هل يمكن وقف سباق التسلح النووي الجديد؟

هل يمكن وقف سباق التسلح النووي الجديد؟

لفتت هيئة التحرير في صحيفة «واشنطن بوست» إلى أن العالم يدخل سباقاً خطيراً من التسلح النووي لم يسبق له مثيل منذ القنبلة الذرية الأولى، لكن ليس من الضروري أن ينتهي بكارثة.
من الممكن أن تؤدي المعاهدات الملزمة والتي يمكن التحقق منها للسيطرة على الأسلحة النووية، بهدف الحد من المخزونات أو خفضها ومنع سوء التقدير أو الخطأ، إلى المزيد من الاستقرار. سيتطلب الأمر قوة إرادة سياسية من جانب قادة الولايات المتحدة وروسيا والصين، وهي قوة لا وجود لها اليوم. العامل الجديد هو الصين التي تطمح تقريباً إلى مجاراة الترسانات النووية التي تمتلكها الولايات المتحدة وروسيا على مدى العقد المقبل أو نحو ذلك. إذا أدى سباق التسلح الأول إلى مساومة ثنائية الاتجاه، في كثير من الأحيان عبر مناورة استراتيجية كلعبة الشطرنج، فسيكون السباق الجديد ثلاثياً وصعباً إلى حد مؤلم. إن مفهوم الردع عبر الأسلحة النووية الجاهزة للإطلاق، أي الحفاظ على تهديد نووي حقيقي لمنع الآخرين من الهجوم، سيكون أقل قابلية للتنبؤ وأكثر رعباً مما كان عليه أثناء الحرب الباردة وفق الصحيفة.
 
خطورة لا حصر لها
يمكن للأسلحة النووية أن تدمر مجتمعات؛ النيران النووية أقوى بما بين 10 ملايين إلى 100 مليون مرة من النيران الكيميائية في المتفجرات التقليدية. بالرغم من عدم استخدام سلاح نووي في القتال منذ الحرب العالمية الثانية، كانت هناك مخاطر كبيرة: بالحد الأدنى، أجرت ثماني دول مسلحة نووياً 2056 تجربة للأسلحة النووية تحت الأرض وفي الجو، بالإضافة إلى العشرات من الإنذارات الكاذبة والحوادث التي تم تفاديها بأعجوبة. ويتزايد خطر سوء الفهم أو سوء التقدير عندما تظل الأسلحة النووية في حالة تأهب للإطلاق، كما هي الحال في الولايات المتحدة وروسيا اليوم. علاوة على ذلك، هددت روسيا مراراً باستخدام الأسلحة النووية أثناء حربها ضد أوكرانيا، وهو ما أظهر كيف أن الأسلحة النووية يمكن أن تلعب دوراً هائلاً في الإكراه والصراع حتى عندما لا تُستخدم.
 
ترسانة الصين
إن سباق التسلح الجديد يجري بالفعل وفق الصحيفة. خلصت لجنة الكونغرس المعنية بالوضع الاستراتيجي للولايات المتحدة مؤخراً إلى أن «الصين تسعى إلى تعزيز قوتها النووية على نطاق ووتيرة لم يسبق لهما مثيل منذ سباق التسلح النووي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي الذي انتهى في أواخر الثمانينات». وثمة اعتقاد بأن الصين التي كانت تمتلك قبل بضعة أعوام نحو 200 رأس حربي نووي، لديها الآن أكثر من 500 رأس نووي وتهدف إلى امتلاك أكثر من ألف رأس حربي بحلول سنة 2030، مقارنة بـ 1550 رأساً حربياً منتشراً لدى الولايات المتحدة وروسيا.
وأسست الصين ثالوثاً ناشئاً من مركبات تسليم الأسلحة الاستراتيجية، برية وبحرية وجوية، كما فعلت الولايات المتحدة وروسيا؛ ومن المتوقع أن تبقي الصواريخ الأرضية في حالة أعلى من الجاهزية؛ وهي تستثمر في الأسلحة المضادة للأقمار الاصطناعية والمركبات الانزلاقية التي تفوق سرعتها سرعة الصوت والقصف المداري. قال البنتاغون في أحدث مسح سنوي له عن القوة العسكرية الصينية إن جهود الصين «تقزّم المحاولات السابقة من حيث الحجم والتعقيد».
 
لمحة عن الصداع الثلاثي
في حين ترزح تحت وطأة حربها في أوكرانيا، تقوم روسيا بتجربة صاروخ كروز يعمل بالطاقة النووية ويمكنه الطيران لآلاف الأميال. والولايات المتحدة أيضاً باتت الآن في صلب دورة تحديث الأسلحة الاستراتيجية، مع قاذفات قنابل وصواريخ وغواصات جديدة تلوح في الأفق. وأشارت لجنة الوضع الاستراتيجي إلى أن الولايات المتحدة توسع الآن مظلة الردع النووي لتشمل أكثر من 30 حليفاً رسمياً وهو ما يمثل ثلث الاقتصاد العالمي - وسيكون الحفاظ على هذه التحالفات والردع الموثوق به أمراً أساسياً في عصر المواجهة مع روسيا والصين. وفق الصحيفة نفسها، ليس هناك الكثير لإبطاء سباق التسلح الجديد. لقد انقضت معاهدات الحد من الأسلحة السابقة أو تم إضعافها، باستثناء معاهدة ستارت الجديدة، وثمة شكوك بما إذا كان من الممكن التفاوض على خليفة لها عندما تنتهي صلاحيتها سنة 2026. وكما أشار المجلس الاستشاري للأمن الدولي التابع لوزارة الخارجية الأمريكية مؤخراً، إن غياب اليقين العميق بشأن نوايا الصين وجدولها الزمني يعرقل أي محاولة للتوصل إلى اتفاق عددي مع روسيا. هذه مجرد لمحة عن الصداع الثلاثي.
 
حكمة الخطوات الصغيرة
بعدما رفضت بكين لفترة طويلة مجرد مناقشة مسألة الحد من الأسلحة النووية، أرسلت الصين مسؤولاً عن هذا الملف إلى واشنطن لإجراء محادثات في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني). هذا صدع في الباب، ويتعين على الولايات المتحدة أن تبذل جهوداً متضافرة لتوسيعه. قد يكون الطريق إلى التقدم الإقدام على خطوات صغيرة، في البداية، مع التركيز على الحد من المخاطر والشفافية. اقترح روز غوتمولر الذي كان كبير المفاوضين الأمريكيين مع روسيا في معاهدة ستارت الجديدة إمكانية أن تبدأ الولايات المتحدة بالسعي لإجراء محادثات مع كل من الصين وروسيا بشأن الحد من الصواريخ المتوسطة المدى، حيث لدى الصينيين نفس القدرة بالمقارنة مع كل من الولايات المتحدة وروسيا. بالتالي قد تكون مهتمة بضبط النفس المتبادل.
أضافت الصحيفة أن الدبلوماسية نجحت في وقف سباق التسلح النووي في الثمانينات، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن اثنين من القادة السياسيين، رونالد ريغان وميخائيل غورباتشوف، تمتعا بالرؤية اللازمة للقيام بذلك. في الوقت الحالي، هناك نقص في قوة الإرادة هذه. لكن من الحكمة البحث عن فرص متواضعة للتحضير للمعاهدات في وقت لاحق. إن سباقاً جامحاً للتسلح سيكون مكلفاً ومحفوفاً بالمخاطر، بل وأكثر إرباكاً للعقول من المفاوضات الثلاثية لوقفه.
 
 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot