تظل منطقة كردستان حليفاً محورياً للولايات المتحدة

الأكراد.. قوة استراتيجية في سياسة أمريكا الإقليمية

الأكراد.. قوة استراتيجية في سياسة أمريكا الإقليمية


قال زاك هوف، خبير مختص بالشأن الكردي، إن منطقة كردستان المتمتعة بالحكم الذاتي في شمال شرق العراق، والتي يقطنها عدة ملايين، تعد مصدراً حاسماً للاستقرار في منطقة متقلبة وتؤثر بشكل مباشر في العراق وسوريا ودول مجاورة مثل تركيا وإيران.
وأضاف هوف، حاصل على درجة الماجستير في دراسات الشرق الأوسط من جامعة شيكاغو، في مقاله بموقع «ناشونال إنترست»: يعد استمرار الدعم الأمريكي والغربي للمنطقة الكردية أمراً حيوياً نظراً لموقعها الاستراتيجي والتهديدات المستمرة، خاصةً من وكلاء إيران. 
ويشمل هذا الدعم تعزيز القوات العسكرية الكردية «البشمركة» التي لعبت دوراً مهماً في هزيمة داعش الإرهابي، لكن رغم هزيمة داعش تواجه منطقة كردستان تهديدات متزايدة من قبل وكلاء إيران، الذين يشكّلون تحدياً للعلاقات بين الولايات المتحدة والأكراد والاستقرار الإقليمي.

التحديات الإقليمية والأهمية الكردية
وتابع الكاتب: لا يمكن التقليل من أهمية كردستان الجيوسياسية؛ فالمنطقة تقع عند مفترق طرق حرج بين تركيا وإيران والدول العربية. ويؤكد زعماء أكراد، مثل نائب رئيس حكومة إقليم كردستان جعفر شيخ مصطفى، أهمية الدعم الأمريكي لمواجهة النفوذ المتزايد لخصوم مثل إيران وتركيا والصين وروسيا، الذين يسعون إلى توسيع نفوذهم في المنطقة، مضيفاً أن كردستان المدعومة من الولايات المتحدة هي الحاجز الوحيد المهم الذي يمنع هذه القوى من الهيمنة على المنطقة.
يبلغ تعداد قوات البشمركة حوالي 150 ألف جندي، وتظل ضرورية لدعم الاستقرار الإقليمي في كل من كردستان والمناطق المحيطة التي ما تزال مهددة من قبل داعش والجماعات المتطرفة الأخرى. وتتجلى فعالية البشمركة في مرونتها مقارنة بالجيش العراقي، الذي عانى من خسائر كبيرة ضد داعش. واستثمرت الولايات المتحدة 92 مليون دولار في تطوير ثمانية ألوية من البشمركة من عام 2003 إلى عام 2011، مقارنة بـ 25 مليار دولار قدمتها إلى 109 ألوية عراقية. ورغم تلقي تمويل أقل بكثير، أثبتت الألوية الكردية أنها أكثر فعالية، حيث بقيت على حالها بينما تم القضاء على ربع القوات العراقية على يد داعش. وكانت القوات الكردية أيضاً شريكاً موثوقاً به للولايات المتحدة التي كانت تعاني من خسائر كبيرة في القتال ضد داعش بينما أدت هذه الشراكة إلى تقليل الخسائر الأمريكية في المنطقة.

الإصلاح والتحديات داخل البشمركة
وأوضح الكاتب أن الجهود المبذولة لإصلاح البشمركة، بما في ذلك إعادة توحيدها وإزالة الطابع السياسي عنها، مستمرة لكنها تواجه تحديات كبيرة. وتهدف هذه الإصلاحات، التي تسترشد بمذكرة تفاهم وُقعت مع البنتاغون في عام 2022، إلى إنشاء قوة قتالية أكثر توحداً وفعالية. ومع ذلك، تشكّل الانقسامات السياسية الراسخة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني عقبة كبيرة.  ولفت الكاتب النظر إلى أن تاريخ الانقسام بين الفصائل الكردية طويل، حيث وقعت حرب أهلية بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني في التسعينيات. 
ورغم اتخاذ خطوات جيدة منذ ذلك الحين نحو الوحدة، فإن الانتكاسات مثل حادثة كركوك عام 2017، حيث انقسمت قوات البشمركة على أسس سياسية، توضح التحديات المستمرة. 
ورغم هذه الصعوبات، تستمر الجهود الرامية إلى توحيد البشمركة، مع الآمال في دمج القوات بالكامل بحلول عام 2026، على الرغم من احتمال حدوث تأخيرات.
التهديد المستمر 
من داعش ووكلاء إيران
ورغم هزيمة داعش وخلافتها الإقليمية في المنطقة، ما تزال الجماعة تشكل تهديداً مستمراً. ويحذر القادة الأكراد والأمريكيون من أن تنظيم داعش يعيد تجميع صفوفه وقد يشن هجمات دون سابق إنذار.
ويتفاقم التهديد مع وجود 10 آلاف مقاتل من داعش في مراكز احتجاز كردية و50 ألف فرد إضافي من أفراد عائلات داعش في مخيمات اللاجئين. علاوة على ذلك، توفر المناطق غير الخاضعة للحكم بين خطوط الأمن العراقية والكردية أرضاً خصبة يستغلها داعش في العمل.
وفي الوقت نفسه، يأتي التهديد الأكثر إلحاحاً من الميليشيات المدعومة من إيران في العراق وسوريا، والتي هاجمت القوات الأمريكية أكثر من 170 مرة في الفترة ما بين أكتوبر -تشرين الأول 2022 وفبراير -شباط 2023.
وتشكّل هذه الجماعات، المسلحة بشدة والمدعومة من إيران، مصدر قلق متزايد لكل من الولايات المتحدة ومنطقة كردستان. وكانت حكومة إقليم كردستان تسعى إلى الحصول على دفاعات جوية لحماية أراضيها، لكنها تأخرت بسبب النزاعات السياسية مع بغداد.

الأهمية الاستراتيجية للدعم الأمريكي المستمر
بينما تفكر الولايات المتحدة في مستقبلها في المنطقة، يؤكد القادة الأكراد أهمية الحفاظ على وجود طويل الأمد لها. وتمثل جهود التحديث التي تبذلها قوات البشمركة، على الرغم من بطئها، أهمية بالغة لضمان الاستقرار الإقليمي. ويسعى الزعماء الأكراد، بما في ذلك نائب الرئيس الشيخ جعفر والجنرال حسن شيخ محمود، إلى تعزيز التعاون بين الجانبين. ويرى بعض المحللين أن الدعم الأمريكي يجب أن يمتد إلى ما هو أبعد من مذكرة التفاهم الحالية، التي تنتهي في عام 2026، إلى عام 2030 على الأقل. وهذه الشراكة المستمرة حيوية ليس فقط للأكراد ولكن أيضا للمصالح الأمريكية الأوسع في مواجهة النفوذ الإيراني ومنع عودة داعش، وفق الباحث.
واختتم الكاتب مقاله بالقول: «تظل منطقة كردستان حليفاً محورياً للولايات المتحدة في منطقة محفوفة بالتحديات. ومع تنامي التهديدات الإقليمية، خاصةً من إيران ووكلائها، فإن استمرار الدعم الأمريكي للقوات الكردية أمر ضروري للحفاظ على الاستقرار وحماية المصالح الغربية في الشرق الأوسط».

 

 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot