ماذا سيخلف الفيروس من آثار على جنوب آسيا وأفريقيا

الاسوأ ليس خلفهم بعد.. هكذا يمكن تجنب كارثة كورونا

الاسوأ ليس خلفهم بعد.. هكذا يمكن تجنب كارثة كورونا


فيما تتخذ دول في شرق آسيا وأوروبا خطوات تدريجية نحو إعادة فتح اقتصاداتها، يخشى سكان النصف الجنوبي للكرة الأرضية أن يكون الاسوأ لم يأت بعد.
ويقول الخبيران إيثر دفلو وأبهيجيت بانيرجي، الحائزان على جائزة نوبل للاقتصاد في عام 2009، إنهما غير متأكدين مما سيخلفه فيروس كورونا من آثار على جنوب آسيا وأفريقيا.
وكتبا ضمن موقع “ذا غارديان” البريطاني، أنه دون إجراء فحوصات طبية مكثفة لمعرفة عدد حالات العدوى، يستحيل معرفة حجم تفشي الوباء. ولا تتوفر بعد معلومات كافية حول كيفية عمل كوفيد- 19 تحت ظروف مختلفة كأشعة الشمس والحرارة والرطوبة.
وقد ينجو الشباب في الدول النامية من أسوأ تبعات الوباء، ولكن الأنظمة الصحية في الجزء الجنوبي من الكرة الأرضية غير مجهزة للتعامل مع تفشي المرض.

إغلاق تام
وفي ظل غياب معلومات توفرها فحوصات طبية واسعة النطاق، اعتمد عدد من الدول الفقيرة نهجاً شديد الحذر. فقد فرضت الهند إغلاقاً كاملاً في 24 مارس( آذار)، عندما ثبت وجود 500 حالة إصابة بالمرض. وفرضت دول مثل راوندا وجنوب أفريقيا ونيجيريا إغلاقات تامة في نهاية مارس، قبل وقت طويل من وصول الفيروس إلى ذروته. ولكن لا يمكن استمرار حالات الإغلاق تلك إلى ما لا نهاية.
واستخدمت دول فقيرة إجراءات الحجر لشراء الوقت، ولجمع معلومات حول سلوك المرض ولتطوير استراتيجية فحص وتعقب ولكنها عجزت للأسف عن تحقيق تلك الأهداف.
وتفوقت الدول الغنية في امتلاكها لمعدات الحماية الشخصية وأجهزة التنفس الاصطناعي وضخ الأوكسجين.
ويرى الكاتبان أن الخسائر البشرية للإغلاقات باتت واضحة بالفعل في عدد من المناطق. فقد حرم الأطفال من اللقاحات ولم تجن المحاصيل. ومع توقف مشاريع البناء وإغلاق الأسواق، تبخرت فرص العمل والمداخيل. وقد يكون للحجر الطويل آثار ضارة على دول نامية بقدر أضرار الفيروس.
 وقبل أن يجتاح كوفيد- 19 العالم، كان 15,000 طفل يموتون يومياً في جنوب العالم، بسبب أمراض مرتبطة بالفقر غالباً ما يمكن منعها. ومن المتوقع أن يموت عدد أكبر من الأطفال إذا اشتدت وطأة الفقر على أسرهم.
بؤر نشطة
وعما تستطيع الدول الفقيرة القيام به في مواجهة الوباء، والمساعدات التي يمكن الدول الغنية أن تقدمها، يرى الكاتبان أن استراتيجيات الاختبار المنهجي التي كانت أساسية في احتواء الوباء وتخفيف إجراءات الإغلاق في أوروبا، لها أيضاً أهميتها الكبرى في الدول الفقيرة. وفي مناطق لا تملك سلطاتها الصحية العامة معلومات حول تفشي الفيروس، فضلاً عن محدودية مواردها، يجب أن تستهدف الاستجابة لفيروس كورونا البؤر النشطة. وبهذه الطريقة، عوض فرض إغلاق عام، تستطيع السلطات الصحية التعرف على مجموعات تتطلب تدابير حجر صحي.
إلى ذلك، يجب أن تتمكن الدول النامية من تطوير أنظمتها الصحية للتعامل مع تدفق مفاجئ محتمل للمرضى.
كذلك، يرى الكاتبان أنه من الضروري تمكين الدول الفقيرة للكي تضمن لسكانها مصدر رزق آمن في الأشهر القادمة. وفي غياب مثل تلك الضمانات، سيتعب الناس من إجراءات الحجر والإغلاقات وستشتد صعوبة فرضها. ومن أجل حماية اقتصاداتها من الانهيار، على تلك الحكومات طمأنة الناس إلى أن الدعم المالي سيكون متوافراً طالما اقتضت الحاجة.

أخبار جيدة
ويشير الكاتبان إلى أخبار جيدة وردت من عدد من الدول، وخاصة في أفريقيا، عن وجود بنية تحتية ساعدت على تحويل الأموال بسرعة إلى السكان بواسطة الهواتف المحمولة. ويستخدم عدد كبير من الأشخاص حالياً تلك الأنظمة في التحويلات الخاصة، لذا يمكن أن تكون الخطط الحكومية القائمة على هذه البنية التحتية جاهزة للعمل في غضون أيام. وإن توفرت معلومات من خلال الهواتف النقالة عن وجود عوز اقتصادي أكبر في بعض المناطق، يمكن تحويل مبالغ مالية إضافية إليها.
ومن هذا المنطلق، يشير الكاتبان إلى ضرورة أن تعمل الدول الغنية مع مؤسسات مالية عالمية لتقديم قروض ميسرة وموارد إضافية للدول النامية. وستكون تلك الدول بحاجة لشراء المؤن الغذائية والأدوية بالعملات الصعبة، وهو ما سيكون أشد صعوبة نتيجة تعثر عائدات التصدير وانهيار التحويلات.
وحسب الكاتبين لا يعني هذا أن تتجاهل الحكومات هواجس بشأن استقرار الاقتصاد الكلي. ولكن خطة إنفاق واضحة تستجيب للصدمة الفورية لفيروس كورونا، مقترنة مع استراتيجية طويلة الأمد لكيفية إنهاء الإغلاق، توفر أفضل الآمال لمنع تحول الأزمة الحالية إلى كارثة مستقبلية.