المفاوضات الأوكرانية الروسية:

أيّ مصير للأراضي التي احتلها الروس...؟

أيّ مصير للأراضي التي احتلها الروس...؟

 •  مسألة المكاسب الإقليمية الروسية منذ 24 فبراير ستكون نقطة توتر مهمة في المفاوضات الجارية
• يمكن أن يؤدي تقسيم أوكرانيا إلى إنشاء منطقة موالية لروسيا في شرق وجنوب البلاد


   لئن رحب المفاوضون الروس والأوكرانيون بإحراز تقدم في محادثاتهم يوم الثلاثاء، فإن نهاية الصراع لا تزال بعيدة المنال. إن مسألة المكاسب الإقليمية الروسية، على وجه الخصوص، تعد بأن تكون حساسة.
   انها نقطة مضيئة أولى في المحادثات الروسية الأوكرانية، لكن لم تنتهي الحرب بعد. في ختام موجة جديدة من المناقشات، الثلاثاء، رحب مفاوضو البلدين بالتقدم "الجوهري". حتى أن دبلوماسيين أشاروا إلى اجتماع محتمل بين فولوديمير زيلينسكي وفلاديمير بوتين لإيجاد مخرج للصراع. وفي وقت سابق، أشار نائب وزير الدفاع الروسي، إلى أن موسكو "ستقلص بشكل جذري نشاطها العسكري في اتجاه كييف وتشرنيغوف"، شمال البلاد، من أجل "زيادة الثقة" حول "اتفاق محتمل" بشأن الحياد والوضع غير النووي لأوكرانيا"، وهما مطلبان رئيسيان لموسكو.   

ومع ذلك، لا يزال التوصّل الى مخرج للأزمة بعيد المنال في هذه المرحلة. ان "تقليص الوجود العسكري الروسي في شمال أوكرانيا -حتى لو لم يتم تأكيده -سيكون خطوة إلى الأمام. لكن في الوقت الحالي، يستمر القتال في شرق وجنوب البلاد"، تشير كارول غريمو بوتر، مؤسسة مركز أبحاث روسيا وأوروبا الشرقية ومقره جنيف. وبالمثل، تجعل كييف دائمًا الانسحاب الكامل للقوات الروسية من أراضيها شرطًا أساسيًا لتوقيع أي اتفاق. ويثير هذا تساؤلاً حول مستقبل المكاسب الإقليمية التي احتلتها موسكو منذ بداية الصراع.

مسألة المكاسب الإقليمية الروسية
"بغض النظر عن مساحة الأراضي التي ستكون تحت سيطرة روسيا في النهاية، يمكن أن نفترض أنها لن ترغب في إعادتها إلى أوكرانيا. وبنفس الطريقة، يمكن أن نفترض أن أوكرانيا لن ترغب في الاعتراف بالسيادة الروسية عليها، ترى ماري دومولين، دبلوماسية سابقة ومديرة برنامج أوروبا الأوسع في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، وبالتالي فإن مسألة المكاسب الإقليمية الروسية منذ 24 فبراير ستكون نقطة توتر مهمة في المفاوضات الجارية.

   من جهتهما، لم تخف واشنطن ولندن شكوكهما فيما يتعلق بإحراز تقدم في المحادثات بين موسكو وكييف. وقال أنتوني بلينكين وزير الخارجية الأمريكي، في بيان "لم أر أي شيء يشير إلى وجود حركة حقيقية لأننا لم نشهد أي مؤشرات على جدية حقيقية من روسيا". "هناك ما تقوله روسيا وما تفعله روسيا، ونحن نركز على ما تفعله"، مضيفًا أن الأوكرانيين يتفاوضون "ومسدس موجه إلى رؤوسهم".     وقال رئيس المخابرات العسكرية الأوكرانية، الجنرال كيريلو بودانوف يوم الأحد الماضي إن موسكو ستدرس "سيناريو كوريًا لأوكرانيا"، يهدف إلى "فرض خط فاصل بين المناطق غير المحتلة والمناطق المحتلة".

    يذكر أنه بعد ثلاث سنوات من الحرب بين الكوريتين 1950 و1953، وضع توقيع الهدنة حداً للأعمال العدائية وكرّس تقسيم شبه الجزيرة إلى دولتين منفصلتين. وقد أدى إنشاء منطقة منزوعة السلاح في ذلك الوقت بطول 248 كيلومترًا وعرض أربعة كيلومترات، بعد خط الجبهة القديم عند مستوى خط المواجهة 38 شمالًا، إلى رسم الحدود بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية.

التمركز الروسي في شرق أوكرانيا
   و"يمكن أن يؤدي تقسيم أوكرانيا إلى إنشاء منطقة موالية لروسيا، لم يتم تحديد وضعها بعد، في شرق وجنوب البلاد، مما سيسمح لموسكو على وجه الخصوص، بأن يكون لها ممر بري بين دونباس وشبه جزيرة القرم. في غرب البلاد، يمكن في المقابل تخيّل منطقة محايدة ومنزوعة السلاح جزئيًا، والتي من شأنها أن تبقي كييف كعاصمة لها وتكون تحت سيطرة حكومة زيلينسكي، ترسم كارول جريمود بوتر. ويمكننا أن نتخيل أن روسيا ستستمر في ممارسة الضغط العسكري على أوكرانيا للتنازل عن المزيد من الأراضي ".

   وكانت موسكو قد أعلنت الجمعة تقليص طموحاتها في الشمال "لتركيز الجزء الأكبر من الجهود على الهدف الرئيسي: تحرير دونباس". في هذه المنطقة، تقاتل جمهوريتان انفصاليتان مواليتان لروسيا -معترف بهما من قبل موسكو -القوات الأوكرانية منذ عام 2014. "سيحاول المحتلون توحيد الأراضي المحتلة في كيان شبه دولة واحد، يعارض أوكرانيا المستقلة. ورُصدت محاولات إنشاء سلطات موازية في الأراضي المحتلة تجبر الناس على التخلي عن العملة الأوكرانية "، تقول المخابرات الأوكرانية.
   وفيما يتعلق بقضية دونباس على وجه التحديد، أعلن زعيم إقليم لوغانسك الانفصالي الموالي لروسيا، أنه قد يجري قريباً استفتاءً يهدف إلى الانضمام لروسيا. تهديد يذكرنا بسابقة القرم. عام 2014، أعلنت شبه الجزيرة استقلالها بعد غزو القوات الروسية، ثم إلحاقها بروسيا بعد استفتاء لم يعترف به المجتمع الدولي.