أمريكا.. الخاسر الأول من المناظرة

أمريكا.. الخاسر الأول من المناظرة


رأى الكاتب السياسي روبرت ميري أن علامات الخرف ظهرت بلا شك على الرئيس جو بايدن في بعض محطات المناظرة الرئاسية. لكن هذا لا يعني أنه تخلى عن إلحاق الهزيمة بالرئيس السابق دونالد ترامب في نوفمبر-تشرين الثاني المقبل.
أضاع ترامب فرصة ممتازة لتسليط الضوء على معارضته المعلنة لحروب أمريكا الدائمة والتدخل الدولي الخاطئ. في موقع «ناشونال إنترست»، وافق ميري السيناتور الديمقراطية السابقة كلير مكاسكيل على قولها إنه كان لبايدن «شيء واحد. ليحققه وهو إعادة طمأنة أمريكا على أنه في مستوى الوظيفة في مثل عمره، لكنه فشل». لكن كان لدى ترامب ما يتعين عليه إنجازه أيضاً، وهو إثبات قدرته على توسيع قاعدة دعمه بجذب الناخبين المستقلين والمتأرجحين إليه.  لا يوجد دليل على أنه فعل ذلك مع أداء كان متواضعاً في أحسن الأحوال. رأى كاتب العمود في صحيفة «نيويورك تايمز» كارلوس لوزادا أن ترامب فاز بالمناظرة «بشكل تلقائي». ربما فعل. لكن إذا لم يتمكن القادة الديمقراطيون من إقناع بايدن بالخروج من السباق، ومع احتمال ضئيل لينجحوا، فستكون هناك عودة إلى المربع الأول، حيث يتنافس مرشحان مليئان بالعيوب الشديدة ليكونا، في النهاية، الأقل عيباً. عند تلك النقطة، وفي غياب تطور غير متوقع، يمكن لأي من الرجلين أن يفوز. بالتالي، ربما لم تكن المناظرة هي الحدث الحاسم الذي يمثل نقطة التحول كما تصوره العديد من السياسيين والنقاد على جانبي الانقسام السياسي. في الواقع، بمجرد أن يتوفر لدى العدد الكبير من الناخبين الوقت الكافي لفحص تصوراتهم، قد لا يتبين أن أداء بايدن كارثي إلى الحد الذي أشارت إليه المراجعات المبكرة.
يمكن القول، ودون التقليل من زلاته وعثراته، إن بايدن حافظ على موقعه في المنافسة الضيقة المتمثلة في تسجيل نقاط ضمن المناظرة. يقترح الكاتب على المشككين قراءة نص المناظرة بعيداً عن عناصر الصورة أو الأسلوب.
من ناحية أخرى، لا يزال ترامب يعاني سياسياً من نقطة ضعف أساسية، عجزه عن التواصل مع الأمريكيين الذين لا يضعون قبعات ماغا. بافتقاره إلى هذه القدرة، يبدو أنه غير متمكن من البناء على قاعدة دعمه غير القابلة للتضاؤل. لقد لازمته هذه القاعدة خلال فترة ولايته في البيت الأبيض، كما يتجلى في سجل الموافقة على أدائه.
لم يتذبذب معدل تأييده إلا في نطاق ضيق من التقدير السياسي المتواضع لكن الصلب، بين 39 و43%. على النقيض من ذلك، تقلب تأييد أداء أغلب الرؤساء على نطاق أوسع بكثير، بالاعتماد على كيفية سير الأمور في البلاد.
كتب المحلل السياسي ومحلل أرقام بيانات الاستطلاع نيت سيلفر أن الرئيس الذي يسعى إلى ولاية ثانية قد لا ينجح على الأرجح ما لم يحصل على نسبة موافقة لا تقل عن 49% في زمن الانتخابات. وهكذا، يمكن رؤية أن عجز ترامب عن البناء على قاعدته السياسية كان قاتلاً لمحاولة إعادة انتخابه في 2020، وأنه لا يزال يفسدها.
حسب الكاتب، ثمة نقطتا ضعف في الأسلوب والفكر تفسران هذه الظاهرة. الأولى هي عجز ترامب عن التحدث بمصطلحات الشمول والتماسك الوطن، فيكاد خطابه يخلو من أي مناشدة للجالسين على الحياد أو مجرد مهتمين بالنظر أو الانضمام. ولهذا السبب هو يحب تجمعات واضعي قبعات ماغا حيث يكون الجميع على أعلى مستوى من الترامبية.
نقطة الضعف الأخرى هي أنه يفتقر إلى المفردات وطريقة التفكير اللازمة لبناء سرديات مدنية وسيلة لجذب خيال الناخبين بما يتجاوز الملتزمين أساساً. يمكن تأمل على سبيل المثال إجابة ترامب على سؤال وجهته دانا باش عن احتمال قبول شروط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للدخول في المفاوضات على الوضع في أوكرانيا.
بعد استطراد، أضاع ترامب فرصة ممتازة لتسليط الضوء على معارضته المعلنة لحروب أمريكا الدائمة والتدخل الدولي الخاطئ. وقال: «لو كان لدينا رئيس حقيقي، رئيس يحترمه بوتين، لما غزا أوكرانيا أبداً». لكن ما الذي كان يقصده؟ ماذا سيفعل أو يقول في الواقع لثني بوتين عن معالجة ما يعتبره تهديداً وجودياً لروسيا؟ لا فكرة. ثم أضاف ترامب أن كارثة مغادرة أمريكا أفغانستان في عهد بايدن شجعت بوتين على غزو أوكرانيا. وأضاف «عندما رأى بوتين ذلك، قال، هل تعرفون ماذا؟ أعتقد أننا سندخل كان هذا حلمه. تحدثت معه عن ذلك، عن حلمه». لو كان يعرف حلم بوتين، لكان من الجميل أن يشاركه مع مواطنيه.
هذه أمور غير متماسكة في وقت يشير في استطلاع هاريس إلى أن 70% من الأمريكيين يريدون التوصل إلى سلام عبر التفاوض حتى لو كان على الغرب التوصل إلى تسوية مع روسيا حول أراض أوكرانية، بينما يعتقد 41% من الأمريكيين حسب غالوب أن المساعدة الأمريكية الحالية للمجهود الحربي الأوكراني هي «أكثر من اللازم».
حسب الكاتب، كان بإمكانه أن ينتقد بايدن لتخريبه محادثات السلام المثمرة التي بدأت بعد أربعة أيام فقط من انطلاق الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير (شباط) 2022، وقبل القضاء على مئات الآلاف. وكان بإمكانه أن يتساءل لماذا شعر حلف شمال الأطلسي الذي كان منتقداً مستمراً له بالحاجة إلى التقدم شرقاً حتى الحدود الروسية، والانحياز إلى أحد طرفي الحرب الأهلية الأوكرانية، ثم عسكرة أوكرانيا إلى درجة تراها روسيا تهديداً وجودياً.
لكنه تراجع إلى شكواه البالية من دول لناتو الأخرى التي لا تلبي متطلبات الإنفاق الدفاعي على النحو الذي حدده الحلف. وبالتالي فوت الفرصة ليطرح على المناظرة الوطنية والنقاش الأوروبي قضية على أعلى مستوى من الأهمية والإلحاح والتي يبدو أنها تتفق مع فلسفته المعلنة في السياسة الخارجية.
من المحزن أن تظهر على جو بايدن علامات الخرف، كما تبين في المناظرة، ولا يجب أن يحصل على ترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة. لكنه على الأرجح سيحصل عليه. وقد يكون دونالد ترامب هو الفائز «التلقائي» في المناظرة، لكن إذا كان الأمر كذلك فهو ليس الفوز الذي يولد الثقة في المستقبل.
وختم ميري: «بالفعل، إذا كنا سنحدد الفائزين والخاسرين من هذا التبادل المحرج، فسيكون الخاسر الأكبر الولايات المتحدة الأمريكية، ومواطنوها الناخبون».

 

 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot