رئيس الدولة ورئيس تشاد يؤكدان العمل على تعزيز السلام والاستقرار والتنمية لدول المنطقة
ويتكوف لاعباً غير تقليدي يمثل رئيساً أمريكياً غير تقليدي
هل ينجح «قيصر المفاوضات الشاملة» في إخماد الحروب؟
أثبت ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، وقيصر المفاوضات الشاملة، نفسه كشخصية ذات بريق في الولاية الثانية لترامب.
وكتب «براندون ج. ويتشرت» في مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية، أنه بحكم منصبه ونشاطاته، وسعياً منه إلى تحقيق الاستقرار في حرب أوكرانيا ومحاولة تهدئة الأعمال العدائية في الشرق الأوسط، تعرّض ويتكوف لهجمات من كل الجهات في أوقات مختلفة لأسباب متعددة. فهو يُتهم أحياناً بأنه عميل قطري، وأحياناً يتهم بأنه عميل للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. طبعاً، هذه الاتهامات سخيفة، وقد يعتبرها قطب العقارات وسام شرف، نظراً لمصدرها. استهل ويتكوف، صاحب المبادرة الذاتية، مسيرته المهنية في ثمانينيات القرن الماضي، محامياً عادياً في شركة محاماة عقارية بمانهاتن، إلى أن تعرف على ترامب، الشاب الذي ألهمه لدخول مجال العقارات. تخلى ويتكوف عن كل شيء ليبدأ مشروعه الخاص بشراء عقارات صغيرة في هارلم. واشتهر الرجل بتحمله مسؤولية صيانة هذه المباني بنفسه لخفض التكاليف. ووفقاً لإحدى الروايات، فإنه تخلى عن حفل عشاء فاخر ليلة رأس السنة في مانهاتن كي يحفر قناة صرف صحي. وأخيراً، نمت إمبراطوريته، وبات ويتكوف يعقد صفقات عقارية بمئات الملايين من الدولارات.
مهمات ناجحة
ورغم أن ويتكوف حديث العهد بالسياسة إلى حد ما، إلا أن المهمات التي تولاها حتى الآن اتسمت بالنجاح إلى حد كبير. ففي الأيام التي سبقت تنصيب ترامب، ساهم في تأمين وقف نار مؤقت مع حركة حماس. لم يكن ذلك دفاعاً عن حماس، بل كان لإنقاذ نحو 30 رهينة إسرائيلياً من براثنها.
وتعتبر حرب أوكرانيا أكبر مشروع سلام لويتكوف حتى الآن. لكن الحرب مستمرة على رغم الجهود الحثيثة التي يبذلها. ومع ذلك، كان التقدم الذي أحرزه كبير مفاوضي ترامب استثنائياً.
فهذه هي موسكو وواشنطن تتحدثان -مباشرة- بطرق لم تكن لتخطر على بال حتى قبل خمسة أشهر، عندما كان العالم على شفا حرب عالمية ثالثة في أوروبا.
وليست حروب أوكرانيا وغزة هي التي تشغل وقت ويتكوف. إذ إنه بينما يقف الشرق الأوسط على شفا حرب خطيرة بين التحالف الأمريكي- الإسرائيلي وإيران التي تطور برنامجاً نووياً، اختار ترامب إعطاء السلام فرصة أخيرة. ولسوء حظ شركاء ترامب الإسرائيليين والجناح المحافظ الجديد في الحزب الجمهوري، لجأ ترامب إلى ويتكوف، مانحاً إياه ثالث مهمة رئيسية في إدارته الجديدة. في عطلة نهاية الأسبوع، التقى ويتكوف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في سلطنة عُمان المحايدة. مسلحاً بتهديدات ترامب عشية الاجتماع - وتحديداً التهديد بنشر قاذفات الشبح بعيدة المدى من طراز بي-2 سبيريت، من قاعدة دييغو غارسيا الأمريكية في شمال المحيط الهندي، وقصف المواقع النووية الإيرانية بقنابل جي بي يو-57 القوية، التي تزن 30 ألف رطل - والتقى ويتكوف بمحاوره الإيراني لساعات.
مفاوضات جدية
وتوقع الكثير من المراقبين أن يكون هذا الاجتماع فاتراً. ومع ذلك، يبدو أن الجانبين أجريا مفاوضات جدية، من دون أن يعرف بعد ما إذا كانت هذه المفاوضات ستؤدي إلى أكثر من مجرد محادثات.
لكن ويتكوف جاء بورقة رابحة أخرى إلى جانب تهديدات ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو. فعشية لقاء ويتكوف مع عراقجي في عُمان، أمضى ساعات في محادثة ودية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
لا ريب في أن أوكرانيا كانت الموضوع الرئيسي لهذا الحوار، ولكن توقيت الاجتماع عشية اللقاء الناجح إلى حد ما بين الولايات المتحدة وإيران في عُمان، يعني على الأرجح أن إيران، أقرب حليف لروسيا في الشرق الأوسط بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، كانت أيضاً على جدول الأعمال.
طبعاً، لا تزال التفاصيل الحقيقية لمحادثة ويتكوف مع بوتين مجهولة. وثمة احتمال حقيقي في أن تكون موسكو قد أشارت لممثلي ترامب باستعدادها لبذل كل ما في وسعها لمساعدة واشنطن في جهودها الدبلوماسية غير المتوقعة مع طهران. ومن المؤكد، أن روسيا لا تريد حرباً رئيسية أخرى في الشرق الأوسط، ولا سيما أن مثل هذه الحرب ستؤدي بلا شك إلى انهيار شريكها الإقليمي الرئيسي. لذا، السؤال هو: ما الذي كان من الممكن أن يقوله بوتين لويتكوف؟ تشير بعض الأدلة من مصادر مقربة من الجانب الروسي، إلى أن موسكو أبدت انفتاحاً على الاضطلاع بدور أكثر فاعلية في محادثات السلام. وتحديداً، إذا كان نزع السلاح النووي هو هدف الولايات المتحدة وإسرائيل، فمن المحتمل أن تكون موسكو، التي لا ترغب في امتلاك سلاح نووي إيراني أكثر من واشنطن، مستعدة للإشراف على بروتوكول لنزع السلاح النووي.
وإذا أردنا تجنب الحرب، فإن مساعدة روسيا في عملية نزع السلاح النووي ــ وجعلها تقدم لطهران كل الضمانات، التي قد تحتاجها كي تشعر بالارتياح مع مثل هذه الخطوة ــ هي على الأرجح الطريقة الأضمن لتجنب حرب إقليمية واسعة النطاق.
يعتبر ويتكوف لاعباً غير تقليدي يمثل رئيساً أمريكياً غير تقليدي. قد يحقق هذا الأمر التوازن الدبلوماسي، بجعل روسيا تتولى المهمة الصعبة مع وكلائها في إيران، وتالياً تجنّب حربٍ كبرى.