غزوة مبنى الكابيتول:

هكذا ساعدت الانترنت في تحديد مثيري الشغب...!

هكذا ساعدت الانترنت في تحديد مثيري الشغب...!

-- كان التوثيق الافتراضي نعمة للمحققين الهواة الموجودين على الشبكات الاجتماعية
-- بدأ مستخدمو الإنترنت سباقا للتعرف على أكبر عدد ممكن من مقتحمي الكابتول
-- تلقى مكتب التحقيقات الفيدرالي أكثر من 40 ألف معلومة، منها صور ومقاطع فيديو
-- دفع المتظاهرون الثمن دون المرور عبر مركز الشرطة حيث تم فصل بعضهم عن العمل


كان من الممكن إخفاء ابتساماتهم تحت كمّامات واقية من فيروس كورونا، إلا أن أنصار دونالد ترامب ليسوا مغرمين بها، والمشاغبون في الكابيتول أكثر ازدراء لها. لذلك، اختار العديد منهم، بشكل علني، زرع الفوضى في دوائر البرلمان الأمريكي في 6 يناير.
بعضهم وقف بفخر ليلتقط صورا جابت جميع أنحاء العالم، أقدامه على مكتب مسؤول منتخب، أو ملوحا بعلم الكونفدرالية. في حين نشر آخرون ساعة مجدهم على فيسبوك أو انستغرام، دون أن يتخيلوا أنهم يعرّضون أنفسهم لإجراءات قانونية.

هذا التوثيق الافتراضي هو نعمة للمحققين الهواة الموجودين على الشبكات الاجتماعية. فبمساعدة صور الصحفيين ومقاطع الفيديو التي بثها المشاغبون على الهواء مباشرة، يحاول العديد من مستخدمي الإنترنت التعرف على المشاركين الذين اقتحموا أروقة مبنى الكابيتول.
« كما لو أنهم مدفوعون بزخم يوحدهم”، تلاحظ رينا ستامبولييسكا، الخبيرة في إدارة المخاطر والأزمات. “ لقد تمت مهاجمة عظمة البلاد، مما اثار حفيظة الناس، إنهم يشعرون بأن واجبهم المدني، أي الانتخابات الرئاسية، قد تم الدوس عليه أكثر من مرة.
من هنا هذه الشراسة، وهذه السرعة، في محاولة للعثور على الجناة، تلاحظ مؤلفة كتاب “الوجه الخفي للإنترنت” (منشورات لاروس، 2017).

فصل المتظاهرين عن العمل
لقد دفع المتظاهرون الثمن فعلا، حتى دون المرور عبر مركز للشرطة. وهكذا تم فصل رجل تم تصويره في مبنى الكابيتول بعد 24 ساعة من الأحداث. تعرف مستخدمو الإنترنت على اسم شركته، نافيستار، المدرج على شارة العمل التي كان يرتديها حول رقبته. صاحب عمله السابق، متجر دونات، أعطى اسمه في منشور على فيسبوك انتشر كالنار في الهشيم، لتنتهي نافيستار بإعلان أنها أنهت عقد موظفها. وقالت شركة أخرى، تأمينات رأس الاوزة، إنها طردت أحد موظفيها قبعة، لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى، على رأسه، قام محامي شركة التأمين هذه، ومقرها تكساس، بنشر مقطع فيديو على انستغرام في عز المظاهرة أمام مبنى الكابيتول، وأعلن “سندخله لوقف” عملية المصادقة على نتائج الانتخابات الرئاسية. ثم تعرّف عليه مستخدمو الإنترنت، واشاروا الى حساب مشغّله.

ونقلاً عن صحيفة وول ستريت جورنال، زعمت شركة تأمينات رأس الاوزة، أنها “فوجئت وجزعت عندما علمت أن أحد موظفيها، دون علمها أو بدون دعمها، قد شارك في مظاهرة عنيفة في العاصمة «.
نفس النتيجة لوكيلة عقارات في شيكاغو، بعد أن تعرضت شركتها “لهرسلة شديدة” من قبل مستخدمي الإنترنت الذين تعرفوا عليها بالصور: “نحن لا نتسامح مع العنف أو التدمير أو الأنشطة غير القانونية”، برر صاحب العمل.

«لم أكن هناك لأحدث المشاكل، لقد كنت هناك لدعم رئيسي”، ردت الخمسينية، مؤكدة أنها صعدت درجات مبنى الكابيتول دون أن تصطدم بالشرطة، وأنها نشرت صورًا ذاتية على انستغرام، وأنها غنت النشيد الوطني ثم غادرت. هذا “الاسم والعار”، سهل على الشبكات الاجتماعية. “الصور التي تُظهر الوجوه المكشوفة كثيرة للغاية، والسكان مذهولون بما حدث، الا ان الكثير من الناس يخلطون بين ‘انا أستطيع’ و’يجب علي’، تقول رينا ستامبولييسكا، لمجرد أنني أستطيع العثور على أشخاص لا يعني أنه يجب عليّ، أن أشهّر بهم جميعًا. ليس من حق أحد ان ينتصب حاكما. يجب إرسال المعطيات إلى السلطات».

مكتب التحقيقات
 الفدرالي يطلب المساعدة
على دراية جيدة بتقنيات تحديد شخص ما على الإنترنت، فإن المحققين الافتراضيين باتوا أكثر تحفيزًا حيث طلب مكتب التحقيقات الفيدرالي وشرطة واشنطن العاصمة رسميًا مساعدة الجمهور. حتى أن الوكالة الفيدرالية الأمريكية، أنشأت صفحة لجمع الوثائق التي من شأنها أن تسمح بالعثور على مثيري الشغب.
«من أجل إنشاء ملف، سيتعين على الشرطة التحقق من صحة صورة أو مقطع فيديو كدليل، لتتأكد من أنه ليس مزيفًا. ثم يعود الأمر إلى المحاكم لتقرير ما إذا كانت العناصر المقدمة كافية لإثبات الجريمة”، تذكّر الخبيرة في إدارة المخاطر والأزمات.
تم استخدام حساب على انستغرام، الإرهابيون المحليون، بسرعة لجمع أي معلومات تسمح بوضع اسم على وجه. تم حذف الحساب بواسطة الشبكة الاجتماعية، ولكن تم استبداله بسرعة. وقد سجل ما يقرب من 22500 مشترك يوم الاثنين. تجمع منصة المناقشة رديت أكثر من 12 جيغابايت من الصور المتعلقة بـ 6 يناير. ويريد الموقع تفادي الكشف عن الأسماء. عام 2013، كان عليه أن يعتذر بعد اتهامه زورا لأبرياء، عندما تم إطلاق مطاردة رقمية للتعرف على منفذي تفجير ماراثون بوسطن.
شبكة بيلنغكات -مجموعة دولية من الباحثين والمحققين والصحفيين المواطنين -من جانبها، تجمع جميع المستندات التي تتلقاها في جداول بيانات غوغل.

برنامج التعرف على الوجوه
ومع ذلك، فإن التعاون مع السلطات قد أثمر. أدى حساب تويتر، المتابع على نطاق واسع، لجون سكوت رايلتون، الباحث في سيتزن لاب، وهي مجموعة في جامعة تورنتو (كندا) تراقب الأمن السيبراني، إلى اعتقال شخصين على الأقل. يقول الباحث إنه يركز على تحديد النشطاء الذين بدوا عنيفين. “كان هناك بالتأكيد سائحو إنستغرام أرادوا الدخول ولم يكن لديهم خطط محددة هناك. ويبدو أن رجالا آخرين كانوا يرتدون ازياء للقتال”، قال لصحيفة تورنتو ستار. “سألت نفسي: لماذا كانوا هناك؟ وللإجابة على هذا السؤال، كانت الخطوة الأولى هي معرفة من هم. «
يستخدم جون سكوت رايلتون تقنيات تحسين الصور وبرامج التعرف على الوجوه. ولّدت طلباته للمساعدة آلاف الردود. ومساء 7 يناير، تمكن الباحث من التعرف على رجل حاضر في مجلس الشيوخ، يرتدي خوذة عسكرية وأصفاد بلاستيكية. انه التكسان لاري ريندل بروك، ضابط الاحتياط الجوى المتقاعد، واعتقلته السلطات يوم الاحد.

كانت عملية تحديد الهوية أكثر صعوبة بالنسبة لشخص آخر يرتدي معدات شبه عسكرية، والذي اخفى وجهه بقناع أسود وقبعة. بعد عدة أيام من البحث الدقيق، أخبر جون سكوت رايلتون مكتب التحقيقات الفيدرالي بالنتيجة التي توصل إليها. الرجل المعني، إريك جافليك مونشيل، من ولاية تينيسي، اعتقل يوم الأحد من قبل السلطات الفيدرالية.
في المجموع، تم اعتقال عشرات الأشخاص منذ أعمال الشغب منهم جيك أنجيلي، من كيو انون بغطاء رأس الجاموس، أو آدم جونسون، لص مكتب نانسي بيلوسي. ومن المتوقع اعتقالات أخرى. وأفادت صحيفة نيويورك تايمز الاثنين أن مكتب التحقيقات الفيدرالي تلقى أكثر من 40 ألف معلومة، منها صور ومقاطع فيديو. وهذا الرقم لا يشمل المعلومات المقدمة عبر الهاتف.