«حياة البالغين الكاذبة» جلسة حوارية في ندوة الثقافة والعلوم
عقدت ندوة الثقافة والعلوم بالتعاون مع صالون المنتدى جلسة نقاشية لرواية “حياة البالغين الكاذية” للروائية ‘لينا فيرانتي، بمشاركة الناشرة رنا إدريس مديرة عام دار الآداب للنشر والمترجم معاوية عبد المجيد وإدارة عائشة سلطان وحضور ود. نادية بوهناد وفتحية النمر ود. أمل صقر وزينة الشامي ونخبة من المهتمين.
وذكرت عائشة سلطان أن حياة البالغين الكاذبة آخر أعمال الروائية الإيطالية إلينا فيرانتي ذات الاسم المستعار، والتي تضاربت الآراء حول هويتها. ومنذ كتابتها روايتها الأولى عام 1992 اتفقت مع الناشر على ألا تكشف عن اسمها الحقيقي رغم كل محاولات الكشف عن غموض شخصيتها ولكنها تصر أن الكتاب مجرد الانتهاء منه لا يحتاج إلى المؤلف في شيء، وتعتبر أن الحفاظ على غموض اسمها واحدة من أهم أسرارها.
وأضافت عائشة أن الرواية تجسد قصة مراهقة تعيش مع والديها اللذان يحاولان تنشئتها بشكل مغاير للبيئة المحيطة بها، وفي لحظة معينة تتغير عوالمها النفسية وتبدأ في البحث عن من يأخذ بيدها ما فتح لها عوالم وحيوات مختلفة.
وأكدت الناشرة رنا ادريس التي تولت نشر غالبية أعمال الكاتبة باللغة العربية، أنها تتعامل مع الوكيل الأدبي للمؤلف وليس معها، رغم أن التعامل مع المؤلفة مهم لأنه يعني القارئ، الذي تختلف ردود فعله على العمل المنشور ويكون هناك احتياج في بعض الأحيان لوجود المؤلف. لتفكيك بعض الالتباس في النص.
وأضافت أنها مع احترام خصوصية الكاتب، لأن أحيانا الاهتمام العام بالشخص يعكر صفاء حياته الاجتماعية، وذكرت أن الناشر الإيطالي محظوظ لأنه يتعامل معها وهو من يحفظ أسرارها والوحيد الذي يعرف هويتها الحقيقية.
وذكرت د. نادية بوهناد أن الرواية تناقش حياة المرهقة والتي تبدأ جسدياً عند الذكور من سن 9 سنوات، وعند الإناث من سن 10 سنوات ولكنها تبدأ نفسياً من سن 13 عاما لدى الجنسين، والتي تتبلور فيها كثير من الأمور لدى المراهقين، والذين تكون درجة تأثيرهم وتأثرهم بالنقض الذي يوجه لهم كبيراً ومبالغا في ردة فعله في بعض الأحيان.
وأضافت أن الملفت للانتباه علاقة المراهقة بالأب والتي يكون فيها التركيز على الأب بشكل كبير وإذا لم تجده تبحث عن علاقات خارجية بديلة تعوده فقد الأب، ولكن في الرواية تعلقت المراهقة بعمتها التي مثلت لها الانطلاق والانفتاح على كل العوالم دون قيود ومصدر للخبرة الحياتية.
وعلق مترجم الرواية معاوية عبدالمجيد أن الترجمة لمؤلف ذو اسم مستعار يمثل تحدي للمترجم، لأن حتى اسم الكاتبة المستعار له دلالة معينة فاسمها قريب من الكاتبة الإيطالية إليسا مورانتي التي كان لها حضور فكري وأدبي في مرحلة الستينيات وكانت زوجة البرت مورافيا، والاسم يضعنا أمام متاهة جديدة وبالإضافة إلى تخفي المؤلف وعدم الربط بين علاقة ما يكتبه بحياته وتصوره للكتابة والحياة. وتخفي الكاتبة يضع المترجم والقارئ أمام كثير من التساؤلات، والتي لا يجد إجابة عنها، وخاصة أن المؤلفة متأثرة بالكتابة النسوية.
وأكد أن العمل المترجم يضع نفسه أمام ذائقة القارئ التي تمثل أول ناقد للعمل، والكاتبة عملت دائماً في هذا خط السرد الاجتماعي وحياة وحكايات مدينة نابولي في أواخر القرن العشرين، الذي من الممكن أن يرمز إلى مجتمعات أخرى. والرواية تركز على موضوع المراهقة وما يواجهه من مشكلات مجتمعية ونفسية.
وأشادت هالة شوقي بالخط السردي والترجمة العربية للرواية، الذي اتسم بالهدوء والتسلسل، خاصة أنها تمس مرحلة المراهقة التي عايشها الجميع، ويلجأ المراهقين كثيرا لسلوكيات مخالفة للبيئة المحيطة رغبة في مزيد من الاهتمام، أو نوع من التمرد وهذا ما طرحته الرواية التي اتسمت في الرمزية في بعض المواقف.
وأكدت أن الرواية تمس الواقع وهناك كثير من الحكايات المطابقة لاحداث الرواية سواء الرسوب الدراسي أو التشتت العاطفي وكثرة الأكاذيب في بعض الأحيان والتي تخالف السلوك العائلي.
وذكرت زينة الشامي أن المترجم وفي للنص وبالتالي تختلف لغته من عمل إلى آخر، وهناك فرق بين ترجمته لأكثر من رواية، وفي هذه الرواية شعرت أن اللغة أقل عمقاً وتكثيفاً وهذا ليس عيب المترجم، ولكنه النص الأصلي للرواية. إلا أن المترجم كان عليه استبدال بعض الكلمات من الترجمة الحرفية للعمل إلى كلمات متداولة عربيا وتحمل نفس المعنى والمضمون.
وتطرقت فتحية النمر إلى أن الرواية اتسمت بكثرة التفاصيل، وتركيز الكاتبة على ثيمة العلاقات الخاصة في حياة الناشئة بشكل مبالغ فيه، وفي بعض الأحيان ينظر إلى هذا الأمر باعتباره دليل فشل الكاتب، وأهم شخصيات الرواية العمة التي كانت تعتبرها المراهقة قدوتها رغم ما فيها من تحديات، رسمت شخصيات الرواية بعناية.
وقالت تيسير إن طبيعة المؤلفة الخجل وعدم الرغبة في الشهرة ورفض وسائل الإعلام، وهي ترى أن الاختفاء أعطاها حيزا من الحرية لتستطيع تفكيك المحظور في حياتها، والكتاب يمثل دراسة سوسيولوجية ونفسية لمرحلة المراهقة. وخاصة أن المراهقة استخدمت الكذب كنوع من الحفاظ على الخصوصية ليس من منطلق الكذب ولكن لإخفاء بعض الخصوصية.
واختتم النقاش بتأكيد أهمية اللغة في العمل المترجم والتي تصل إلى القارئ وأن أمانة المترجم ووفاءه للنص لا يحول دون استخدام مفردات أقرب للمجتمع المترجم إليه.