الأكثر دموية ووحشية.. كيف سيكون هجوم أوكرانيا المضاد؟
يطرح العميد السابق في الجيش الأمريكي مارك كيميت تساؤلات بشأن الهجوم الأوكراني المضاد الذي تحضر له كييف في المرحلة المقبلة من الحرب المشتعلة على الجبهة الشرقية الأوكرانية ضد القوات الروسية، لافتا إلى أن نجاح الهجوم المضاد سيغير مسار الحرب.
ويقول كيميت الذي شغل منصب مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية والعسكرية “2008-2009”، في مقال بصحيفة “وول ستريت جورنال” إنه مع اقتراب موعد الهجوم الأوكراني المضاد، يناقش المحللون التكتيكات واللوجستيات وأرقام القوات وتأثيرها على عنصر المفاجأة الحاسم، كما تحدثوا عن توقيت نشر الدبابات وتواريخ انطلاق الهجوم، لكن ليس السؤال الأكثر أهمية: ما الذي يمكن أن يحققه الهجوم المضاد الناجح؟
أهداف زيلينسكي
ويضيف أنه “من غير المرجح أن تتحقق أهداف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي النهائية، وهي إزالة القوات الروسية من أوكرانيا واستعادة السيادة على أوكرانيا بأكملها، بما في ذلك شبه جزيرة القرم في عام 2023. لكن بدلاً من ذلك، ينبغي النظر إلى العمليات العسكرية في الأشهر المقبلة على أنها الأولى في سلسلة من الحملات للوصول إلى أهداف زيلينسكي.
ويشير الكاتب إلى أن “غزو الحلفاء لأوروبا في الحرب العالمية الثانية تطلب سلسلة من الحملات لجعل ألمانيا تجثو على ركبتيها، وكان هبوط نورماندي ضرورياً، لكن حملات المتابعة التي اخترقت الحصار الألماني في فرنسا، والمعارك الرئيسية عام 1945 المعروفة باسم السباق إلى نهر الراين، وسقوط برلين كانت ضرورية لإنهاء الحرب. يجب أن ينظر إلى الهجوم المضاد في أوكرانيا بطريقة مماثلة، ليس على أنه المعركة النهائية، ولكن حملة وسيطة في هذا الاتجاه».
في الهجوم الأوكراني المضاد لعام 2023، يمكن قياس النجاح من خلال تلبية ثلاثة شروط، وهي: “يجب هزيمة القوات الروسية بشكل حاسم، والاستيلاء على التضاريس الرئيسية، وأن يتمتع الأوكرانيون بالزخم والدعم لحملات المتابعة».
رسالة إلى روسيا
ويرى كيميت أنه “في حين أن قوات فلاديمير بوتين يجب أن تتعرض لهزيمة كبيرة، فإن الغرض ليس مجرد تقليل حجم وقوة جيشه، بل يجب أن يرسل الهجوم المضاد أيضاً رسالة إلى شعب روسيا وجيشها ونخبها والدائرة المقربة من بوتين، مفادها أن الحرب لا يمكن الفوز بها، ويمكن لروسيا أن تجلب المزيد من القوات والموارد، لكن التجنيد الجماعي والعقوبات المستمرة الناتجة عن هزيمة عسكرية كبيرة ستقلل من الدعم الشعبي».
كما يضيف الكاتب “يجب استعادة المدن والأراضي الحرجة ما يسميه الجيش الاستيلاء على التضاريس الرئيسية، على عكس باخموت، حيث لن يتم تحقيق أي ميزة حاسمة لأي من الجانبين من خلال رفع العلم فوق أراضي المدينة، يجب أن يستعيد الهجوم المضاد الأراضي التي تعتبر حاسمة بالنسبة للروس ويضع الأوكرانيين في وضع أقوى للعمليات المستقبلية».
الأكثر وضوحا هي الأراضي الواقعة شرق خيرسون ومدن ميليتوبول وبرديانسك وهينيشسك، كما يقول العسكري السابق، إذا سيطرت القوات الأوكرانية على الطرق المؤدية إلى تلك المدن، فسيتم قطع الجسر البري من شبه جزيرة القرم، وستتمكن أوكرانيا مرة أخرى من الوصول إلى بحر آزوف، وستكون قواتها وصواريخها ومدفعياتها قادرة على مهاجمة أهداف جنوب شبه جزيرة القرم والشمال في خطوط الخدمات اللوجستية الروسية. علاوة على ذلك، فإن هذه التضاريس مثالية لبدء المزيد من الهجمات.
دعم الحلفاء
كما ستؤدي الحملة الناجحة أيضاً إلى تنشيط دعم الحلفاء، وعلى الرغم من التصريحات العلنية، فإن الحماس للحرب يتضاءل، فيرى الكاتب أن الغرب يريد أن يرى عائداً على استثماراته، إذ إن المذبحة على الخطوط الأمامية من القصف المدفعي والهجمات على البنية التحتية وانعدام الزخم قد تثير الشكوك حول فائدة الحرب، لكن كما أظهرت هجمات سبتمبر (أيلول) 2022، يمكن للهجوم المضاد الناجح أن يولد الحماس والدعم والصبر.
وفي السنة الثانية من القتال، يشير كيميت إلى أنه “الخطوط الأمامية تبدو مختلفة قليلاً عن خطوط ما قبل الحرب التي حددتها اتفاقية مينسك الثانية لعام 2015. بوتين لا يظهر أي علامات على التسرع، ويدرك الحلفاء أن الهجوم المضاد ضروري، لكن يجب النظر بعناية في أهدافه».
واختتم العسكري الأمريكي مقاله بالإشارة إلى أن “هذه الحملة وحدها لن تنهي الحرب، ولكن على الأقل يجب أن تلحق هزيمة هائلة بالقوات الروسية، على مرأى ومسمع من الشعب الروسي، ويجب أن تظهر للحلفاء أن أوكرانيا حرب يمكن كسبها ولن تستمر لسنوات، وتستحق الاستثمار المستمر لتحقيق أهداف زيلينسكي، إذ إن الهجوم المضاد القادم سيكون عبارة عن سلسلة من المعارك الدموية والوحشية، والتي من المحتمل أن تكون الأكبر حتى الآن، لكن نجاحها سيغير مسار الحرب.