أربع أوراق قوية بيد بايدن للضغط على إيران

أربع أوراق قوية بيد بايدن للضغط على إيران


حض الكاتب السياسي في صحيفة “نيويورك تايمز” بريت ستيفنز إدارة بايدن المقبلة على إدراك أوراق القوة التي تتمتع بها في مواجهة إيران. قال الرئيس المنتخب إن أفضل طريقة للتعامل مع طهران هي العودة الى الاتفاق النووي بالتوازي مع إطلاق مفاوضات لتوسيع بعض بنوده. من جهته، أعلن النظام الإيراني بعد اغتيال كبير علمائه النوويين محسن فخري زاده أنه ينوي تعزيز إنتاج اليورانيوم المخصب مهدداً بطرد المفتشين الدوليين بحلول فبراير (شباط) المقبل، إن لم ترفع واشنطن العقوبات فوراً. وأسقط النظام أي دعوات لتوسيع بنود الاتفاق الأساسي. هنالك طريق للخروج من هذه المعضلة وفقاً للكاتب: على إدارة بايدن الانتظار وعدم الاستعجال للتفاوض مع الإيرانيين.  طهران يائسة لرفع العقوبات.

في 2016، أي بعد دخول الاتفاق حيز التنفيذ، صدّرت إيران 2.1 مليون برميل نفط يومياً. في 2020، وبعد سنتين على فرض إدارة ترامب عقوباتها على إيران، يصدّر النظام أقل من ربع تلك الكمية. تتراوح نسبة التضخم بين 42 و 99%. وانتشرت تظاهرات واسعة السنة الماضية بعد رفع أسعار الوقود داعية إلى إنهاء النظام. كان رد طهران على الأزمات الاقتصادية والسياسية عبر التهديد بتوسيع المخاطر.

تراهن طهران على أن بإمكانها إثارة أزمة نووية ثم تدفع الإدارة الجديدة للتخلي عن نفوذها الاقتصادي الهائل حتى قبل بدء المفاوضات الأساسية. بعد رفع العقوبات، يدّعي النظام التنازل عن أمور لا يحق له رفضها أساساً مثل إعطاء الأمم المتحدة حق الوصول إلى منشآتها النووية وفقاً لمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية. وفي الوقت نفسه، يريد النظام المساومة على أمور يجب ألا يحصل عليها مثل رفع العقوبات عن خطوطه الجوية التي تدعم وكلاءه. ويوضح ستيفن أن تهديد طهران بالتصعيد ليس سوى خداع. ثمة حدود لإمكاناتها في إثارة أزمة نووية مع الولايات المتحدة من دون المخاطرة بصدام مع عدو أقرب إليها بكثير.

في الأشهر الستة الأخيرة، ضربت تفجيرات منشآت إيران النووية والعسكرية والكهربائية في عدد من المناطق. وتم اغتيال المسؤول الثاني في القيادة الهرمية لتنظيم القاعدة عبدالله أحمد عبدالله في أحد شوارع طهران منذ أربعة أشهر. أما بالنسبة إلى فخري زاده، فهو لم يكن أول عالم إيراني يلقى نهاية عنيفة، وعلى الأرجح لن يكون الأخير، كما توقع ستيفنز. وأضاف أن أحداً لم يعلن مسؤوليته عن هذه الهجمات، لكن لا أحد يشك كثيراً في مصدرها أيضاً.تكشف الهجمات اختراقاً مذهلاً في المجمع الأمني الإيراني. إذا حاولت طهران الإسراع نحو التوصل إلى سلاح نووي، فهي تدرك أنها ستواجه تحدياً حازماً وفعالاً. هنالك حدود للمدى الذي بإمكان طهران استغلاله لإطلاق استفزازاتها قبل أن تصبح هذه الاستفزازات خطيرة على النظام نفسه. باختصار، إن موقع طهران التفاوضي ضعيف وخياراتها للتصعيد محدودة.

حتى هجومها ضد المنشآت النفطية السعودية السنة الماضية لم يفعل الكثير للإضرار بالمملكة العربية السعودية لكنه سرّع التقارب العربي-الإسرائيلي. وإذا كانت الإشاعات المتضاربة حول صحة المرشد الأعلى علي خامنئي صحيحة، فستواجه البلاد انتقالها الأول والحقيقي للسلطة منذ سنة 1989 وهو حدث صاخب آخر لنظام لا يتمتع بالشعبية.

على عكس إيران، ستدخل إدارة بايدن السلطة وبيدها أربع أوراق قوة، على افتراض أنها ستختار الاستفادة منها. أولاً، بإمكانها تصدير مهمة الردع إلى إسرائيل من دون أن تتحمل مسؤولية المخاطر المباشرة. ثانياً، يمكنها استخدام الموارد العسكرية والاقتصادية والاستخبارية والديبلوماسية لجبهة عربية-إسرائيلية تزداد اتحاداً، كنفوذ لها. ثالثاً، لن يكون على إدارة بايدن فرض عقوبات إضافية لعرقلة اقتصاد إيران. عليها فقط تنفيذ تلك الموجودة.

ينتقل الكاتب ليذكر نقطة القوة الرابعة. ثمة دليل متنامٍ على أن إيران كانت منذ فترة طويلة تخرق التزاماتها السابقة عبر إخفاء مئات الأطنان من التجهيزات والمواد النووية التي كان يجب أن تكشف عنها بموجب الاتفاق النووي. لإدارة بايدن والأوروبيين الحق، بل عليهم مسؤولية الإصرار على أن تؤمّن طهران حساباً كاملاً عن تلك المواد كسعر أولي لدخول المفاوضات.

خيارٌ من اثنين
أشار ستيفنز إلى وجود سبيل للوصول إلى اتفاق مستدام وذي صدقية مع إيران، يمكنه حشد الدعمين الإقليمي والحزبي اللذين افتقدهما الاتفاق الأول. إنه اتفاق يجبر النظام على الاختيار بين البرنامج النووي وبين الاقتصاد الفعّال عوضاً عن أن يختار الاثنين معاً. إذا تمتعت إدارة بايدن بالصبر أمام تهديدات إيران، فيمكن أن تُكافَأ بإنجاز ديبلوماسي لن تستطيع إدارة مقبلة محوه بسهولة – على عكس ما حصل مع الاتفاق الأول.