رئيس الدولة والرئيس التركي يؤكدان الحرص على دعم جهود تحقيق السلام والاستقرار الإقليميين
إشعال بوتين جبهة أوروبا.. «الناتو» يحذر من السيناريو «المرعب»
في تطور ينذر بتحولات استراتيجية كبرى على الساحة الدولية، حذر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «الناتو»، مارك روته، من سيناريو «بالغ الخطورة» قد يعيد تشكيل خريطة التوازنات العسكرية والسياسية في العالم.
ويتمثل السيناريو في احتمال تنفيذ هجوم روسي على أوروبا بالتزامن مع غزو صيني لتايوان، في محاولة من بكين لتشتيت قدرات الغرب وتقويض استجابته العسكرية الموحدة، وهو ما وصفه روته بأنه «افتراض واقعي وليس مجرد خيال سياسي».
وهذا التحذير الجريء الذي أطلقه روته في مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز»، سلطت الضوء عليه صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية، في تقرير موسع للصحفية المتخصصة في الشؤون الجيوسياسية، لور ماندفيل.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا السيناريو لم يعد مجرد فرضية نظرية، بل احتمال بدأ يُؤخذ بجدية متزايدة في أروقة حلف «الناتو».
جبهة مزدوجة ضد الغرب
وأردفت بأن روته لمّح إلى أن الرئيس الصيني شي جين بينغ، في حال قرر الهجوم على تايوان، «قد يُجري اتصالًا بشريكه الروسي فلاديمير بوتين، ويطلب منه فتح جبهة في أوروبا، بهدف إشغال حلف شمال الأطلسي ومنع الولايات المتحدة من تركيز قواتها في منطقة المحيطين الهندي والهادي». وهذا التصور، وإن بدا صادمًا، يتناغم مع تحليل عدد من كبار الاستراتيجيين العسكريين الذين حذروا من أن الصين وروسيا تعملان ضمن تحالف مرن لتقويض النظام الدولي الذي تقوده الديمقراطيات الغربية. وفي هذا السياق، أكد الجنرال الأسترالي المتقاعد ميك رايان في تصريحات لصحيفة (Kyiv Independent) أن تحالف الأنظمة الاستبدادية، الذي يضم الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية، قد يستغل الظروف الدولية لخلق أزمات متزامنة، تقود إلى إنهاك القدرات الغربية وتفكيك تركيزها العسكري والسياسي.
رسالة لأوروبا وأمريكا
من جانبه، رأى الباحث البارز كاميّ غراند، الزميل في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أن تحذير روته يحمل رسالة مزدوجة؛ الأولى موجهة إلى الولايات المتحدة للتأكيد أن الجبهتين الأوروبية والآسيوية مترابطتان استراتيجيًا.
أما الرسالة الثانية بحسبه فهي موجهة إلى الأوروبيين أنفسهم، لحثّهم على الاستعداد لاحتمال اضطرارهم إلى خوض معركة دفاعية دون الاعتماد الكامل على واشنطن، لا سيما في ظل بروز تيارات انعزالية داخل الإدارة الأمريكية. وأشار غراند إلى أن هناك حاجة ماسة لتقييم القدرات الدفاعية الأوروبية، في حال أصبحت غير قادرة على تلقي «الدعم الأمريكي التقليدي» في وقت الأزمات. وأضاف: «رغم أن أوروبا تملك نظريًا أكثر من 1.5 مليون جندي، فإن الجاهزية الفعلية من حيث التدريب والتسليح والدعم اللوجستي لا تزال محل شك واسع».
تحالف غير رسمي.. لكن خطير
وتابع تقرير الصحيفة الفرنسية «رغم أن العلاقة بين الصين وروسيا لا ترقى إلى تحالف عسكري رسمي، فإن تعاونهما الاستراتيجي يتصاعد بوتيرة ثابتة». وأشار إلى أن بكين توفّر لروسيا معدات إلكترونية حساسة ذات استخدام مزدوج، تسهم مباشرة في دعم المجهود الحربي الروسي في أوكرانيا، ما يجعل الصين طرفًا فاعلًا -وإن غير مباشر- في الصراع الأوروبي.
وقد فشلت محاولات الإدارات الأمريكية المتعاقبة، سواء عبر بايدن أو ترامب، في فك هذا التحالف أو الحد من تداعياته، وهو ما دفع بعض المحللين، مثل أندرو ميشتا من مركز(Atlantic Council) إلى التحذير من أن تجاهل الترابط بين الجبهات العسكرية يمنح خصوم الغرب أفضلية المبادرة، في حين لا تزال العواصم الغربية تتعامل مع الأزمات بمنطق التجزئة والانفصال.
أوروبا أمام اختبار الاستقلالية
ويؤكد ميشتا أن على أوروبا التحرك العاجل لتعزيز قدراتها الدفاعية المستقلة، خصوصًا في المجالات التي تعتمد فيها كليًا على الولايات المتحدة، مثل الاستخبارات، والدفاع الجوي، والتكنولوجيا الفضائية.
كما شدد على ضرورة إعادة بناء القاعدة الصناعية الدفاعية الغربية، لضمان الاستجابة الفعالة لأي تهديد متعدد الجبهات.
ويختم تقرير «لوفيغارو» بتحذير ضمني مفاده أن خصوم الغرب، وفي مقدمتهم روسيا والصين، يدركون تمامًا أهمية اللعب على كل الجبهات في الوقت نفسه، بينما لا تزال المؤسسات الغربية أسيرة التفكير التقليدي.