مناقشة فيلم «الشك» في ندوة الثقافة والعلوم
عقدت ندوة الثقافة والعلوم بالتعاون صالون المنتدى جلسة نقاشية لفيلم “الشك” إنتاج عام 2008. بطولة ميريل ستريب وفيليب سيمور هوفمان وإيمي آدمز وفيولا ديفيس، بمشاركة السينمائية نجوم الغانم والناقد أندرو محسن وإيهاب الملاح وحضور د. نادية بوهناد ود. أمل صقر وزينة الشامي وهالة شوقي وتيسير محمد وأحمد علي ونخبة من المهتمين.
قدمت للجلسة عائشة سلطان مستعرضة فكرة الفيلم المبني على شكوك وهواجس من راهبة تتهم بابا الكنيسة أو المدرسة التي تعمل بها بالتحرش بأحد الأطفال، وأكد الحضور أنالفيلم نموذجي في بنائه الدرامي وتصاعده من خلال الحوار الفذ المكتوب بحرفية واقتدار، لأنه يصور ببراعة وجهتي نظر بين إيمان الرحابة والانفتاح وقبول الآخر وبين جمود اليقين الزائف. وأكدت أن الفيلم قدم إشارات فلسفية كثيرة لبعض الأحداث التاريخية.
الفيلم يدور حول حوار بين عنصرين. شخص صارم وشخص متحرر ومعاملة القس الإنسانية لطفل أسود وحيد بالمدرسة، ما يتسبب في اتهامه بالتحرش للطفل، وقناعة القس بأنه إذا تعامل بقسوة ستكون نوع من العنصرية والتفرقة، وفي المقابل هناك الراهبة الصارمة التي تعامل الجميع كالدمى تحركها كما تريد حباً في السيطرة.
وأشار البعض إلى ما بعثه الفيلم من خوف أحيان، والذي يؤكد الشك، فالخوف من الفضيحة والخوف على سمعة القس والخوف على الطفل من الطرد، وتقبل الأم لما يحدث حتى لا يطرد ابنها من المدرسة. وركز الحضور على أن الشك إذا دخل النفس لا يغتفر، والقس أكد اتهامه بالشك بجملة جميلة الشك كالوسادة المملؤة بالريش إذا انتشرت بالهواء صعب لمها.
وأكد الحضور قوة النص والمشاهد التي ترمز بشكل مباشر للواقع الاجتماعي والتاريخي لأمريكا في تلك الفترة الزمنية من ستينيات القرن الماضي، فمشهد العروسة دليل على أن القس رجل دين متفتح يستمع للموسيقى ويهوى مشاهدة الرقص ومنفتح على الحياة، عكس الراهبة الصامتة والصارمة والجادة. ما يرمز إلى أن الراهب يمثل الحداثة في تلك المرحلة والراهبة رمز للرجعية والتشدد.
ورأى البعض أن المخرج ترك المشاهدين في حالة من الشكوك، أدخلت المشاهد في دواّمة التفكير منذ المشهد الأول، ولا يستطيع التوقّف حتى النهاية، حيث أكد أن الشك مرتبط بعالم اليقين، وأن الشك مدمر للعقل والقلب ويفقدك الاستمتاع بالحياة، وأيضاً أكد الفيلم على أن الشك هو أول شروط المعرفة.
وأشار الناقد أندرو محسن أن الفيلم عكس الواقع الاجتماعي الأمريكي سواء ما يحدث في المجتمع بعد مقتل جون كنيدي، وأما يحدث في الكنيسة، وأنه أسقط الأضواء على تلك الفترة بحرفية ووضوح. وأكد أن أحداث الفيلم تقع في الخريف والذي يمثل إشارة رمزية سياسة للأحداث التاريخية في تلك المرحلة، وأن إسقاطات الفيلم كانت مباشرة.
وأكدت نجوم الغانم أن الفيلم مستمد من واقعة حقيقية في تلك المرحلة والتي كانت تمثل قلق عام وكنسي في الوقت نفسه، وأن الريبة التي طرحها الفيلم خلطت الشك باليقين في لغة سينمائية آخاذة.
ورأى البعض أن الإشارات القليلة التي بثها الفيلم بشأن الفتى هي تعرضه بالأساس إلى التنمر والعنصرية من قبل زملائه في المدرسة، وأن سبب انتقالات القس من كنيسة لأخرى هي الرفض الذي كانت تقابل به أفكاره المنفتحة وليس بالضرورة لأسباب أخلاقية.
ونوهت د. نادية بوهناد إلى أن القاسم المشترك بين أبطال الفيلم هو الخوف، خوف القس من الفضيحة، وخوف الراهبة من السكوت وخاصة أنها ذات شخصية سلطوية، وخوف الأم من طرد ابنها من المدرسة، وهكذا سلسلة من الخوف التي قادت إلى الشك وعدم اليقين.
لأن الإنسان لا يمكن أن يكون صاحب صورة واحدة فقط في كل شيء بالتأكيد هنالك اختلافات كثيرة داخل الإنسان.. وأشار الحضور إلى أن الفيلم عرض بالأسلوب المسرحي نفسه المأخوذ منه العمل، فلا يخلو مشهد من حوار بين الشخصيات الرئيسية، إضافة إلى أحادية المكان سواء داخل الكنيسة أو المدرسة. وفي الختام أكد المشاركين أن النهاية أكدت حالة الشك التي تركتها البداية من خلال مقولة الراهبة وهي تبكي: “أشعر بالشك.. الشك يملؤني».