رئيس الدولة: الدورة تعزز الحوار والتعارف والتنافس بين شباب العالم على أرض الإمارات
الانتحار في العراق أكثر من أي وقت مضى
تشير الأرقام الرسمية التي تصدرها وزارتا الصحة والداخلية في العراق، إلى جانب المفوضية العليا المستقلة لحقوق الإنسان، إلى أن البلد يشهد أعدادا متزايدة من حالات الانتحار كل عام، بلغت خلال العام الماضي 644، وهو الرقم المكتشف منها فحسب.
ويشير المراقبون للوضع العراقي إلى أن الأرقام الحقيقية أضعاف هذا الرقم، لأن أغلبية واضحة من الحالات لا يتم إعلانها أو الكشف عنها من جانب الأهل، لما لذلك من تأثير على العائلة في الأوساط الاجتماعية، كذلك لأن الانتحار في الكثير من الحالات، خصوصا بالنسبة للفتيات الصغيرات نسبيا، يكون نتيجة ظروف عائلية قاهرة يتم التكتم عليها.
وكان جدعان الصائي واحدا من ضحايا الانتحار، فقد عرفت قصته في الأوساط الاجتماعية خلال فصل الخريف الماضي، لأنه انتحر بطريقة تراجيدية، حينما ألقى بنفسه من أعلى برجٍ عال وسط العاصمة العراقية، ثم وجدوا في جيوبه صورة لطفليه التوأمين وورقة صغيرة مكتوب عليها: “لم يفعل أحد بي شيء، إلا أن كل شيء من حولي لم يعد يُحتمل».
الصائي الذي كان يبلغ من العمر 30 عاما حينما انتحر، هاجر مع عائلته قبل ذلك بسنتين من قريته في ريف مدينة البعقوبة شمال شرقي بغداد، بعدما كانت مياه الأنهار والسواقي التي تصلهم قد جفت تماما، ولم يتمكن من الحصول على العمل في العاصمة، حسبما أخبرت عائلته وسائل الإعلام المحلية فيما بعد، الأمر الذي أحدث به آثاراً نفسية متراكمة إلى أن أقدم على ما فعله.
وتشكل حالة الصائي نموذجا تقليديا لأوضاع المواطنين العراقيين، خصوصا في بغداد والمناطق الجنوبية، حيث تتراكم أسباب البطالة مع الزيادة السكانية الهائلة وسيطرة الفصائل والتنظيمات المسلحة على الحياة العامة.
لكن الخبيرة النفسية العراقية هدى الدليمي، وفي حديثها مع موقع سكاي نيوز عربية، تضيف إلى ذلك 3 أسباب أخرى تراها خاصة بالوضع العراقي.
وتقول: “حسب الأرقام التي أصدرتها وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، فأن ثلث الشعب العراقي تعرض لحالة نزوح واحدة خلال السنوات العشرة الأخيرة، أي قرابة 12 مليون مواطن عراقي. والنزوح عامل رهيب لتغيير أنماط العيش والقيم وشكل العلاقات داخل الأسرة والعلاقة مع المحيط».
وتضيف هدى: “بحسب الإحصاءات العالمية، فإن نسبة الانتحار في أوساط النازحين 4 أضعاف نسبتهم في أوساط المجتمعات المستقرة، فكيف سيكون الوضع إذا عرفنا أن نصف النازحين العراقيين أقاموا في معسكرات مؤلفة من مجموعة من الخيم؟».
وتستطرد الخبيرة: “كذلك ثمة تأثير استثنائي للحضور الإناث في وسائل التواصل الاجتماعي، المصورة منها بالذات. المجتمع العراقي بالغ المحافظة والترابط ضمن العائلة الممتدة، وحينما تتعرض واحدة من الفتيات لنوع من الابتزاز عبر تلك الوسائل، فأن إمكانية إقدامها على الانتحار تغدو كبيرة للغاية، والإحصاءات المتوفرة لدى وزارة الداخلية تكشف ذلك بوضوح».
و”فوق الأمرين، فإن غياب تطبيق القانون في الحياة العامة ذو دور مهم، فأغلبية واضحة من الشبان العراقيين يشعرون بمزيج من القنوط والكآبة والعجز نتيجة تعرضهم اليومي لمضايقات أفراد الميليشيات وشعورهم بفقدان الأمان من جراء انتشار شبكات الجريمة المنظمة المرعية منها».