عناصر تلك الاستراتيجية الصحية سقطت بين 2017 و 2019
أين أخطأت واشنطن في الاستفادة من دروس إيبولا؟
كان تفشي مرض إيبولا بين 2013 و2015 بمثابة اختبار واقعي لقدرة واشنطن على كشف واحتواء أمراض معدية تهدد الأمن العالمي. ويومها، أدرك الخبراء أن انتشار ذلك الفيروس أوشك على التسبب في كارثة عالمية. ولذلك أجرى مجلس الأمن القومي دراسة حول إنجازات وإخفاقات الاستجابات الدولية والمحلية.
وحسب كريستوفر كيرشوف، العضو في فريق العمل حول فيروس إيبولا في البيت الأبيض في 2015، شاركت وزارات وهيئات أمريكية، في بداية فبراير( شباط) 2015 في “دروس مستفادة” رأسها البيت الأبيض، وخلصت إلى تقرير من 73 صفحة، وضع 21 نتيجة وتوصية.
سيناريو عصيب
ووفق ما عرضه كيرشوف، ضمن موقع “فورين أفيرز”، اتضح أن نظام الاستجابة للفيروسات في الولايات المتحدة والعالم قد ينهار إذا واجه سيناريو أشد سوءاً. وكان السيناريو الأسوأ يتعلق بسؤال متى يحصل الأسوأ، وهل يحصل؟.
وخلص تقرير مجلس الأمن القومي إلى أن “أوبئة مستقبلية قد تكون أشد خطورة قبل ظهور الأعراض، خاصةً المعدية منها والمنقولة جواً”. وأوصى “بوضع معيار تخطيط حسب الحد الأدنى المناسب، لأن وباءً آخر قد يكون هائلاً من حيث الحجم والانتشار على نطاق محلي».
ورغم أن تكاليف الوباء الحالي لن تعرف قبل فترة، إلا أن ما تحقق وما أهمل في السنوات الأربع بين نهاية أزمة إيبولا وأول ظهور لكورونا الجديد، بات معروفاً اليوم في المجال العام، وأصبح واضحاً تماماً أين ومتى أخفقت الولايات المتحدة في الاستعداد بشكل أفضل.
إيبولا قتل 11 ألف شخص
واستأثر فيروس إيبولا بعناوين الأخبار في الولايات المتحدة في صيف وخريف 2014، عندما انتشر بسرعة في غرب أفريقيا.
وفي نهاية المطاف، قضى إيبولا على أكثر من 11 ألف شخص حول العالم، وشخصين في الولايات المتحدة. ولكن معظم الذين شاركوا في محاربة الفيروس رأوا أنه كان يمكن أن يكون أشد سوءاً بأضعاف مضاعفة. وحسب الكاتب، رغم أن العدوى بإيبولا أو انتقاله أضعف بكثير من فيروس كورونا الجديد، وأسهل تشخيصاً، إلا أن إيبولا كان معلماً في حد ذاته. وعند تضاعف أعداد المصابين كل ثلاثة أسابيع خلال ذروة تفشيه، تأكد أن عقاباً شديداً سيلحق بالذين لا يتحركون لاحتوائه.
وكان لا بد من احتواء إيبولا في وقت مبكر، حتى لا يتحول سريعاً إلى تهديد لأمن الشعب الأمريكي والاقتصاد العالمي. وبالفعل أصدر الرئيس السابق باراك أوباما أمراً بنشر 2800 جندي أمريكي لدعم عشرات الآلاف من الأطقم الصحية في غينيا، وليبيريا، وسييراليون، وبنوا عشرات الآلاف من الأسرة في وحدات لعلاج إيبولا لعزل ورعاية المصابين، ودعموا فرق تعقب الوباء للحد من انتقاله، وقادوا حملات تثقيفية حول كيفية انتشار إيبولا.
وهكذا توقفت، في نهاية 2015، آخر سلاسل انتقال العدوى، بعد عام تقريباً على نشر الجيش الأمريكي.
ما بعد إيبولا
وحتى قبل انتهاء وباء إيبولا، بدأت الحكومة الأمريكية في تطبيق استراتيجية من ثلاثة محاور لاحتواء تفشي وباء أكثر خطورة.
وركزت أول تلك الخطوات على أجندة الأمن الصحي العالمي، وهي مبادرة لتوسيع القدرات حول العالم لكشف الأمراض المعدية، ومنع انتشارها. وكانت ثاني تلك الخطوات بناء شبكة من المستشفيات، ومراكز الاختبار في الولايات المتحدة لمعالجة إيبولا، وتزويد الطواقم الطبية بالمزيد من معدات الحماية الشخصية، والمواد اللازمة لمكافحة مسببات الأمراض الفتاكة.
وأما ثالث تلك الخطوات فكانت بتعيين منسق للاستجابة للطوارئ الصحية، وإنشاء مديرية جديدة للأمن الصحي الدولي، والدفاع البيولوجي داخل مجلس الأمن القومي.
إلى ذلك، يشير كاتب المقال إلى أن عناصر تلك الاستراتيجية الصحية سقطت بين 2017 و2019، كما تتوقف عجلات حافلة عن الحركة.
ويعزى ذلك إلى الحد من تمويل مراكز التحكم في الأمراض، فضلاً عن إغلاق مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون، المديرية الجديدة للأمن الصحي الدولي والدفاع البيولوجي.
وهكذا ترك مدير تلك المديرية منصبه قبل يوم واحد من إعلان منظمة الصحة العالمية تفشياً جديداً لإيبولا في الكونغو الديمقراطية قضى حتى اليوم على أكثر من 5 آلاف شخص.