامب “لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى” 37% منال الناخبين الجمهوريين، وهم يدعمونه “بقوة” في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، ولديهم رأي “إيجابي جدّاً” تجاهه.
ولفت الكاتب إلى أن قاعدة “لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى” لا تقول إنها تدعم ترامب على الرغم من عيوبه، بل تدعمه لأنها لا تعتقد أنه تشوبه أية عيوب.فنسبة من قالوا إنه ارتكب جرائم فدرالية خطيرة تساوي صفر في المائة (لا أحد من 319 مشاركاً في فئة “لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى”). فيما قال 2 % فقط إنه “ارتكب خطأ” في تعامله مع الوثائق السرية. ورأى أكثر من 90 % إن على الجمهوريين الوقوف وراءه في مواجهة التحقيقات.
ربما ينتزع ديسانتيس أو أي جمهوري آخر عدداً قليلاً من أصوات هؤلاء الناخبين، لكن على أرض الواقع، لن تذهب هذه المجموعة إلى أي مكان، ربما حتى لو انتهى الأمر بسجن ترامب.
ومع وجود الكثير من ناخبي الحزب الجمهوري على ما يبدو المخلصين لترامب، يعد الطريق إلى هزيمته ضيقاً بشكل غير عادي. فالأمر يتطلب من أي مرشح تجميع أغلبية بقية الناخبين الجمهوريين خلفه، وبقية الناخبين الجمهوريين هؤلاء ليس من السهل توحيد صفوفهم.
الحزب الجمهوري منقسم
ويرى الكاتب أن قاعدة “لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى” يسهل وصفها، وأما بقية الناخبين الجمهوريين فلا.
لكن بشكل عام، يمكن تقسيم بقية الناخبين الجمهوريين إلى مجموعتين.فهناك مجموعة الناخبين الذين ربما لا يحبون ترامب، لكنهم يظلون منفتحين على تأييده في الانتخابات التمهيدية وفي بعض الحالات يدعمونه مفضلين إياه على البدائل.
وهناك أيضاً مجموعة ثانية من الناخبين الذين ربما لن يدعموا ترامب، ويمثل هؤلاء حوالي ربع الناخبين في الانتخابات التمهيدية، ويقولون إنهم لا ينظرون في التصويت له في الانتخابات التمهيدية.وهاتان المجموعتان من الناخبين لا تختلفان حول ترامب فحسب، بل تختلفان أيضاً حول القضايا. فالمتشككون في ترامب يدعمون تقديم مساعدات عسكرية واقتصادية إضافية لأوكرانيا، وإجراء إصلاح شامل لعملية الهجرة، فيما يعارضون فرض حظر على الإجهاض بعد ستة أسابيع من الحمل. ومن ناحية أخرى، يتبنى الناخبون القابلون للإقناع وجهة نظر مضادة حيال كافة هذه القضايا.
تحدي ديسانتيس
ورأت الصحيفة أنه سيكون من الصعب على أي مرشح توحيد صفوف المعارضة الشرسة لترامب، مؤكدة أن هذا كان صعباً على حاكم فلوريدا ديسانتيس.
مطلع العام، بدا أن ديسانتيس عرف كيف يكسب المتشككين في ترامب، محافظين ومعتدلين على حد سواء، بالتركيز على مجموعة جديدة من القضايا، ومنها القوانين المحافظة والتحرر من قيود فيروس كورونا. وقد بدا أن هذا يثير اهتمام المؤسسات المانحة بل وبعض المستقلين بقدر ما يثير اهتمام النشطاء المحافظين ومذيعي فوكس نيوز.ولكن لم يمض الأمر على هذا النحو. فقد أتاحب معركة سن القوانين المحافظة فرصاً قليلة لمهاجمة ترامب (على الرغم من مقاطع الفيديو الغريبة على وسائل التواصل الاجتماعي) وأما فيروس كورونا فإنه فقد أهميته السياسية.وكان أداء ديسانتيس بين المتشككين في ترامب ضعيفاً بدرجة كافية لإعطاء فرصة للمرشحين الآخرين، بالضبط كما أن نهج كروز المحافظ أوجد مساحة لمحاولات ترشح جون كاسيش وماركو روبيو وجيب بوش التي لم تتكلل بالنجاح في نهاية المطاف.
ووفق التحليل، فإن التحدي الذي يواجهه ديسانتيس أعمق من الانقسامات بين مؤيديه المحتملين. فالناخبون في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري لا يعتقدون حتى أنه سيحقق أداء أفضل من ترامب في مواجهة بايدن في الانتخابات العامة، الأمر الذي يمثل تراجعاً عن ميزة ربما كان مؤيدو ديسانتيس يعتبرونها من المسلمات قبل ستة أشهر.
وسيواجه ديسانتيس مجموعة مختلفة تماماً من التحديات لو استهدف استقطاب أعمق المتشككين في ترامب. فقد ينفّر الوسط المحافظ الذي يمثل التيار السائد في الحزب الجمهوري لو بدأ يتحدث باللغة المعتدلة المعادية لترامب التي يتحدث بها منتقدو الرئيس السابق، وبهذا يلقى نفس مصير روبيو وكاسيش.
لكن حملة ديسانتيس أعلنت أنه يستطيع استقطاب الفصائل المتباينة من المتشككين في ترامب من الحزب الجمهوري، وتفادي التحديات التي حكمت على خصوم ترامب بالفشل قبل ثماني سنوات. ولم يفلح هذا حتى الآن، حسب الصحيفة.