مكافحة الفقر العاطفي.. سر نجاح الأطفال مستقبلاً!

مكافحة الفقر العاطفي.. سر نجاح الأطفال مستقبلاً!

دراسات عديدة أثبتت أهمية إشباع عاطفة الطفل، وتدريبه على استقبال المشاعر المختلفة والاستجابة لها، تزيد من فرص نجاحه في الحياة العملية والشخصية مستقبلاً. تدريب البالغين على هذه المهارة ممكن أيضاً لتعامل أفضل مع الأطفال.
تؤكد المشروعات الاجتماعية والتربوية في العديد من دول العالم، والتي تركز على تنمية ما يعرف بالذكاء العاطفي للأطفال، أن الأشخاص الذين ينعمون بالتوازن العاطفي هم الأكثر قدرة على التعامل مع ضغوط الحياة العملية الحديثة مستقبلاً.
وخلصت دراسات عديدة إلى أن الأشخاص الذين يعرفون طبيعة مشاعرهم ومشاعر الآخرين أكثر قدرة على حل المشكلات المعقدة وتحقيق النجاح على المستوى المهني والشخصي. وبدأ مصطلح "الذكاء العاطفي" في الانتشار خلال تسعينيات القرن الماضي، بعد أن أطلقه عالم النفس الأمريكي جون ماير، ثم تطور استخدام المصطلح لوصف القدرة على فهم مشاعر النفس والآخرين والتأثير عليها.
وتوضح تانيا زينغر، من معهد ماكس بلانك لعلوم الإدراك والأعصاب في مدينة لايبزغ الألمانية، أهمية تنمية الذكاء العاطفي، مضيفة في تصريحات لصحيفة "دي فيلت": "الشعور بالآخر يعزز قيم التعاون والتعايش السلمي واهتمام الفرد بالمجتمع".
وتعتمد فكرة تنمية الذكاء العاطفي لدى الطفل على معرفة البيئة المحيطة واستكشافها والابتعاد قدر الإمكان عن التلفزيون كوسيلة للتعرف على محيط الطفل. وتتعدد أشكال المشاريع التي تعمل على تنمية الذكاء العاطفي للطفل، ومن بينها مشروع قائم على مسرح العرائس، التي يتولى الأطفال تحريكها والتعبير من خلالها عن حالات شعورية مختلفة.

خطورة التأرجح بين الدلال والعقاب
ومن المفارقات أن بعض الدراسات أرجعت الأزمة الاقتصادية الأخيرة إلى وجود أشخاص لا يتمتعون بالذكاء العاطفي في المواقع الاقتصادية القيادية. وأدركت الكثير من الشركات هذا الخلل وألحقت قياداتها في دورات لتنمية الذكاء العاطفي، تركز على كيفية الثناء على الموظفين وتحفيزهم وتقديم النقد بشكل بناء.
وتعتبر الولايات المتحدة من أكثر الدول المهتمة ببرامج تنمية الذكاء العاطفي لدى الأطفال في المدارس، إذ يقول القائمون على هذه الأنشطة أن كل دولار يستثمر في هذه المجال سيعود بـ11 دولار على المجتمع بعد ذلك.
الفقر العاطفي
وتتركز دورات تنمية الذكاء العاطفي على الأطفال وكذلك على الآباء والأمهات لتنمية هذه القدرة لدى الطفل. وفي هذا السياق، يشدد الخبراء على أهمية الاستجابة السريعة لاحتياجات الطفل خلال شهور عمره الأولى، لأن هذا يعزز من شعور الطفل بالثقة بشكل عام، لكن هذا لا يعني بالطبع التدليل الزائد خلال سنوات العمر الأولى.
ويحذر الخبراء، وفقاً لتقرير صحيفة "دي فيلت"، من الآباء والأمهات الذين يتأرجحون بين التدليل الزائد والعقوبات الصارمة لأن هذا يهز مشاعر الطفل بثقة، ويؤدي لفقدانه للتوازن العاطفي.
ويحمل الخبراء وسائل التكنولوجيا الحديثة مسؤولية ما يسمى "الفقر العاطفي"، فمن يجلس طويلاً أمام شاشة التلفزيون أو الكمبيوتر، لا يجد الوقت الكافي لتنمية مشاعره تجاه الأهل والأصدقاء، فالتواصل عبر المواقع الاجتماعية مثل "فيسبوك" يفتقر للعمق العاطفي وبالتالي فلا يمكن أن يصبح البديل عن التواصل الشخصي بين الناس.

كيف يجب أن تتصرف عندما ينطق طفلك كلمة بشكل خطأ؟
في بعض الأوقات ينطق الأطفال الكلمات الصعبة بطريقة خطأ وطريفة. فكيف يجب أن يكون رد الآباء في هذه الحالة؟ هل يجب عليهم تصحيح الأخطاء لصغارهم؟ وهل من الصحي الضحك على الطريقة المضحكة التي ينطق بها الطفل؟
غالباً ما ينطق الأطفال الكلمات الصعبة بطريقة خاطئة ومضحكة في نفس الوقت. هل يجب على الآباء تصحيح الأخطاء اللغوية للطفل على الفور؟ وهل من المقبول الضحك على طريقتهم المضحكة في النطق؟
تقول خبيرة التربية والمؤلفة والمدونة دانييله غراف: "يقوم أغلب الآباء بتكرار نفس الكلمة التي أساء الطفل نطقها ولكن بشكل صحيح". فعلى سبيل المثال إذا ما قال الطفل خلال زيارة لحديقة الحيوان: "انظري يا أمي، إنها رزافة!" فيجب أن تقوم الأم حينها بالرد قائلة "نعم هذه زرافة"، بدون لفت الانتباه للخطأ. التصحيح المستمر للطفل يمكن أن يصير عائقاً لتعلم اللغات، حسبما تقول غراف وهي أم لطفلين. وتضيف: "غير أن تكرار النطق الصحيح للكلمة المنطوقة بشكل خاطئ سوف يساعد الطفل على تعلم النطق الصحيح تدريجياً دون إحراجه".
وتقول غراف إنه ليس هناك أي غضاضة أن يتم دمج بعض الكلمات المنطوقة خطأ المرحة في الكلمات الدارجة التي تستخدمها الأسرة نظراً لأن هذا من شأنه" تعزيز التآزر". وتشير إلى أنه لا يوجد ثمة خطأ  أيضاً في الضحك على تلك الكلمات طالما أن من الواضح أنك لا تسخر من الطفل.