إسرائيل تبيع فنلندا العصا السحرية.. ما هو مقلاع داود؟
بعد تلقي الضوء الأخضر من واشنطن، صار بإمكان إسرائيل استكمال بيع نظام الدفاع الجوي الجديد “مقلاع داود” الذي طورته تل أبيب بشكل مشترك مع واشنطن، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية، الأربعاء.
وكشفت الوزارة عن قيمة الصفقة التي بلغت 346 مليون دولار.
كما عبرت إسرائيل، في بيان رسمي، عن “ امتنانها للحكومة الأمريكية لموافقتها على عملية البيع التاريخية لنظام الدفاع إلى دولة ثالثة».
وبحسب البيان، فإنه بموجب اتفاقية الشراء، تشمل الصفقة “نظام الصواريخ الاعتراضية الإسرائيلي الأمريكي المنتج بشكل مشترك ومنصات إطلاق صواريخ وأنظمة رادار إسرائيلية الصنع”، مضيفاً أنه “سيتم تطوير النسخة الفنلندية من النظام بشكل مشترك من قبل الصناعات الإسرائيلية والأمريكية، وسيتم دمجها في أنظمة القيادة والتحكم الفنلندية».
واعتبر وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت الموافقة التي منحتها الحكومة الأمريكية بمثابة “خطوة مهمة نحو تحقيق اتفاق تاريخي بين إسرائيل وفنلندا”، مضيفاً “واثق من أن هذه الاتفاقية ستشكل علامة فارقة جديدة في التعاون بين بلدينا من شأنها تحسين تعاملنا مع التهديدات العالمية والإقليمية.»
والشهر الماضي، أعلنت فنلندا بعد يوم واحد من انضمامها إلى الناتو أنها ستشتري نظام “مقلاع داود” مقابل 345 مليون دولار، لافتة إلى أنه سيتم إجراء شراء إضافي للنظام في المستقبل مقابل 236 مليون دولار أخرى.
تطوير أمريكي إسرائيلي
نظام “مقلاع داود”، المعروف سابقاً بـ”ماجيك واند”، أي العصا السحرية، هو من تطوير وتصنيع شركة رافائيل الإسرائيلية لأنظمة الدفاع المتقدمة (Rafael Advanced Defense Systems)، بالشراكة مع شركة رايثيون الأمريكية (Raytheon)، وتم الإعلان عن تشغيله بشكل كامل في 2017. وبحسب “رايثيون” يقدم “مقلاع داود” دفاعاً ضد الصواريخ الباليستية التكتيكية والصواريخ متوسطة إلى بعيدة المدى، والطائرات والمسيرات، إضافة إلى صواريخ “كروز”،
بما في ذلك صواريخ “سكود».
وإلى جانب التعاون في صناعة صواريخ المنظومة، تنتج “رايثيون” أيضاً وحدات إطلاق الصواريخ الخاصة بالنظام.
ويعتبر “مقلاع داود” نظاماً لإسقاط الصواريخ التي يتم إطلاقها من مسافة 100 – 200 كيلو متر، وهو جزء من الدرع الصاروخي لإسرائيل، يشمل نظام القبة الحديدية لاعتراض الصواريخ قصيرة المدى، ونظامي “حيتس 2” و”حيتس 3” لاعتراض الصواريخ طويلة المدى والتي يتخطى مداها 250 كيلومتراً.
وفيما تعدّ القبة الحديدية صناعة إسرائيلية، فإن منظومتَي مقلاع داوود وحيتس بالتعاون مع الولايات المتحدة.
النشأة
وبدأت إسرائيل في تطوير مقلاع داوود في 2006، وفي 2008 وقّعت شركة رفائيل الإسرائيلية مع شركة رايثيون الأمريكية اتفاقية لتطوير “مقلاع داود».
وفي 2017 تم الإعلان عن دخول نظام “مقلاع داوود” الخدمة فعلياً، بعد الإعلان عن دخول الخدمة التجريبية قبل نحو عامين من ذلك.
وفي احتفال أقيم بقاعدة حتسور الجوية الإسرائيلية في أبريل (نيسان) 2017، اعتبر بنيامين نتانياهو أن “مقلاع داوود” قادر على إثناء أولئك الذين يفكرون في مهاجمة إسرائيل عن القيام بذلك.
وقال قائد نظام الدفاع الجوي في الجيش الإسرائيلي: “نحن في سباق تسلّح مع أطراف أخرى، وإن مقلاع داوود ليس نظام سلاح ضد تهديد معيّن وإنما هو مجموعة منظومات وقدرات في مقابل أي تهديد، وفي هذا السياق نود أن نسبق الطرف الآخر».
خصائص ومميزات
ويتميز مقلاع داود بمجموعة من الخصائص تتمثل في التالي: تحمل وحدة إطلاق الصواريخ “الراجمة” الواحدة 12 صاروخاً يتم إطلاقها في اتجاه شبه عمودي.
ويطلق على صواريخ نظام مقلاع داود اسم “ستانر”، ويحتوي الصاروخ على رادار ومستشعر ضوئي إلكتروني.
ويتميز مقلاع داوود بقدرته على استخدام صواريخ موجّهة بنظام مزدوج أحدهما يستخدم رادار نشط والآخر يستخدم تقنية التصوير بالأشعة تحت الحمراء، بحسب تقرير نشرته مجلة ميليتاري ووتش العسكرية.
والصاروخ ذو مرحلتين، حيث يتكون من جزأين، لكل واحد منهما محركه الصاروخي الخاص، وفي هذا النظام ينطلق الصاروخ وبعد فترة ينفصل جزء المرحلة الأولى ثم يشتعل محرك المرحلة الثانية ويكمل الصاروخ طريقه إلى الهدف.
ووفقاً لشركة رافايل، فإن النظام قادر على العمل في مختلف الظروف الجوية، ويستخدم مقلاع داود مفهوم “أطلق وانسَ”، وهو يعني أن الصاروخ المعترض يتم إطلاقه من الراجمة الأرضية، ثم يكمل هو عملية التتبع والاستهداف للصاروخ المعادي المستهدف.
عيوب
ولكن يعيب مقلاع داوود عدم قدرته على التنقّل بسهولة (كما هو الحال مثلًا مع منظومة إس-300 الروسية)، مما يتركه عرضة لهجمات الصواريخ المضادة للإشعاعات.
وتتمثل التهديدات التي يتعامل معها مقلاع داود في الصواريخ البالستية قصيرة المدى والصواريخ الموجهة والطائرات، بما في ذلك الطائرات المسيرة.
تكلفة عالية
ويبلغ سعر كل صاروخ اعتراض من نوع القبة الحديدية ما بين 100-150 ألف دولار، في حين تبلغ تكلفة البطارية الواحدة الكاملة لمنظومة القبة الحديدية حوالي 50 مليون دولار.
وجرى الإنفاق بسخاء على تطوير مقلاع داود، وقدّمت واشنطن حوالي 1.99 مليار دولار من المساعدات لدعم تطوير مقلاع داوود خلال الفترة من 2006 إلى 2020، بحسب تقارير.
وصنّفت ميليتاري ووتش مقلاع داود في المركز السادس بين أفضل أنظمة الدفاع الجوي، بعد كل من نظام إتش كيو-9 الصينية، ونظام إس-500 الروسية، ونظام إس-300 في4 الروسية، ونظام إس-400 الروسية، ونظام ثاد الأمريكية.
المرة الأولى
وكشفت إسرائيل في مايو (أيار) الماضي، عن استخدام نظام الدفاع الجوي الصاروخي “مقلاع داود”فعلياً للمرة الأولى، وذلك للتصدي لصواريخ أطلقت من قطاع غزة، وذلك بعد فشل منظومة القبة الحديدية في هذه المهمة.
وبحسب المسؤولين الإسرائيليين، يسد هذا النظام الفجوة بين نظام القبة الحديدية لاعتراض الصواريخ قصيرة المدى ونظام “حيتس” لاعتراض الصواريخ بعيدة المدى.
وفيما تُعدّ هذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها إسرائيل استخدام مقلاع داود للتصدي للصواريخ المنطلقة من غزة، فهي ليست المرة الأولى التي تستخدمها. ففي يوليو (تموز) 2018، قالت صحف إسرائيلية إن “نظام مقلاع داود استُخدم لأول مرة في التصدي لصواريخ باليستية قصيرة المدى أطلقت من جنوب سوريا باتجاه مرتفعات الجولان».
وفي 2020، أجرى الجيش الإسرائيلي تدريبات دفاع جوي كبيرة تضمنت اختبار نسخة جديدة من “مقلاع داود”، وتم وضع نظام الدفاع الصاروخي في مواجهة الصواريخ الباليستية، التي تتبع مساراً ثابتاً ومحدداً مسبقاً، إضافة إلى صواريخ “كروز” الأكثر صعوبة في الضرب.
ووفقاً لوزارة الدفاع، فإن نظام “مقلاع داود” سيسمح في المستقبل القريب لإسرائيل بالتعامل مع التهديدات بكفاءة مرتفعة للغاية.