200 موظف يعملون في تشيرنوبيل... تحت تهديد السلاح
في العاشرة صباحاً، من اليوم السادس عشر للحرب الروسية على أوكرانيا، رن هاتف داخل محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية، موقع أسوأ كارثة للطاقة النووية في العالم، والتي أصبحت سجناً مؤقتاً وخطيراً.
رفع عامل الهاتف المناوب الجهاز ومرر المكالمة إلى المشرف فالنتين هيكو، وهو من قدماء المحاربين في المنشأة البائدة، أخبر هيكو المديرين على الطرف الآخر بأن 210 فنيين وموظف دعم، في وضع يائس ويحتجزون رهائن وهم يراقبون الآلاف من قضبان الوقود المستهلك.
شهدت الليلة السابقة مواجهة بين الفنيين المرهقين المسؤولين عن حماية النفايات النووية والجنود الروس الذين ظلوا يحتجزونهم تحت تهديد السلاح منذ الساعات الأولى من الحرب.
قال هيكو للمديرين في المكتب الذي يبعد 30 ميلاً عن المنشأة: “الوضع النفسي يتدهور”. ويروي شخصان مطلعان على المكالمة أن بعض الفنيين الذين طالبوا بالعودة إلى بيوتهم، هددوا بالخروج، متجاوزين الدبابات الروسية في الخارج.
قال المشرف الذي احتفل بعيد ميلاده الستين في الأسر في الأسبوع الماضي، إن من واجبه أن يقاوم بقدر المطلوب “الكل يريد العودة إلى بيته، لكننا نعلم أن علينا البقاء».
ومنذ 23 فبراير(شباط)، يعمل الفنيون وموظفو الدعم في تشيرنوبيل دون توقف. وبعد وصولهم في الـ 9 مساءً من تلك الليلة لدوام ليلي واحد لمراقبة مستويات النقل الكهربائي وحرارة الهيكل العملاق للمحطة الذي يحتوي على نفايات مشعة، باتوا يقتربون من 500 ساعة عمل، ويتناوبون على الكراسي للنوم أمام آلات التصفير وعلى أكوام من الملابس بجوار محطات العمل.
ويقتصر نظامهم الغذائي على الأطعمة المعلبة، التي أعدها طباخ في الـ 70، انهار مرة من الإرهاق. صودرت هواتفهم ويتبعهم الجنود الروس عبر متاهة الممرات الخرسانية المسلحة في المحطة النووية.
طيلة أسابيع، كانت الهيئات المظمة للطاقة النووية في العالم تحاول فهم ما يحدث داخل مجمع تشيرنوبيل، حيث كانت حالة المنشأة وطاقمها محاطة بروايات متضاربة أوكرانية وروسية.
واستمعت صحيفة “وول ستريت جورنال” إلى روايات العمال المحاصرين بالداخل، وراجعت مقاطع فيديو ونصوصاً أرسلوها إلى أسرهم وإلى أكثر من عشرة من الأقارب والأصدقاء ومديري المصانع والمسؤولين المحليين. وتمكنت الصحيفة أيضاً من الوصول إلى تسجيلات لمكالمة هاتفية يومية في العاشرة صباحاً تربط المصنع بمكتب في بلدة سلافوتيش، التي بناها الاتحاد السوفييتي لإيواء عمال تشيرنوبيل بعد الانفجار الكارثي للمفاعل الرقم 4 في 1986.
وتقول الصحيفة في تقريرها إن الصورة تظهر طاقم فنيين نوويين يعملون تحت الإكراه منذ ثلاثة أسابيع. ويعاني أحدهم من مشكلة في الغدة الدرقية، ويحتاج إلى دواء، كما هو حال العديد من المصابين بارتفاع ضغط الدم.
وفي مكالمات استغرقت دقيقة واحدة، سمح الجنود الروس للعمال بالوصول إلى أفراد من عائلاتهم فأخبرهم عن تعب شديد، ودوار، وغثيان، وصداع رهيب.