بإجراء جراحي نادر
إنقاذ مريض ثمانيني يعاني من تمدد الأوعية الدموية المهدد للحياة
نجح مستشفى ميدكير دبي في إنقاذ حياة مواطن مسنّ يبلغ من العمر 80 عاماً يعاني من أمراض مزمنة متعددة، وذلك باستخدام إجراء جراحي مبتكر. حيث حضر المريض إلى المستشفى بحالة صحية حرجة تُعرف بـ “تمدد الشريان الأورطي البطني”، وهو انتفاخ يشبه البالون يُسمى تمدداً في الشريان الأورطي، الذي يعد الشريان الرئيسي الذي يحمل الدم من القلب إلى باقي أعضاء الجسم.
وقام فريق من الجراحين في مستشفى ميدكير بإجراء جراحي نادر ومتقدم يُدعى “إصلاح تمدد الأوعية الدموية من الداخل» (EVAR) من أجل ترميم التورم بشكل ناجح من دون الحاجة لعمل شق مفتوح، مما يسفر عن تقليل الألم وتحسين النتائج وتسريع عملية الشفاء.
وكان المريض يعاني من تمدد الشريان الأورطي البطني ، وقد تم إحضاره إلى المستشفى بعد الم مفاجئ في البطن. تمددات الشريان الأورطي البطني ليست شائعة وتصيب 2 % إلى 13 % من المرضى الذكور فوق سن الـ 65 عاماً. وفي حال انفجر التمدد، فقد يؤدي إلى وفاة المريض.
وتعقيباً على الحالة، قال الدكتور “ساهر عرعور”، استشاري جراحة الأوعية الدموية في مستشفى ميدكير: “لدى المريض عوامل خطورة عديدة جعلت حالته معقدة ومستعجلة للغاية. وبالنظر إلى تاريخه الطبي الشامل، اخترنا القيام بإجراء إصلاح تمدد الأوعية الدموية من الداخل لمنع التمدد من الانفجار. وعلى الرغم من هذه الاحتياطات، اتسمت هذه العملية بالتحديات في ضوء وجود مخاطر عديدة مرتبطة بعمر المريض وحالته الصحية».
وبالإضافة إلى تمدد الشريان الأورطي البطني، عانى المريض أيضاً من مخاطر صحية عديدة طويلة الأمد بما في ذلك مشكلات مزمنة في القلب وفشل كلوي، وارتفاع ضغط الدم، والسكري من النوع الثاني، وارتفاع الكوليسترول في الدم، وفقر الدم بسبب نقص الحديد، وغيرها من التحديات الأخرى. كما عانى أيضاً من فتق سري، وهو انتفاخ غير طبيعي في السرة، إلى جانب تضخم في أنسجة البروستات يتسبب بانسداد مجرى البول.
وأضاف د. ساهر: “ارتأينا أن إجراء إصلاح تمدد الأوعية الدموية من الداخل يعد المسار الأمثل للعلاج لهذا المريض نظراً لما يعانيه من أمراض مصاحبة ومخاطر صحية متعددة. وبالإضافة إلى ذلك، توجب علينا استثناء خيار الاستئصال الجراحي المفتوح نتيجة لارتفاع خطر الوفاة الناتج عن هذا الاجراء».
وخلافاً للاستئصال الجراحي المفتوح، يعتبر إصلاح تمدد الأوعية الدموية من الداخل (EVAR) من الاجراءات طفيفة التوغل الجراحي التي أحدثت ثورة في علاج تمدد الأوعية الدموية الأورطي خلال العقدين الماضيين. حيث يستخدم هذا الاجراء ثقوب صغيرة وأدوات معقدة لترميم تمدد الأوعية الدموية في منطقة البطن لمنع الأوعية الدموية المتورمة من التمزق.
وبحسب “د. ساهر”، يمكن لإجراء إصلاح تمدد الأوعية الدموية من الداخل أن يوفر فوائد هائلة للمريض مقارنة بالاستئصال الجراحي المفتوح، وقال: “إنه إجراء ألطف يؤدي إلى تقليل نسبة فقدان الدم والشعور بقدر أكبر من الراحة أثناء التعافي وتقصير فترات الإقامة في المستشفى. وإضافة إلى ذلك، يمكن للمرضى العودة لممارسة أنشطتهم اليومية بشكل أسرع وتقليل خطر حدوث مضاعفات، كالنوبات القلبية والوفاة».
وأوضح د. ساهر أنه “على الرغم من تلك الاحتياطات، رافقت حالة هذا المريض مضاعفات كثيرة. إذ إنه يعاني من فشل كلوي، مما يجعل من تنفيذ إجراء اعتيادي لإصلاح تمدد الأوعية الدموية من الداخل أمراً مستحيلاً نظراً لعدم القدرة على إجراء تصوير للأوعية الدموية بمادة ظليلة، الذي يعد اجراءاً تشخيصياً هاما لإجراء العمل الجراحي. وبالتالي، توجب علينا إجراء تصوير الأوعية الدموية بغاز ثاني أكسيد الكربون، كبديل عن تصوير الأوعية الدموية التقليدي بحقن مادة ظليلة معالجة باليود، الذي يعرّض المريض لمخاطر عالية».
وأضاف: “يتميز هذا الاجراء بمعدل نجاح مرتفع، ومع ذلك في حالات كهذه، هناك دائماً فرصة حدوث مضاعفات كنزيف وفشل كلوي».
وأجرى أطباء “ميدكير” العملية بنجاح، على الرغم من الحالة الخطيرة للمريض وعوامل الخطورة المتنوعة لديه. وغادر المريض المستشفى متمتعاً بحالة جيدة عموماً وذلك بعد يومين من الجراحة.
وقال المريض في معرض حديثه عن تجربته: “أنا ممتن للدكتور ساهر وفريق ميدكير على الرعاية المتميزة التي أحاطوني بها في المستشفى. لقد كنت أعاني من أمراض كثيرة لفترة طويلة. إن القدرة على الشعور بالراحة مجدداً يعد بمثابة تذكير يومي لي لكي أقدر كل لحظة في حياتي. لقد كانت رحلة التعافي شاقة ولكنها مجزية في نهاية المطاف».
وفيما يتعلق برحلة التعافي بعد اجراء اصلاح تمدد الأوعية الدموية من الداخل، قال د. ساهر: “يمكن أن تختلف النتائج بحسب حالة المريض ومدى الترميم. وفي معظم الحالات، يمكن للمريض توقع قضاء يوم أو اثنين في المستشفى لتتم مراقبة حالته قبل مغادرته المستشفى للتعافي في المنزل».
وختم د. ساهر قائلاً: “مع العناية والمتابعة المناسبة، بإمكان المرضى الذين يخضعون لعلاج إصلاح تمدد الأوعية الدموعية من الداخل توقع العودة إلى أنشطتهم المعتادة خلال بضعة أسابيع أو شهور من الإجراء. وتعتبر الفحوص المنتظمة لدى أحد مقدمي خدمات الرعاية الصحية ضرورية لرصد تحسن حالة المريض وضمان بقاء تمدد الأوعية الدموية مستقراً».
يشار إلى أن مستقبل علاج إصلاح تمدد الأوعية الدموية من الداخل EVAR يبدو واعداً بفضل التطورات المستمرة التي يشهدها على صعيد التكنولوجيا والتقنيات الجديدة. حيث يتمتع هذا العلاج بالقدرة على أن يصبح معيار الرعاية لدى العديد من المرضى، وكذلك بالقدرة على معالجة تورم الأوعية الدموية بإجراء طفيف التوغل.