رأى أن أمريكا منهكةً اقتصادياً وعسكرياً

4 خرافات كبرى عن سياسة ترامب الخارجية

4 خرافات كبرى عن سياسة ترامب الخارجية


تعيش نخبة السياسة الخارجية العالمية حالة تشبه الهستيريا إزاء الاحتمال الواقعي لعودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى سدة الحكم، وتتبارى المؤتمرات الدولية وصفحات الرأي  بالإدلاء بتوقعاتهم الرهيبة  لتبعات وصوله إلى البيت الأبيض، بدايةً من اضمحلال الديمقراطية الأمريكية وانتهاءً بالانسحاب الكامل لأمريكا من القيادة العالمية، وشبح تولي زعيم يُفترَض أنه موالٍ لموسكو السيطرة على جهاز الأمن القومي الأمريكي.

رأى ترامب أمريكا منهكةً اقتصادياً وعسكرياً
ترددت هذه الادعاءات المبالغ فيها كثيراً منذ ظهور ترامب على الساحة السياسية منذ نحو عقد من الزمان، لدرجة أن العديد من الأمريكيين تأقلموا مع افتقارها للدقة.
غير أنّ التقييم الواضح لسجل ترامب في السياسة الخارجية رئيساً يبين أن التحذيرات التي كثيراً ما رددها المعلقون على السياسة الخارجية العالمية لا تشبه الواقع كثيراً، بل وتناقض بعض أفعال وتصرفات ترامب، حسب ما أفاد ألكسندر غراي، الرئيس التنفيذي لشركة American Global Strategies LLC، المتخصصة في الاستشارات الإستراتيجية الدولية،  وقد شاركَ في تأسيسها مع مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق روبرت أوبراين.

ترامب الداعي للحرب
فمنذ اللحظة التي دخل فيها ترامب السباق الرئاسي عام 2016، ندَّدَ به المعلقون في المؤسسة الحاكمة ووصفوه بالمتهور والتهديد المحتمل للسلام الدولي.
ولم يرَ المعلقون العالميون أن نهج ترامب الخطابي الفريد في المساعي الدبلوماسية يفتقر للكياسة وحسب، وإنما يتسم بالخطورة أيضاً، إذ كانت التنبؤات بنزاعٍ وشيك ناجم عن ترامب شائعة طيلة فترة رئاسته.
ومع ذلك، خالفت التوقعات كلها الواقع، فقد استند فهم ترامب البديهي لكيفية الحفاظ على نظام عالمي آمن ومزدهر على القوة العسكرية والاقتصادية الأمريكية الساحقة، وهي نفسها رؤية «السلام بالقوة“ التي عبّر عنها رونالد ريغان.  وعلى خلاف أسلافه المباشرين، قرر ترامب عدم الإقدام على أي تدخلات عسكرية خارجية غير ضرورية (كما في ليبيا والعراق) أو السماح بفقدان قوة الردع الأمريكية بالخطابات الجوفاء (كما في سوريا) أو تصور خصومنا للضعف الأمريكي (كما في أفغانستان وأوكرانيا وبحر الصين الجنوبي).
ولم يكن عدم وجود صراع عالمي في عهده مصادفةً تاريخية، وإنما ردة فعل متعمدة للسياسات التي صاغها ترامب ونفذتها إدارته.

ترامب إنعزاليّ
وأوضح الكاتب في مقاله بموقع «ناشونال إنترست» أن الادعاء الذي كثيراً ما رددته المؤسسة الحاكمة مفاده أن ترامب انعزاليّ ويعتنق عقيدة «أمريكا أولاً» التي استعارها من مناهضي التدخل في فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية.
ولطالما أعرب ترامب عن شكوكه بشأن التورط العسكري الأمريكي المطول في الخارج، وهو موقف تشاركه إياه شخصيات بارزة في السياسة الخارجية مثل برنت سكوكروفت وكولن باول. ولكن، خلال السنوات الأربع التي قضاها في منصبه، سعى ترامب ببساطة إلى تغيير طرق انخراط الولايات المتحدة على الصعيد العالمي، لا سيما مقارنةً بالرئيسين أوباما وبايدن. 
وعلى النقيض من رؤية الحزب الديمقراطي لأمريكا التي كانت تعاني من عيوب عميقة، رأى ترامب أمريكا منهكةً اقتصادياً وعسكرياً، وأدركَ أنها تتخلى عن مصالحها الأساسية لصالح تشابكات ثانوية. وفي ظل قيادته، أعادت أمريكا التركيز على حقبة جديدة من التنافس بين القوى العظمى، وسعت إلى إجراء مفاوضات سلام تاريخية في الشرق الأوسط والبلقان تخدم المصالح القومية الأمريكية، وأقامت شراكات مثل المجموعة الرباعية مع الهند واليابان وأستراليا، وحدّثت تحالفات مهمة مثل حلف الناتو. وعليه، لم تكن سياسات ترامب انعزالية قط، بل كانت ذات حسّ براغماتي يتكئ على قوة أمريكا وقدراتها.

ترامب يفتقر لإستراتيجية
غالباً ما يصوِّر رواد مراكز الأبحاث في واشنطن إدارة ترامب الأولى على أنها تفتقر إلى إستراتيجية شاملة. ومع ذلك، بدأ ترامب في تغيير نهج الحكومة الأمريكية بشكلٍ كبير في التعامل مع القضايا الأساسية في عصرنا.
فضلاً عن ذلك، أدرك ترامب أن التراجع الاقتصادي النسبي الذي شهدته أمريكا خلال سنوات أوباما قد حدَّ من قدرة واشنطن على العمل على الصعيد العالمي. وعلى عكس كثيرين في الطبقة السياسية الأمريكية، كان ترامب مدركاً للعلاقة بين الغايات والوسائل في السياسة الخارجية، وسعى بنجاحٍ إلى تجديد النمو الاقتصادي الأمريكي بوصفه شرطاً أساسيّاً لتنفيذ أي استراتيجية طويلة الأجل.
ترامب مؤيد لبوتين
وأضاف الكاتب: ربما لا توجد خرافة عن سياسة ترامب الخارجية أكثر خبثاً أو زيفاً من إدعاء أن ترامب يميل إلى الرئيس الروسي. كان خطاب ترامب الذي تناول بوتين بياناً لاعتقاده أن موسكو لا تزال ذات أهمية على الساحة العالمية ويجب التعامل معها. ومع ذلك، كان ترامب وإدارته واضحين باستمرار تجاه الأخطار التي يشكلها بوتين ونظامه، ومن ثمَّ وضعَ الإجراءات السياسية التي حافظت على الردع في أوكرانيا وأماكن أخرى.
فقد زوّد ترامب كييف بالذخائر التي ثبتَ أنها لا تقدر بثمن خلال غزو عام 2022، وفرضَ عقوبات على عددٍ لا يحصى من المواطنين الروس بسبب نشاطهم الخبيث، وحاربَ بقوة ضد خط أنابيب ”نوردستريم 2“، وساعد حلفاء مثل بولندا ورومانيا ودول البلطيق في جهود الردع التي بذلوها. وإحجام بوتين عن بدء عدوان علني خلال رئاسة ترامب لهو انعكاس لهذه النجاحات.

لا داعي للخوف 
واختتم الكاتب مقاله بالقول: يُحْتمَل أن يكون ذعر المؤسسة الأمريكية بشأن العودة المحتملة لترامب لم يبلغ ذروته بعد، إذ ما زالت تفصلنا عن انتخابات عام 2024 ستة أشهر،  ومن الأفضل للأمريكيين أن يتجاهلوا ترويج الخوف من السياسة الخارجية العالمية وأن يقيّموا بدلاً من ذلك العالم كما كان تحت قيادة ترامب؛ فقد كان نظاماً دوليّاً يحدده الازدهار الأمريكي، والتركيز الشديد على المصالح الأمريكية الأساسية، والإيمان بالردع القوي باعتباره الضامن الأكيد للسلام. 

 

 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot