إيران تسعى لابتزاز الغرب... بايدن يربكها

إيران تسعى لابتزاز الغرب... بايدن يربكها


لاحظ الكاتب السياسي في صحيفة “جيروزاليم بوست” سيث فرانتزمان كيف اختفى مصطلح “المتشددين” مؤخراً من التداول الإعلامي. قد يعود ذلك بحسب رأيه إلى أن اللوبي الإيراني في الولايات المتحدة لم يحصل على التوجيهات لينطلق في حملته السياسية. قبل التوصل إلى الاتفاق النووي، قدمت إيران للعالم سردية “إما الاتفاق أو الحرب».
إيران تريد رفع العقوبات وتطلب المزيد من الدور لميليشياتها ووكلائها. يسعى المسؤولون الإيرانيون إلى الهيمنة الإقليمية بينما أفلسوا بلادهم إلى حد بعيد ادعت هذه الرواية الغريبة والكاذبة أن المعترضين على الاتفاق يريدون الحرب. لكن لا توجد دولة في العالم تطلب اتفاقاً لوقف إطلاق تهديدات نووية.

خوف من رواية متناقضة
يُظهر امتناع النظام عن استخدام مصطلحي “المعتدلين” و”المتشددين” مدى ارتباكه أمام إدارة بايدن. تدرك إيران كيف يرسم الغرب سياساته. وهي تعلم أيضاً أنها إذا استخدمت فزاعة الأسلحة النووية بالتوازي مع الحديث عن “فتوى” لتحريم استخدامها، فقد تخلق رواية متناقضة عنها باعتبارها دولة يحكمها “المعتدلون” لكن بإمكان المتشددين أن يصلوا إلى السلطة فيها إذا لم يلب الغرب جميع طلباتها.
لا تدرك طهران الهدف النهائي من برنامجها النووي. ما تريده هو إنهاء العقوبات. الاتفاق هو مجرد نقطة نقاش لأن التقييم الإيراني هو أن الدول الغربية تحب “الاتفاقات” وخطابات “صنعنا السلام” ليقول المسؤولون الغربيون إنهم “أنجزوا” شيئاً.
تدرك طهران أن هؤلاء المسؤولين يحبون التقاط الصور أكثر مما يقدّرون الوقائع على الأرض.

ارتباك تام
تابع فرانتزمان أن النظام وخبراءه الذين تعلم بعضهم في الغرب، استخدموا سياسة العصا والجزرة في السابق، لكنهم يتساءلون اليوم عما سيفعلونه مع إدارة بايدن.
تقول وكالة تسنيم إن بايدن “يحاول إطلاق محادثات مباشرة مع طهران عبر وسطاء أوروبيين وإعادة تأسيس قناة اتصال”. ويوفر هذا التقرير نظرة ثاقبة لطريقة تفكير إيران وارتباكها. تراقب الأخيرة أيضاً القيادة المركزية الأمريكية بما أن حاملة طائرات جديدة تتجه إلى المنطقة، وثمة إشاعات عن زوارق حربية للحرس الثوري يمكن استخدامها لتهديد الولايات المتحدة وحلفائها. ذكرت وكالة تسنيم أن إدارة بايدن تنوي مراجعة السياسة الأمريكية تجاه إيران. وأضافت أن التصريحات التي يدلي بها المسؤولون الغربيون والإعلام عن الاتفاق النووي تبدو إيجابية هذه الأيام.
وكتبت أيضاً “كما قال مسؤولون أوروبيون طوال سنوات، أصدروا تصريحات ومواقف إيجابية نسبياً من الاتفاق النووي، لكن عملياً لم يكن لديهم مخرج لإيران. لم يكن لتصريحات المسؤولين الأمريكيين أي دعم عملي إلى الآن وكانت مجرد كلمات وإيماءات”. وحسب فرانتزمان تدل هذه الكلمات على طريقة إيران لقول إنها متربكة تماماً من فريق بايدن.

كيف استسلم أوباما؟
عاد الكاتب بالزمن إلى 2014 حين فهمت إيران أن إدارة أوباما كانت في حاجة إلى اتفاق لتَكسب نجاحاً. لذلك حملت إيران رغبات إقليمية معقدة. عززت طهران سيطرتها على العراق عبر نوري المالكي، ودفعت واشنطن لتليين موقفها من شبكات حزب الله الدولية. كما طلبت منها تغيير تركيزها بعيداً عن إسقاط حكومة الرئيس السوري بشار الأسد والتحول إلى الحل السياسي.
وقال قاسم سليماني حينها لمسؤولين إيرانيين إنه بالإمكان دعوة روسيا إلى سوريا بطريقة أكثر جدية. كان حكم إيران في محله.
في 2015، كانت واشنطن في شمال شرق سوريا مع قوات سوريا الديموقراطية تحارب داعش، وكانت روسيا تقود طائراتها فوق حميميم قبل أن تؤسس مسار أستانا، وتستثني الولايات المتحدة من المعادلة في سوريا.
ومكنت إيران ميليشيات الحشد الشعبي من تعزيز قبضتها على السلطة في العراق. في هذا الوقت، تدخلت السعودية في اليمن سنة 2015 بينما كانت إيران ترسل تكنولوجيا عسكرية إلى الحوثيين. ووُقع  الاتفاق النووي، وأصبح فريق أوباما عدوانياً تجاه شكاوى الإسرائيليين والسعوديين.

قراءة فنجان
يثير فريق بايدن الارتباك أكثر لأنه لا وجود لبيانات صادرة عن جون كيري أو بن رودس عن إيران. لكن اليوم، تستقي إيران أفكار فريق بايدن من قراءة الفنجان. وذكرت تسنيم أن “التطورات الأخيرة في الولايات المتحدة وأوروبا تبدو أنها تسعى نحو هدف مشترك وهو خلق منصة يمكن عبرها مناقشة مسائل أخرى. ينظر الغرب الآن إلى القضية من جانب أحادي، عوضاً عن إعادة إحياء مصالح الفرقاء، بما فيهم إيران، في الاتفاق الإيراني، وهو يسعى إلى فرض المزيد من القيود على دولتنا. في ظروف مثل هذه، من المتوقع ألا تتعرض السلطات الإيرانية للخداع من قبل الغرب...».

صفقة صعبة... انتهى زمن البعبع؟
طالبت تسنيم أوروبا والولايات المتحدة برفع جميع العقوبات إذا عادتا إلى الاتفاق مشددة على ألا تكون أي منها مرتبطة بمواد أو شروط جديدة. فهذه الشروط حسب رأيها أو حتى رفض رفع بعض العقوبات، تعني إعادة التفاوض على اتفاق جديد رفضته إيران.
ورأت الوكالة الإيرانية أن الغرب يسعى لاستخدام بعض العقوبات للضغط على طهران لينتزع منها تنازلات ضخمة وحرمانها من جميع عناصر القوة لدفعها نحو الاستسلام. ويلخص فرانتزمان ما جاء في الوكالة بأن إيران تقود صفقة صعبة. لكن إضافة إلى ذلك، غاب أي نقاش عن البرنامج النووي. فهذا البرنامج هو إلى حد بعيد بعبع، يهدف إلى ابتزاز الغرب. تستخدم إيران هذا الابتزاز لأنها تمكنت من دفع أصدقائها في الغرب إلى الترويج لرواية “نحن في حاجة إلى اتفاق لمنع الحرب».

خرافة وإفلاس
يؤكد فرانتزمان أن إيران لا تستطيع تحمل حرب. إن رواية مماثلة، هي خرافة بالكامل. الرواية الحقيقية هي أن إيران تريد رفع العقوبات وتطلب المزيد من الدور لميليشياتها ووكلائها. يسعى المسؤولون الإيرانيون إلى الهيمنة الإقليمية بينما أفلسوا بلادهم إلى حد بعيد.