ما أهمية اعتراف فرنسا بالدولة الفلسطينية؟

ما أهمية اعتراف فرنسا بالدولة الفلسطينية؟


لا زالت تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حول قراره الاعتراف بالدولة الفلسطينية في يونيو -حزيران القادم، تُثير الجدل والانقسام ما بين اليمين واليسار وحتى داخل تيّاره.
وتزامناً مع ذلك يبحث محللون فرنسيون في أهمية الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وكيف تطوّر موقف باريس تجاه ذلك من ديغول إلى ماكرون.
لغاية اليوم كانت فرنسا مُلتزمة دائماً باتّباع سياسة متوازنة بين أمن إسرائيل وحقوق الشعب الفلسطيني، مع اختلافات خاصة بكل رئيس مُنذ عام 1948. ولم يسبق لأيّ من أسلاف إيمانويل ماكرون أن غامر بتجاوز هذه الحدود، حسب يومية «لو فيغارو».
ومنذ عهد الجنرال ديغول، حافظت فرنسا على هذا المسار، لكن تخللته فترات من الحزم والتقارب مع إسرائيل. ويرى الكاتب والمحلل السياسي هيوغز مايوت، أنّ إيمانويل ماكرون يستعد وفق ما صرّح به مؤخراً للقيام بما لم يجرؤ أيّ رئيس من رؤساء الجمهورية الخامسة على القيام به من قبله، أي الاعتراف رسمياً بالدولة الفلسطينية. وتُشكّل نيّة الاعتراف هذه، بعد نحو عام ونصف من السابع من أكتوبر -تشرين الأول 2023، تطوّراً كبيراً، إن لم يكن انقطاعاً، في الموقف الفرنسي فيما يتصل بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وكانت باريس لغاية اليوم تدعم دائماً حلّ الدولتين، لكنّها تُفضّل انتظار اتفاق بين إسرائيل والسلطات الفلسطينية قبل الاعتراف رسمياً بوطن فلسطيني.
وسبق لوزير الخارجية الفرنسي السابق ستيفان سيغورني، أن أعلن العام الماضي أنّ «الاعتراف بالدولة الفلسطينية ليس من المُحرّمات بالنسبة لفرنسا». ورغم أنّ ماكرون أوضح أنّ تصريحاته قبل أيّام قد تمّ أخذها من سياقها، وأنّه كان يقصد أن تعترف دول تُدافع عن فلسطين بإسرائيل في المُقابل، مُشيراً إلى أنّ الاعتراف الفرنسي بالدولة الفلسطينية من شأنه أن يسمح بتطبيع العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وجيرانها العرب الآخرين.
الكاتب والمحلل السياسي الفرنسي أموري كوتانساي بيرفينكيير، يُوضح أنّ الاعتراف المُرتقب على الرغم من أنّه عمل قانوني سهل، حيث يجب على السلطة السياسية التعبير عنه من خلال إجراء رسمي (إعلان، معاهدة، وثيقة حكومية)، إلا أنّ فائدته تُواجه العديد من العقبات المُحتملة.
فالدولة التي يجب الاعتراف بها يجب أن تتوافر فيها 3 عناصر أساسية: الإقليم، والسكان، والسلطة العامة. مُتسائلاً «أين يُمكن أن تنشأ الدولة الفلسطينية المُحتملة؟ في الضفة الغربية المُجزّأة بسبب المستوطنات الإسرائيلية، أم في القدس التي أعلنتها إسرائيل عاصمة غير قابلة للتقسيم، أم في غزة التي مزّقها القتال؟» وذلك بينما تتعرّض السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس الذي يعتبر البعض أنّ ولايته  الرئاسية انتهت في عام 2009، لانتقادات مُنتظمة بسبب فسادها وتراخيها المزعوم تجاه إسرائيل.
كما يطرح الاعتراف بالدولة الفلسطينية، تساؤلاً مُهمّاً حول إمكانية عودة أحفاد اللاجئين الفلسطينيين، الذين تُقدّر أعدادهم بنحو 5.8 مليون لاجئ وفقاً لوكالة (الأونروا) الأممية، والحصول على جنسية بلادهم بالتالي؟ وفي هذه الحالة، فهل تقبل إسرائيل بجار يزداد عدد سكانه فجأة؟ حسب كوتانساي-بيرفينكيير.
اعترفت 146 دولة (من أصل 193 دولة في الأمم المتحدة) بفلسطين منذ إعلانها عام 1988 لكن في المُقابل استمرت التوغلات الإسرائيلية، وكذلك حركة الاستيطان في الضفة الغربية، وفي غزة أيضاً حتى عام 2005. كما أنّ معظم الدول الغربية، الولايات المتحدة، كندا، ألمانيا، المملكة المتحدة، اليابان، وغيرها، لا تعترف بفلسطين. ورغم عددها القليل إلا أنّ وزنها السياسي في منظمة الأمم المتحدة يظل كبيراً.