رغم معارضة دول أوروبية عدّة
أورسولا فون دير لايين تأمل في إبرام اتفاق مع ميركوسور
تأمل رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين في إحراز تقدّم باتجاه التوصل إلى اتفاق يثير جدلا بشأن التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي ومجموعة ميركوسور في مونتيدفيديو الجمعة، خلال القمة الـ65 للتكتل الذي يجمع دولا من أميركا اللاتينية، على الرغم من معارضة فرنسا وبولندا وإيطاليا. ووسط تشجيع من قبل البرازيل في أميركا الجنوبية، ومن ألمانيا وإسبانيا من الناحية الأوروبية، يأمل التكتلان في انجاز المناقشات بشأن هذا الاتفاق، قبل وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير، مع الأخذ في الاعتبار تهديداته بزيادة الرسوم الجمركية.
وفي برلين، قالت المتحدثة باسم الحكومة كريستيان هوفمان خلال مؤتمر صحافي دوري الجمعة "أشار المستشار في عدّة مناسبات إلى أنّ هناك فرصة فريدة للتوصّل إلى اتفاق، ويجب ألا نفوتها".
من جانبه، قال وزير خارجية أوروغواي عمر باغانيني بعد اجتماعه مع المفوّض الأوروبي للشؤون التجارية ماروس سيفكوفيتش الخميس، "توصّلنا إلى نص مشترك للاتفاق" لا تنقصه سوى "تفاصيل صغيرة". وأعرب عن أمله في أن يتم الإعلان عن "الأنباء السارة" بشأن الاتفاق في نهاية اجتماع رؤساء الدول الجمعة. وكانت فون دير لايين كتبت في منشور على منصة إكس قبل وصولها إلى أوروغواي الخميس، "أصبح خط النهاية لـ(التوصّل إلى) اتفاقية بين الاتحاد الأوروبي وميركوسور في الأفق. دعونا نعمل معا، دعونا نعبره".
وتعقد فون دير لايين مؤتمرا صحافيا مشتركا مع رؤساء البرازيل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، والأرجنتين خافيير ميلي، والأوروغواي لويس بو والباراغواي سانتياغو بينا.
ولكن مصدرا دبلوماسيا في باريس قال لوكالة فرانس برس "في هذه المرحلة، يتعلّق الأمر بوضع اللمسات الأخيرة على النقاشات التي تجري على مستوى المفاوضين"، مضيفا أنّ "الأمر لا يتعلّق بالتوقيع أو بإبرام اتفاق... لذلك هذه ليست نهاية القصة". ويهدف مشروع المعاهدة التي تناقش منذ العام 1999، إلى إلغاء غالبية الرسوم الجمركية بين الاتحاد الأوروبي وميركوسور من أجل إقامة سوق واسعة تضم أكثر من 700 مليون مستهلك. وقالت فون دير لايين إنّها ستكون "أكبر شراكة تجارية واستثمارية على الإطلاق. ستستفيد منها المنطقتان". وبموجب المعاهدات الأوروبية، تُعتبر المفوضية المفاوض الوحيد في الاتفاقات التجارية نيابة عن الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ولكن أيّ نص يتم التوصل إليه مع دول ميركوسور يجب المصادقة عبر مواقفة 15 دولة عضوا على الأقل أي ما يمثّل 65 في المئة من سكان الاتحاد الأوروبي، ثمّ عبر الحصول على موافقة غالبية أعضاء البرلمان الأوروبي. ويمكن لأقلية مُعترضة أن تعطل المصادقة على الاتفاق أيضا. وتقود فرنسا المعركة في هذا الإطار، إذ أفاد الإليزيه بأنّ الرئيس إيمانويل ماكرون جدد التأكيد في اتصال هاتفي مع فون دير لايين صباح الخميس، على أنّ مسودة الاتفاقية التجارية "غير مقبولة بصيغتها الحالية". وأضافت الرئاسة الفرنسية عبر منصة إكس، أنّ ماكرون قال "سنواصل الدفاع بلا كلل عن سيادتنا الزراعية".
وانضمّت إيطاليا إلى جبهة المعارضين مؤخرا، بعدما أكد رئيس الحكومة البولندي دونالد توسك في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر أنّه لن يقبل بمشروع الاتفاق "وفق هذه الصيغة". وقالت مصادر حكومية إيطالية إنّ "الشروط غير متوافرة لتوقيع النص الحالي"، مضيفة أنّ روما تدعو إلى تعديل النص لتأمين قدر أكبر من الحماية لقطاع الزراعة الأوروبي.
ولا تقتصر المعارضة على هذه الدول الثلاث، فقد أعربت النمسا وهولندا عن تردّدهما بشأن الاتفاق. ولمنع تبنّي الاتفاق، تحتاج فرنسا إلى ثلاث دول أخرى تمثّل أكثر من 35 في المئة من سكان الاتحاد الأوروبي، وهي العتبة التي يمكن تجاوزها بسهولة بدعم من روما ووارسو.
في أوروبا، يؤكد مؤيدو الاتفاق الحاجة إلى منافذ للمصدّرين وضرورة عدم ترك المجال مفتوحا أمام الصين، المنافس الذي أصبحت العلاقات التجارية معه متوترة إلى حدّ كبير.
وسيسمح الاتفاق للاتحاد الأوروبي الذي يعدّ الشريك التجاري الأول لميركوسور، بتصدير سياراته ومعداته ومستحضراته الصيدلانية بسهولة أكبر. ومن ناحية أخرى، سيسمح لدول أميركا الجنوبية المعنية، ببيع اللحوم والسكر والأرز والعسل وفول الصويا إلى أوروبا، وما إلى ذلك.
غير أنّ الكثير من المنظات غير الحكومية والناشطين اليساريين يعتبرون أنّ إنشاء منطقة التجارة، من شأنه أن يؤدي إلى تسريع عملية إزالة الغابات في منطقة الأمازون وتفاقم أزمة المناخ من خلال زيادة انبعاثات غازات الدفيئة. وتندد منظمة غرينبيس بالنص "الكارثي" على البيئة التي تمّت التضحية فيها لصالح "أرباح الشركات".
وفي فرنسا، يكثّف المزارعون تظاهراتهم، انطلاقا من خشيتهم من منافسة غير عادلة من منتجات أميركا الجنوبية، خصوصا من البرازيل.