تصوت فرنسا لانتخاب جمعية وطنية جديدة اليوم وفي 7 يوليو(تموز)، ويتقدم فيها اليمين المتطرف واليسار على ائتلاف الرئيس إيمانويل ماكرون الوسطي.
مع انشغال الناخبين الفرنسيين بالمشاكل الداخلية، فإن السياسة الخارجية ليست القضية الحاسمة في هذه الانتخابات
وتقول صحيفة «وول ستريت جورنال» إنه إذا ساد أي من الطرفين، فقد تصبح فرنسا حليفاً أقل جدارة بالثقة في لحظة محفوفة بالمخاطر  لأوروبا والعالم.

العلاقة مع روسيا
كانت لحزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبان علاقات ودية مع روسيا، لكنه خفف هذا الموقف ظاهرياً في 2022. وفي أعقاب الهجوم الروسي على أوكرانيا، عرف الحزب أن «ناخبيه لا يشاركونه المشاعر المؤيدة لروسيا»، كما يقول غيوم أنسيل، ضابط عسكري سابق ألف عدة كتب عن الدفاع الفرنسي والسياسة الخارجية: «لكنني متأكد تماماً أنهم لم يغيروا رأيهم أبداً. لقد غيروا كلماتهم فحسب».
ويشير منتقدو التجمع الوطني إلى سجل الحزب منذ فبراير(شباط) 2022. فقد أدانت لوبان العدوان العسكري الروسي في أوكرانيا، لكنها عارضت العام الماضي فرض عقوبات على الطاقة الروسية ووصفتها بـ «غير مدروسة».
وفي مارس(آذار)، امتنع حزب الجبهة الوطنية عن التصويت لصالح الاتفاقية الأمنية بين فرنسا وأوكرانيا التي تعهدت بتقديم المزيد من المساعدات العسكرية، فضلاً عن الدعم الفرنسي لانضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، وتوثيق العلاقات بين كييف وحلف شمال الأطلسي، و»الطريق إلى مستقبل».
وتقول ريم ممتاز، زميلة المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، مركز الأبحاث البريطاني، إن التجمع الوطني يقول إنه يريد السعي للسلام، لكنه «يضع المسؤولية» على أوكرانيا.

جوردان بارديلا
ويقول رئيس الحزب جوردان بارديلا، الذي قد يصبح رئيساً للوزراء، إنه يدعم أوكرانيا. لكنه عارض إرسال صواريخ بعيدة المدى أو أسلحة أخرى يمكن أن تضرب الأراضي الروسية.
وظلت ورقة سياسة الدفاع التي نشرها الحزب في 2022 موجودة على الموقع الإلكتروني للحزب حتى أسابيع قليلة مضت. ودعت إلى «التحالف» مع روسيا من أجل «الأمن الأوروبي الذي لا يمكن أن يقوم بدونه»، ومكافحة الإرهاب. وجاء في الوثيقة أن «الولايات المتحدة لا تتصرف دائماً مثل حليف لفرنسا»، و»يجب أن يؤخذ هذا الموقف الأمريكي في الاعتبار لتعديل العلاقة الثنائية بشكل كامل». ويشير المدافعون عن الجبهة الوطنية إلى أن الورقة نُشرت قبل غزو 2022، ولكن ذلك كان بعد غزو روسيا لجورجيا في 2008، وضم شبه جزيرة القرم في 2014، واقتحام منطقة دونباس الشرقية في أوكرانيا في نفس العام..

القرض الروسي للوبان
وفي انتخابات 2022، أصبح القرض الذي قدمه البنك التشيكي الروسي الأول في موسكو بـ 9 ملايين يورو إلى الجبهة الوطنية في 2014 بمثابة عبء سياسي على مارين لوبان. وقالت في 2014 إنها حصلت على القرض بعد محاولتها الاقتراض من البنوك الفرنسية دون جدوى.
وحدد عقد القرض تاريخ السداد في 23 سبتمبر(أيلول) 2019، لكن بعد هذا التاريخ، تساءل المراقبون إذا كان القرض كذلك حقاً أم تبرعاً. وسدد التجمع الوطني القرض في العام الماضي. وقالت لوبان إنها «وقعت على قرض من أحد البنوك، وليس مع فلاديمير بوتين»، وأن أي قوة أجنبية لم تسع إلى التأثير عليها.
ويقول منتقدو الحزب إنه فشل في تطهير نفسه من أعضائه المؤيدين لروسيا، في إشارة إلى أن عضو حزب الجبهة الوطنية تييري مارياني، وعضو البرلمان الأوروبي، هو الرئيس المشارك لمجموعة الحوار الفرنسية الروسية، وهي مجموعة مناصرة تسعى إلى «تعزيز التعاون بين البلدين».
وقال موقع «ميديابارت» إن أربعة مرشحين حاليين على الأقل لحزب التجمع الوطني هم هيلين لابورت، وفيرجيني جورون، وجولي ليشانتو، وجان لين لاكابيل، راقبوا الانتخابات الصورية في روسيا في  2020 وعلقوا عليها بشكل إيجابي.
وترى «وول ستريت جورنال» أن وجود هذه العناصر في حكومة يرأسها التجمع الوطني، قد يجعل أوروبا والولايات المتحدة حذرتين من تبادل المعلومات الاستخبارية الحساسة مع فرنسا.
وأثارت تقارير إخبارية منذ عامين مخاوف مماثلة من صعود اليمين المتطرف في إيطاليا، الذي يمكن أن يفيد روسيا على حساب الغرب. ولكن قبل غزو أوكرانيا في 2022، وقبل أن تصبح جورجيا ميلوني رئيسة لوزراء إيطاليا، قالت إن «أوروبا والولايات المتحدة هما ركيزتا الغرب»، وأوضحت أن «الاستقلال الاستراتيجي لأوروبا» لا يجب «تفسيره على أنه احتكاك مع الولايات المتحدة».
وخلصت الصحيفة إلى أنه مع انشغال الناخبين الفرنسيين بالمشاكل الداخلية، فإن السياسة الخارجية ليست القضية الحاسمة في هذه الانتخابات. ولكن مع  تزايد التهديدات العالمية، فإن إضعاف فرنسا سيشكل خسارة لأوروبا والعالم.