برأي الكاتبة.. هو الدمار الذين عايشوه بين عامي 2015- 2016
أكراد دياربكر لا يخشون كورونا...ما عانيناه من أنقرة أقسى
رغم بعض التقدم في الأيام الأخيرة في التصدي لفيروس كورونا في مدينة ديار بكر، العاصمة غير الرسمية للمنطقة الكردية في تركيا، تبقى تلك الإجراءات غير مناسبة وغير حقيقية، في رأي نورجان بايسال، الناشطة والكاتبة التركية في ديار بكر.
أغلقت المقاهي، والمطاعم، وصالونات الحلاقة في مناطق راقية من ديار بكر، مثل ديكلينت، ولكن لا تزال هناك محال أخرى مفتوحة، مثل متاجر بيع الأثاث، والإلكترونيات، والألعاب. ولا تزال مناطق مكتظة بالسكان مثل باغلار وسور، ووسط المدينة، تشهد ازدحاماً، كما أن أكثر من نصف محلاتها مفتوحة.
وتسأل الكاتبة في مقال بموقع “أهوال”: “لماذا يرفض سكان المدينة اتخاذ تدابير وقائية؟ وهل أخفيت عنهم المعلومات عن الإجراءات الاحترازية؟”.
مشكلة ثقة
وفي محاولتها لفهم طريقة تفكير سكان مدينتها، ترى الكاتبة أن المشكلة تكمن في انعدام الثقة، إذ افتقد الأكراد، منذ وقت طويل، لقادة ومؤسسات يعيدون إليهم الطمأنينة في أوقات الأزمة.
وتعهد حزب العدالة والتنمية الحاكم مراراً بتوفير السلام، وإصلاح الاقتصاد، والاعتراف بالهوية الكردية، واحترام الديمقراطية.
ولكن وزراء وسياسيي حزب العدالة والتنمية، أخلّوا دوماً بتعهداتهم، ولذلك لم يعد للأكراد ما يدعوهم لتصديق تصريحاتهم.
وتشير كاتبة المقال إلى فوضى تعم مؤسسات المدينة، إذ لا يوجد محافظ في دياربكر يتحدث باسم سكانها خلال أزمة حياة أو موت مثل التي تحصل اليوم. وسبب ذلك أن محافظ المدينة، سلجوق ميزراكلي، وهو أيضاً من أمهر أطبائها، معتقل منذ مدة.
فقدان الكفاءة
ونتيجة ضغوط استمرت لسنوات طويلة، فقدت مؤسسات أخرى كفاءتها، خاصةً في العامين الأخيرين. وضعفت علاقة تلك المؤسسات مع الناس، وأغلق معظمها. ونتيجة لذلك، يسود شعور بين سكان ديار بكر بأن الدولة تخلت عنهم.
وتلفت الكاتبة إلى مسألة القيادة والحوار، إذ لا يوجد اليوم أي زعيم يمكن أن يخاطب الشعب الكردي أثناء الأزمة. ويشار إلى أن أقوى زعيم للأكراد، صلاح الدين دميرطاش، المشارك في رئاسة حزب الشعوب الديمقراطي، مسجون أيضاً. ورغم أنه يبعث من حين لآخر برسائل من السجن، كان من الممكن أن تكون تلك الرسائل أكثر تأثيراً لو قدمها بنفسه.
أما انعدام الحوار فهو مشكلة خطيرة. وتقول الكاتبة إن الوصي الذي عينته الحكومة المركزية في مكان محافظ ديار بكر، لم يجر أي حوار مع سكانها. كما لا يتوقع سكان المدينة أن يثمر أي حوار معه أصلاً عن شيء مفيد.
ولكن لو كان للمدينة زعيم منتخب وموثوق ومحترم ومحبوب من سكانها، ربما استمعوا له وأبدوا استعداداً لاتخاذ الإجراءات الاحترازية الضرورية ضد فيروس كورونا.
غياب الثقة
وعوض ذلك، تشير الكاتبة إلى أن الأكراد في تركيا لا يثقون حتى في بلدياتهم. وهم يتجنبون المقار الحكومية إلا للضرورة القصوى، خاصةً أن حواجز للشرطة تفصلهم عن تلك المقار.
ووفق الكاتبة، هناك مشكلة أخرى تتمثل في أوامر قضت بإغلاق معظم الجمعيات غير النفعية في المدينة، في السنوات الأربع الماضية. ولذلك لم تعد هناك وسائل لنقل رسائل العامة، ولا مؤسسات تعمل مثل الوسائط. واختفت عملياً جميع منظمات المرأة، والطفل، والشباب ومكافحة الفقر.
وتشير الكاتبة إلى أن المجتمع الكردي منظم ومتكاتف، ولكن الحكومة التركية عملت في السنوات الماضية، على تقويض الوحدة المؤسساتية عبر أوامر تنفيذية. ونجحت في ذلك إلى حد ما.
لا مبالاة
وثمة سبب آخر لعدم المبالاة بفيروس كورونا، في رأي الكاتبة، وهو الدمار الذين عايشه الأكراد بين 2015 و2016.
وتبدو هذه الحالة الفكرية ظاهرة لدى سكان ديار بكر، من الأطفال إلى كبار السن. فبعد ما شهدوه من سقوط لضحايا في الشوارع، وانهيار مبان في قصف استمر أشهراً، يصعب اليوم دفعهم لاتخاذ إجراءات احتياطية ضد فيروس كورونا.
وتقول الكاتبة إنها تقبع في بيتها مع أطفالها منذ أكثر من أسبوع، وأنها افتقدت بعض المواد الغذائية الضرورية، مثل الجبنة المجدولة، وهي وجبة شهية أساسية عند لدسكان ديار بكر.
وعندما قصدت محلاً قريباً من منزلها وجدته مزدحماً، كأن لا أثر لفيروس كورونا هناك.
وحاولت الوقوف بعيداً عن المتسوقين، وطلبت من الشاب العامل في المحل أن يعطيها بعض الجبنة، وقالت له: “أتمنى أن تضع قفازاً وكمامة”، عندها تبادل المشترون النظرات في المحل المزدحم. وقال لها رجل مسن: “انسي يا ابنتي فيروس كورونا. فبعد كل ما شهدناه، ما هو كورونا؟”. وتقول إنها ضحكت طويلاً.
أغلقت المقاهي، والمطاعم، وصالونات الحلاقة في مناطق راقية من ديار بكر، مثل ديكلينت، ولكن لا تزال هناك محال أخرى مفتوحة، مثل متاجر بيع الأثاث، والإلكترونيات، والألعاب. ولا تزال مناطق مكتظة بالسكان مثل باغلار وسور، ووسط المدينة، تشهد ازدحاماً، كما أن أكثر من نصف محلاتها مفتوحة.
وتسأل الكاتبة في مقال بموقع “أهوال”: “لماذا يرفض سكان المدينة اتخاذ تدابير وقائية؟ وهل أخفيت عنهم المعلومات عن الإجراءات الاحترازية؟”.
مشكلة ثقة
وفي محاولتها لفهم طريقة تفكير سكان مدينتها، ترى الكاتبة أن المشكلة تكمن في انعدام الثقة، إذ افتقد الأكراد، منذ وقت طويل، لقادة ومؤسسات يعيدون إليهم الطمأنينة في أوقات الأزمة.
وتعهد حزب العدالة والتنمية الحاكم مراراً بتوفير السلام، وإصلاح الاقتصاد، والاعتراف بالهوية الكردية، واحترام الديمقراطية.
ولكن وزراء وسياسيي حزب العدالة والتنمية، أخلّوا دوماً بتعهداتهم، ولذلك لم يعد للأكراد ما يدعوهم لتصديق تصريحاتهم.
وتشير كاتبة المقال إلى فوضى تعم مؤسسات المدينة، إذ لا يوجد محافظ في دياربكر يتحدث باسم سكانها خلال أزمة حياة أو موت مثل التي تحصل اليوم. وسبب ذلك أن محافظ المدينة، سلجوق ميزراكلي، وهو أيضاً من أمهر أطبائها، معتقل منذ مدة.
فقدان الكفاءة
ونتيجة ضغوط استمرت لسنوات طويلة، فقدت مؤسسات أخرى كفاءتها، خاصةً في العامين الأخيرين. وضعفت علاقة تلك المؤسسات مع الناس، وأغلق معظمها. ونتيجة لذلك، يسود شعور بين سكان ديار بكر بأن الدولة تخلت عنهم.
وتلفت الكاتبة إلى مسألة القيادة والحوار، إذ لا يوجد اليوم أي زعيم يمكن أن يخاطب الشعب الكردي أثناء الأزمة. ويشار إلى أن أقوى زعيم للأكراد، صلاح الدين دميرطاش، المشارك في رئاسة حزب الشعوب الديمقراطي، مسجون أيضاً. ورغم أنه يبعث من حين لآخر برسائل من السجن، كان من الممكن أن تكون تلك الرسائل أكثر تأثيراً لو قدمها بنفسه.
أما انعدام الحوار فهو مشكلة خطيرة. وتقول الكاتبة إن الوصي الذي عينته الحكومة المركزية في مكان محافظ ديار بكر، لم يجر أي حوار مع سكانها. كما لا يتوقع سكان المدينة أن يثمر أي حوار معه أصلاً عن شيء مفيد.
ولكن لو كان للمدينة زعيم منتخب وموثوق ومحترم ومحبوب من سكانها، ربما استمعوا له وأبدوا استعداداً لاتخاذ الإجراءات الاحترازية الضرورية ضد فيروس كورونا.
غياب الثقة
وعوض ذلك، تشير الكاتبة إلى أن الأكراد في تركيا لا يثقون حتى في بلدياتهم. وهم يتجنبون المقار الحكومية إلا للضرورة القصوى، خاصةً أن حواجز للشرطة تفصلهم عن تلك المقار.
ووفق الكاتبة، هناك مشكلة أخرى تتمثل في أوامر قضت بإغلاق معظم الجمعيات غير النفعية في المدينة، في السنوات الأربع الماضية. ولذلك لم تعد هناك وسائل لنقل رسائل العامة، ولا مؤسسات تعمل مثل الوسائط. واختفت عملياً جميع منظمات المرأة، والطفل، والشباب ومكافحة الفقر.
وتشير الكاتبة إلى أن المجتمع الكردي منظم ومتكاتف، ولكن الحكومة التركية عملت في السنوات الماضية، على تقويض الوحدة المؤسساتية عبر أوامر تنفيذية. ونجحت في ذلك إلى حد ما.
لا مبالاة
وثمة سبب آخر لعدم المبالاة بفيروس كورونا، في رأي الكاتبة، وهو الدمار الذين عايشه الأكراد بين 2015 و2016.
وتبدو هذه الحالة الفكرية ظاهرة لدى سكان ديار بكر، من الأطفال إلى كبار السن. فبعد ما شهدوه من سقوط لضحايا في الشوارع، وانهيار مبان في قصف استمر أشهراً، يصعب اليوم دفعهم لاتخاذ إجراءات احتياطية ضد فيروس كورونا.
وتقول الكاتبة إنها تقبع في بيتها مع أطفالها منذ أكثر من أسبوع، وأنها افتقدت بعض المواد الغذائية الضرورية، مثل الجبنة المجدولة، وهي وجبة شهية أساسية عند لدسكان ديار بكر.
وعندما قصدت محلاً قريباً من منزلها وجدته مزدحماً، كأن لا أثر لفيروس كورونا هناك.
وحاولت الوقوف بعيداً عن المتسوقين، وطلبت من الشاب العامل في المحل أن يعطيها بعض الجبنة، وقالت له: “أتمنى أن تضع قفازاً وكمامة”، عندها تبادل المشترون النظرات في المحل المزدحم. وقال لها رجل مسن: “انسي يا ابنتي فيروس كورونا. فبعد كل ما شهدناه، ما هو كورونا؟”. وتقول إنها ضحكت طويلاً.