رئيس الدولة يعين النائب العام المساعد في النيابة العامة الاتحادية
هوس المدونين بنشر الفضائح
جاء تعريف الفضيحة في المعجم الجامع على أنها “ كل ما يجلب العار ويؤذي المشاعر الأخلاقية للمجتمع” وهذا المعنى نعايشه هذه الأيام مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، ووجود وظيفة جديدة تحت مسمى مدون، فكل شخص امتلك هاتفا به كاميرا وموصل بشبكة الاتصال الدولية أصبح من حقه نقل ما يحلو له من مشاهد للغير دون إذن أو معيار للحفاظ على الخصوصية، فنجد المدونين يمارسون أعمالاً بعيدة كل البعد عن الميثاق المهني للعمل الإعلامي، وصار تصوير الحدث أهم من منع الجريمة، فمعظم تلك المشاهد التي ترصد الحدث كان من الممكن إنقاذ روح من الهلاك، لكن المصلحة الفردية في نشر الفضيحة انتصر للتصوير والنشر على الحكمة والتروي في النقل غير المبرر لما يتنافى مع قيم المجتمع.
المدونون يلهثون في الغالب وراء الفضائح المتعلقة بالجنس والقضايا الاجتماعية الشائكة، بهدف الحصول على عدد المشاهدات وتحصيل مقابل مادي كبير من جراء نشره على حساباتهم المختلفة، فالفضيحة هى الأكثر شيوعاً في تحقيق هذا الغرض، مستغلين عدم وجود رقابة على ما يقدمونه من مادة إعلامية منافية لمبدء العمل الإعلامي، فنجد من ينتقل لموقع الحدث ويسجل مع أهل الضحية ملابسات القضية وسرد أبعاد المشكلة ليس للحل أو التوعية بقدر تحقيق المكسب الرئيسي وهو المشاهدات، مع أن هذا الإجراء يعد قانونياً غير سليم لأنه سبق تحقيقات النيابة وكشف ملابسات القضية، وربما بهذا التصوير وتوجيه الأسئلة يطمس الحقيقة ويحولها إلى قضية رأي عام في حين أن الموضوع لا يستحق كل هذه الضجة.
كما يظهر مدون آخر في صورة الخبير الاستراتيجي لتحليل الجريمة وشرحها شرحاً وافياً، مع أنه لم يرَ الحدث ولكنه بنى حديثه المغلوط على عدد من نسيج خياله واستخدام المؤثرات الحسية على المتابعين وتأثيره عليهم، فمهما كان الحدث تجد عند هؤلاء مادة يخوضون فيها ويحولونها لفضيحة كبيرة تنم على أن المجتمع انغمس في وحل الجريمة ولم يعد كالسابق، مع أن الأمر يحدث في أنحاء العالم كل يوم، ولم نر منه إلا ما جاء في بيان الأجهزة الرسمية بعد التحقيقات، والقضايا كثيرة والقصص التى تم سردها متعددة ومعروفة للقاصي ، و الداني وأن الفضيحة لها جذور في التاريخ القديم والمعاصر، قد نتناولها فيما بعد بموضوعية.
نشر هذه الفضائح على الملأ له عواقب اجتماعية وخيمة، ونسأل عن مدى حب الكثيرين لمثل هذه القصص والمتابعة الحثيثة لتقصي الفضيحة، فلابد من خروج علماء النفس بتقرير عن هذه الظاهرة ووضع حلول جذرية لها،
فعلى مستوى العمل الإنساني تتاجر بعض المؤسسات الصحية وغيرها بضعف المرضى والفقراء بنشر صورهم عند مدهم بأقل المساعدات بهدف جمع التبرعات، ومذيع الشارع وظيفة جديدة تثير لهفة المتابعين وتبين مدى جهل المارة وفضحهم على المستوى المعرفي والإنساني والأخلاقي، حين يطلب من فتاة خلع ملابسها مقابل مبلغ مادي ..وأن توافق ، يصبح الأمر في غاية الخطورة وعلى الأجهزة المعنية التصدي لمثل هذه الظاهرة التى تنخر في جسد المجتمع.
وعلى العكس في دولة الإمارات حين شاهدت فتاة حاوية تحمل مواد بترولية على وشك الانفجار وبها سائق في حالة إغماء ، لم تقف مكتوفة الأيدي مهتمة بتصوير الحدث ورفعه على حساباتها لجمع أعداد من المتابعين، بل عبرت الطريق وأنقذت السائق وسترته بعباءتها ثم طلبت الإسعاف وانصرفت دون تسجيل اللقطة أو البحث عن فضيحة تستثمرها في عدد المشاهدات، فهذا هو الفرق بين الفضيحة والستر، فضلت العمل الإنساني على شهرتها بنشر مقطع فيديو لرجل في محنة، إن المعنى الحقيقي للفضيحة بعيداً عن المعاجم، يكمن في مفهوم الستر ونشره بين أفراد المجتمع والحرص على ترميم ما خلفه المدونون بحساباتهم.