«القبة الذهبية».. مشروع دفاعي يفتح باب التسلّح النووي

«القبة الذهبية».. مشروع دفاعي يفتح باب التسلّح النووي


أثارت خطة «القبة الذهبية» الدفاعية التي اقترحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، استياء الدول الثلاث التي يُعدّ تسليحها المتطور التهديد الأكبر للولايات المتحدة: الصين وروسيا وكوريا الشمالية، واعتبرت هذه الدول أن المشروع يفتح الباب أمام سباق تسلح جديد وخطير.
ووفق تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، أعدّه أوستن رامزي وتوماس غروف وتيموثي دبليو. مارتن، فإن ترامب يسعى إلى تفعيل المشروع قبل نهاية ولايته، عبر نشر نظام يجمع بين صواريخ اعتراضية أرضية وأقمار اصطناعية، لمواجهة التهديدات عالية التقنية، بما في ذلك الصواريخ الأسرع من الصوت.
وتعمل كل من موسكو وبكين وبيونغ يانغ حالياً على تطوير صواريخ من هذا النوع، إلى جانب أسلحة جديدة قادرة على تجاوز الدفاعات الأمريكية ومواجهة واشنطن في الفضاء الخارجي، مع تزايد التعاون العسكري بين هذه الدول الثلاث.

القبة الذهبية
وانتقدت كوريا الشمالية بشدة مشروع القبة الذهبية الثلاثاء، واصفة إياه بأنه «أكبر خطة لبناء الأسلحة في التاريخ».
وفي بيان مشترك، وصفت الصين وروسيا المشروع، بأنه «مزعزع للاستقرار بشكل كبير».
كما نددت الدول الثلاث بدعوة ترامب لإنشاء صواريخ اعتراضية فضائية، قائلة إنها تخاطر بتحويل الفضاء إلى ساحة معركة.
ويقول الخبراء إن أحد المخاطر المحتملة للقبة الذهبية، هو أن نظاماً دفاعياً شاملاً يشجع على انتشار الصواريخ، بما في ذلك الأسلحة ذات القدرة النووية.
ويأتي ذلك في الوقت الذي توشك فيه آخر معاهدة نووية رئيسية بين القوتين النوويتين الرائدتين، روسيا والولايات المتحدة، على الانتهاء العام المقبل، مما قد يدفع موسكو إلى تسريع نشر الرؤوس الحربية النووية.
وفي رأي الباحث البارز في معهد الأمم المتحدة لأبحاث نزع السلاح بافيل بودفيغ فإن «سراب الدفاع الصاروخي هذا يعطيك الوهم بأنك قادر على حماية نفسك، ولكنك تدفع كل هذه الدول إلى بناء كل هذه المئات والآلاف من الصواريخ، حتى ينتهي بك الأمر في أسوأ العوالم».

عسكرة الفضاء
وترى الولايات المتحدة، أن التهديدات المتزايدة تجعل من الضروري بناء نظام دفاع صاروخي أكثر شمولاً، وترفض الانتقادات بأن الخطة من شأنها عسكرة الفضاء.
وصرح قائد قوة الفضاء الأمريكية في منطقة المحيطين الهندي والهادي البريغادير أنطوني ماستالير خلال مؤتمر فضائي عقد في أستراليا الثلاثاء: «لاحظنا مؤخراً أن الأقمار الاصطناعية الصينية تجري ما يمكن وصفه بمناورات قتال جوي في الفضاء».
وأضاف: «تمثل هذه العمليات عالية السرعة والقتالية في المدار، دليلاً إضافياً على أن بكين تجهّز بنشاط لتحدي الولايات المتحدة وحلفائنا في الفضاء». وتشكل خطة القبة الذهبية، تحولاً جذرياً في الطريقة التي تسعى بها الولايات المتحدة، إلى مواجهة مثل هذه التهديدات.
وتقول الولايات المتحدة إن دفاعاتها الصاروخية، موجهة لما يُسمى «الدول المارقة»، وفي مقدمها كوريا الشمالية، التي لا تُعتبر قوة نووية موازية للقوة الأمريكية.
وفي الوقت نفسه، تسعى الولايات المتحدة وروسيا والصين، إلى منع أي هجوم نووي من خلال الردع.
وتعترف خطة ترامب ضمناً بأن عصر ضبط الأسلحة قد انتهى، وأن الدمار المؤكد المتبادل لم يعد رادعاً كافياً للحرب النووية.
ومن أبرز التحديات التي تواجه الولايات المتحدة حالياً، تزايد الاعتماد على الصواريخ الأسرع من الصوت، القادرة على الطيران بسرعات تفوق الصوت خمس مرات، والمناورة والتحليق على ارتفاعات منخفضة، ما يجعل رصدها واعتراضها بالغ الصعوبة.
وتُعد الصين رائدة في هذا المجال، إذ أجرت عام 2021 اختباراً لصاروخ من هذا النوع حلق بسرعة تفوق 15 ألف ميل في الساعة حول الكرة الأرضية قبل أن يصيب هدفه داخل الأراضي الصينية.
وبينما لا تزال الولايات المتحدة في مراحل متأخرة نسبياً من هذا السباق، أعلن البنتاغون أخيراً عن تجارب ناجحة لطائرة صاروخية تفوق سرعتها سرعة الصوت ويمكن إعادة استخدامها.
 صواريخ بوتين
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كشف عام 2018 عن صواريخ فرط صوتية جديدة، مرفقاً الإعلان برسم متحرك يُظهر صاروخاً متجهاً نحو الساحل الغربي الأمريكي، وقال إن «أنظمة الدفاع الصاروخي لا قيمة لها أمام هذه الأسلحة».
لكن الباحث في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ديفيد رايت يرى أن هذه الصواريخ، رغم تفوقها، تظل عرضة للاعتراض في مراحلها الأولى، ما يجعل مشروع القبة الذهبية قادراً نظرياً على مواجهتها.
سباق التسلح النووي
تشير تقارير إلى أن الصين تُسرّع وتيرة تطوير ترسانتها النووية، إذ أضافت نحو 350 منصة إطلاق صاروخي وقواعد لمنصات متنقلة في السنوات الأخيرة، وفقاً لبحث أشرف عليه هانز كريستنسن، مدير مشروع المعلومات النووية في «اتحاد العلماء الأمريكيين».
ومع تصاعد التوتر بين القوى الكبرى، يبدو أن العالم يتجه نحو مرحلة جديدة من التنافس العسكري في الفضاء وعلى الأرض، في وقت تتراجع فيه الاتفاقيات الدولية المنظمة للتسلح.