رئيس الدولة ومحمد بن راشد يبحثان شؤون الوطن والمواطن وتعزيز مسيرة الدولة التنموية
بسبب نُدرة و هشاشة و ثُنائية العلاقات الدولية بنَحو متزايد:
الحرب العالمية الثالثة لن تقع ...وهنالك أسباب جيوسياسية للأمل
لقد أدت الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط، فضلاً عن الصراعات الأخرى، إلى خلق خطاب مليء بالخوف: إذ يزعم المتشائمون أن البشرية على وشك الدخول في صراع عالمي جديد. في أحدث أعماله،» الحرب العالمية لن تقع. أسباب جيوسياسية للأمل»، يعارض فريدريك إنسيل، المتخصص في الجغرافيا السياسية والمحاضر في معهد العلوم السياسية بباريس هذا الموقف المُروع. ويعتقد أن الحروب لن تختفي، لكن خطر اندلاع صراع واسع النطاق ضئيل للغاية، وذلك لعدد من الأسباب. في البداية، يقوم المؤلف بتفكيك نظرية «صراع الحضارات» «غير الكفؤة» للأكاديمي الأمريكي صمويل هنتنغتون «1927-2008»، الذي ادعى في تسعينيات القرن العشرين أنه بعد الحرب الباردة، سوف تشكل الحضارات، المفهومة ككتل ثابتة ، الانقسام الرئيسي في العلاقات الدولية. لكنها لم تبدأ حربًا بمفردها أبدًا. وحتى التعارض بين الديمقراطيات والأنظمة الاستبدادية، والذي أصبح أكثر أهمية بالفعل، ليس، في رأيه، سوى متغير واحد من بين متغيرات أخرى في علاقات القوة الدولية. وهناك سبب آخر للأمل: فمن الناحية التاريخية، لم تقم إلا أعداد قليلة للغاية من «الأنظمة» بـ»الانتحار». لا شك أن هناك بعض الأمثلة المضادة ــ
فقد أظهر الرايخ الثالث وتنظيم داعش الإرهابي «إرادة لا هوادة فيها لمواصلة مشاريعهما التدميرية بأي ثمن، حتى ولو على حساب وجودهما» ــ ولكنهما استثناءات. ويتابع قائلاً: «ومنذ ذلك الحين، يغير الردع النووي الوضع جذرياً: فتهديد الفناء يحد من خطر الصراع المفتوح بين القوى المسلحة بالأسلحة الذري ، الولايات المتحدة، وروسيا، والمملكة المتحدة، وفرنسا، والصين، والهند، وباكستان، وكوريا الشمالية، وإسرائيل. وبناء على ذلك، فمن غير المرجح أن يطبق «فخ ثوسيديدس»، وهي النظرية التي طرحها عالم السياسة الأميركي جراهام أليسون والتي تزعم أن القوتين المهيمنتين حالياً، الولايات المتحدة والصين، مدفوعتان إلى الصراع. علاوة على ذلك، فإن «النمط الدبلوماسي والاستراتيجي الكابوسي» الذي ساد صيف عام 1914 ــ الإعلانات المتتالية للحرب الناجمة عن تشابك التحالفات في القارة الأوروبية ــ ليس على وشك أن يتكرر. والواقع أن التحالفات بين الدول أصبحت اليوم نادرة وهشة وثنائية على نحو متزايد، وهو ما يقلل بشكل أكبر من شبح الحرب العالمية. وبشكل أكثر تحديدا، يعد حلف شمال الأطلسي التحالف العسكري المتعدد الأطراف القوي الوحيد في العالم، ومنذ عودة دونالد ترامب إلى السلطة، أصبح في حالة يرثى لها. أما فيما يتعلق بالحرب بين أوكرانيا وروسيا، فليس هناك نظام متماسك للتحالفات خلف موسكو. والدليل على ذلك هو أنه عندما عانى رئيسها فلاديمير بوتن من نكسات عسكرية في أوكرانيا، اضطر إلى استدعاء السجناء الروس والمرتزقة الأجانب، وإلى حد محدود، الجنود الكوريين الشماليين.
في الشرق الأوسط، إن امتداد الصراع أصبح أكثر وضوحا، ولكن لم يحدث أي انفجار - حتى على المستوى الإقليمي - حتى الآن: لم يلتزم أي جندي أميركي أو أوروبي إلى جانب الجيش الإسرائيلي؛ ويوضح فريدريك إنسيل عاملاً رئيسياً آخر لاستكمال تحليله: وهو أن السكان المدنيين في مختلف أنحاء العالم أصبحوا مترددين بشكل متزايد في قبول تضحيات الحرب. ولكن «بدون الحد الأدنى من الدعم الشعبي لسياساتهم، فإن حتى أكثر الطغاة قمعاً سيجدون صعوبة في تنفيذها، وخاصة إذا كان الأمر يتعلق بإرسال الشباب إلى الجبهة»، كما يكتب. بالنسبة للمؤلف، فإن الحرب في أوكرانيا تقدم «مثالاً مثالياً لظاهرة التعب، في أفضل الأحوال، والرفض، وفي أسوأ الأحوال، للحرب، ليس فقط في أوكرانيا ولكن أيضاً في روسيا». وبحسب قوله فإن القوتين تكافحان من أجل تجنيد الرجال للجبهة.
ورغم أن أوكرانيا أظهرت قدرة ملحوظة على الصمود في وجه الغزو الروسي، إلا أننا لم نشهد تعبئة شعبية واسعة النطاق، كما كانت الحال في أوروبا عام 1914، كما يحلل. وفي أماكن أخرى من العالم، يبدو أن الرأي العام قد وصل إلى نفس النقطة. بعد قرن من التدخل، أصبح الأميركيون الآن أكثر تردداً في إرسال آلاف الشباب والمليارات من الدولارات للدفاع عن قضايا ودول ينظر إليها على أنها بعيدة. ومن جانبهم، فإن الأوروبيين، الذين ما زالوا يعانون من صدمة الحرب العالمية الثانية، لم يعودوا راغبين في دفع الثمن بالدم. ويختتم فريدريك إنسيل كتابه بتحليل المخاطر الجيوسياسية التي يفرضها انتخاب دونالد ترامب لولاية رئاسية جديدة في الولايات المتحدة. ويثير التقارب بين واشنطن وموسكو مخاوف من عودة الإمبريالية وعواقبها المحتملة على المدى الطويل. ولكن على نحو أكثر إلحاحا، فإن شبح الحرب العالمية يتراجع، حيث تدفع بوصلة دونالد ترامب الانعزالية والتجارية إلى رفض الحرب: فهي مكلفة للغاية ولا تجلب سوى القليل.
كما كانت الحال في أوروبا عام 1914.
وفي أماكن أخرى من العالم، يبدو أن الرأي العام قد وصل إلى نفس النقطة.
بعد قرن من التدخل، أصبح الأميركيون الآن أكثر تردداً في إرسال آلاف الشباب والمليارات من الدولارات للدفاع عن قضايا ودول ينظر إليها على أنها بعيدة. ومن جانبهم، فإن الأوروبيين، الذين ما زالوا يعانون من صدمة الحرب العالمية الثانية، لم يعودوا راغبين في دفع الثمن بالدم. ويختتم فريدريك إنسيل كتابه بتحليل المخاطر الجيوسياسية التي يفرضها انتخاب دونالد ترامب لولاية رئاسية جديدة في الولايات المتحدة. ويثير التقارب بين واشنطن وموسكو مخاوف من عودة الإمبريالية وعواقبها المحتملة على المدى الطويل. ولكن على نحو أكثر إلحاحا، فإن شبح الحرب العالمية يتراجع، حيث تدفع بوصلة دونالد ترامب الانعزالية والتجارية إلى رفض الحرب: فهي مكلفة للغاية ولا تجلب سوى القليل.